مع التقدم التقني خلال السنوات الأخيرة، غيّرت التقنيات الرقمية كيفية فهم الناس للعالم من حولهم والتفاعل معه، حيث أصبحت تلعب المنصات الاجتماعية الجديدة الآن دورًا مهمًا وأساسيًا وخطيرًا في توفير الأخبار والمعلومات المضللة منها والصحيحة. لكن الخوارزميات التي تشكل القلب النابض لهذه المنصات تميل إلى إعطاء الأولوية لما هو شائع على ما هو مهم للشؤون المدنية والعامة. وجاء تقرير العام 2017 الذي أصدرته مجموعة أميديار، "هل وسائل التواصل الاجتماعي تشكل تهديدًا للديمقراطية؟" ليصف "المنطق الخوارزمي" لمنصات الوسائط الاجتماعية بأنها "تهندس المشاركة الفيروسية[1] لمصلحة نماذج أعمالها".
ومع نمو منصات مثل Facebook وTwitter، تزداد أيضًا هيمنة المحتوى العاطفي والإثارة. أوضح رونالد ديبرت نائب الرئيس السابق للسياسة العالمية والتواصل ومراقب حرب المعلومات في كتابه، الصادر في يناير 2019، "ثلاث حقائق مؤلمة" مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي: أولاً، أن نموذج العمل يعتمد على المراقبة المستمرة لبيانات المستهلكين الشخصية؛ ثانيًا، سماح المستخدمين بمثل هذه المراقبة عن طيب خاطر؛ وثالثًا، أن وسائل التواصل الاجتماعي متوافقة في نواحٍ معينة مع الاستبداد. فلدى Facebook حوالي 2.6 مليار مستخدم على مستوى العالم، مما يخلق ما هو في الواقع نظام معلوماتي ضخم خاص به[2]. كما تمتلك Google، من جانبها، أكثر من 90% من سوق البحث العالمي وتتلقى 63000 عملية بحث في الثانية في اليوم.[3]
إنّ الدراسات الحديثة أثبتت أن وسائل التواصل الاجتماعي تعزل المنغمسين فيها عن الواقع الحقيقي وتربطهم بواقع افتراضي غير موجود[4]، إذ شكّلت منهم كتلة معزولة ليتحكم القائمون عن هذه الوسائل (قادة الحرب التركيبية) بإدراكها ووعيها ومعرفتها بالظروف، وكذلك ليتحكم بمشاعرها وقراراتها وسلوكها، وليؤثر في أذواقها ومعاييرها وينمّط إدراكها، وليفصلها عن المؤثرات وعوامل النقاش والعلاج المحلية، وكذلك ليتفرد بالتحكم بتلك الكتلة ويحركها لصالح قادة الحرب التركيبية. واستطاع قادة الحرب التركيبية احتكار وتعطيل الحاسة النقدية أثناء عملية التلقي أو الاستقبال للكتلة المعزولة وأصبحت كروبوت مقاتل بالوكالة عنهم يُستخدمون في أوقات السلم والحرب وكذلك في أوقات الانتخابات وكذلك خلال الثورات الملونة.
وفي هذه الورقة سيتم التعرف أكثر على هذه الكتلة المعزولة والتي يتم تأطيرها ضمن ما يمكن تسميته "الفقاعة الافتراضية" وعلى أدوارها وآليات عملها وأنواعها، والتي تعتبر جيلًا جديدًا في الثورات الملونة.
أولًا، حول الفقاعة الافتراضية وجنودها
التعريف:
تطورت وسائل التواصل الاجتماعي وتطورت معها استراتيجيات التوظيف، وصولاً إلى استخدامها لعزل فئة اجتماعية متنوعة عن الواقع الخارجي والتحكم بمشاعرها وسلوكياتها وقراراتها لحظة بلحظة، ومنعها من التأثر بالعوامل الأخرى المحلية، وتحويلها إلى أداة قتالية انقلابية أو فوضوية، بحيث يمكن تطويع من تم استدراجهم إلى تلك الفقاعة العازلة للقيام بأعمال تنفيذية أو تعبيرية دون وجود الظروف المناسبة لتحريضهم على القيام بالمطلوب منهم، وإنما بناءً على الواقع الافتراضي الذي تم اخضاعهم له. هي تجربة جديدة وجيل جديد في الثورات الملونة من خلال استخدام الادوات الافتراضية في صناعة وقائع احتجاجية و"ثورية".
النموذج التوضيحي:
جنديّ الفقاعة:
هو الشخص الذي تلقى الحملات التضليلية وتفاعل معها حتى أصبح معزولًا عن الواقع الحقيقي وتم استدراجه إلى الفقاعة الافتراضية عن قصد أو دون قصد.
أنواع الجنود داخل الفقاعة الافتراضية:
الجنديّ غير المدرك: شخص من داخل الفقاعة يتخذ إجراءات يحتمل أن تكون خطرة عن غير قصد ودون نية للإيذاء قد يقوم بالقتل لكن لأسباب افتراضية مصطنعة. ليس لديهم دافع أو موقف سياسي ولم يقرروا بوعي التصرف.
الجنديّ المدرك: شخص من داخل الفقاعة، يتخذ قرارًا باتخاذ إجراء محفوف بالمخاطر. ليس لديهم دافع ولكنهم قرروا بوعي التصرف بشكل خطر.
الجنديّ الخطر: شخص من داخل الفقاعة يتخذ عن عمد إجراءات لإلحاق الضرر. لديهم دوافع، سواء كانت مالية أو متعلقة بموقف سياسي، وقد اتخذوا قرارًا واعيًا للتصرف بناءً عليها.
الجنديّ القيادي: شخص داخل الفقاعة يعتبر الأكثر تأثيرًا بين المجندين، ويستقطب مجندين جدد عن قصد وله دافع مادي أو متعلق بموقف سياسي، ويتخذ إجراءات خطرة يمكن أن تتحول إلى تهديد ويشجع باقي المجندين عليها.
الفئة المؤهلة لدخول الفقاعة:
- إن الأفراد المنغمسين بوسائل التواصل الاجتماعي المعزولين عن محيطهم الخارجي تكون جاهزيتهم للدخول إلى هذه الفقاعة عالية جدًّا.
- الفئة الشبابية التي لا تهتم بالشأن السياسي ولكنها تتابع الشخصيات الافتراضية المؤثرة والتي تلعب دور الجنديّ القيادي في الفقاعة الافتراضية.
- الأشخاص الذي لديهم شكوك ويبحثون عبر الويب على أخبار معيّنة، تلتقطهم الخوارزميات وتظهر لهم المزيد من الأخبار المزيفة.
- الأشخاص الذي لديهم موقف سياسي معيّن، ولا يقومون بأعمال خطرة.
- الأشخاص الذي لديهم موقف سياسي معيّن، ويقومون بأعمال خطرة عن قصد.
كيفية التجنيد:
التجنيد لا يحتاج إلى جهد كبير كالسابق، فالفرد أصبح يجنّد نفسه عن غير قصد، فهو فقط يقوم بتحديد مصادر معلوماته من جهات إعلامية إفتراضية أو من المؤثرين على وسائل التواصل الإفتراضي ومن دون إدراك خلفياتهم، ينغمس بآرائهم وتوجهاتهم الإفتراضية، ويعطي المصداقية لهم. إذًا هكذا يصبح مجنّداً داخل الفقاعة ويستطيع قادة الحرب التركيبية التحكم بمشاعره وبمعرفته وسلوكه وباجراءاته ورغباته وإدراكه.
دور القائمين على الفقاعة الافتراضية:
- اختراع وانتاج الرأي العام.
- الإثارة من خلال الأعمال الاجرامية وردود الفعل.
- الترويج المصطنع من خلال جيوش الكترونية ومجموعات وشخصيات خارجية.
- استخدام نموذج سوروس[5] في الاستعراض الميداني وانتاج سلوكيات فردية يتم ترويجها وتعميمها.
مراحل التجنيد:
من يدخل إلى الفقاعة الافتراضية يمرّ بعدّة مراحل بدءًا من:
ثانيًا، نماذج لتفسير الفقاعة الافتراضية
هناك 7 نماذج لتفسير الفقاعة الإفتراضية يقوم بها قادة الحرب التركيبية، وهي: بناء كتلة مقاتلة بناءً على رؤية افتراضية، التأثير على المجتمع، التحسس الدفاعي تجاه الأحداث، خلق نظرة مختلفة إلى أولويات القيم والضرورات والمخاطر، الولاء للشخصيات الإفتراضية، تبديل الحياة الاجتماعية والهوية، دمج الفئات المحلية بعناصر خارجية.
سيتم عرض وشرح هذه النماذج مع تقديم أمثلة لكل منها تم تطبيقها في الساحة الإيرانية عقب وفاة مهسا أميني على الشكل التالي:
بناء كتلة مقاتلة بناءً على رؤية افتراضية
في السابق، ومن أجل ولادة ثورة ملونة كان يتطلب توافر عدّة عوامل منها الزمان والمكان والأفراد واللوجستيات والتمويل.. أمّا اليوم فأصبح قائد هذه الثورات لديه آلاف من المجندين يتحركون بأنفسهم حتّى من دون إشارة منه. الكتلة المقاتلة هم مجندين الفقاعة الافتراضية المستعدون للقتال بناءً على الأفكار التضليلية.
على سبيل المثال، في الحالة الإيرانية، خلال ثلاثة أشهر استطاع قادة الحرب التركيبية أن يستدرج 100 ألف شخص إلى الفقاعة الإفتراضية وعزلهم عن الواقع الحقيقي واقناعهم بواقع مغاير، وصنع من خلال 100 ألف شخص سلوك جماعي وواقع جماعي و"دافع ثوري" مفبرك، وبالتالي كتلة قتالية نتيجة الواقع الافتراضي. فـ "إيران أنترناشونال" على سبيل المثال وحدها كانت تبثّ يوميًّا 100 خبر كاذب بهدف صنع هذا الواقع الافتراضي وتحريك المجندين أتوماتيكيًّا من أجل القيام بأعمال شغب وقتل وإجرام، بالإضافة إلى عدد هائل من قادة الرأي والمنصات الخبرية الإفتراضية الأخرى مثل شبكة صوت أميركا الفارسية وشبكة مانوتو وبي بي سي الفارسية، إلى جانب منظومة الإعلام الغربي والسعودي بكاملها.
تأثير على المجتمع
يبدأ هذا النموذج بالعمل حين يبدأ قادة الرأي العام بدفع أفراد المجتمع للتفكير بأنهم مخطئون، حتّى لو كانوا على صواب. تتعرض المجتمعات لوابل من الأفكار والتيارات التي تتسلط عليها وتؤثر في تشكيل وعيها خلال فترات طويلة من الزمن، والتي تندرج ضمن العقل اللاواعي لشرائح المجتمع المختلفة حتى تصبح تلك الأفكار قناعات ومسلّمات تضحّي الجماهير في سبيلها، وهذا ما يجعلها في كثير من الأحيان تقوم بأمور خطيرة أو غير متوقعة ومتقلبة نتيجة الحماس المفرط واللالتزام اتجاه قناعاتها وفي مقدّمة هذه الأفكار هي إستمالة المرأة وتحويلها إلى تابع للسياسة الأمريكية عبر دفعها نحو تغيير دورها الاجتماعي.
على سبيل المثال، في الحالة الإيرانية، صنع قادة الرأي اهتمامات وقضايا حقوقية في مقدمتها "قضية المرأة الإيرانية وقضية الفقر والحرمان" في المجتمع الإيراني، لإبعاد الرأي العام عن القضية الحقيقية وهي الحصار الأمريكي على إيران. كذلك أثّر قادة الرأي العام على مسلّمات المجتمع الإيراني المعروف أنه مجتمع محافظ منذ الثورة الإسلامية مثل توزيع الأدوار بين الرجال والنساء، وجعلوا من هذا التوزيع قضية خلافية.
وفي تقييم مراكز الفكر الغربية للفئة المحتجة في الساحة الإيرانية، تبيّن أن الجيل الجديد (1996-2005) هم الفئة الأكبر من المحتجين، والذين يميلون إلى التشكيك في السلطة ولا يؤمنون بالخطوط الحمراء التي يرسمها المجتمع أو النظام. تطلق مراكز الفكر على هذه الفئة[6] اسم ZOOMERS، والمتشككون و المواطنون الرقميون، وهي الفئة التي تم التلاعب بعقولها على فترة من الزمن للـ"تغيير" و"المطالبة بالحريات"، و"إسقاط النظام الإيراني" من أجل "تشكيل مستقبل إيران". وهنا إشارة إلى أن الأفكار المضللة غرست في عقول هذه الفئة فكرة "تحميل مسؤولية التغيير التي لم يستطيع الجيل القديم تحقيقها بسبب خوفهم من استبداد النظام الإيراني" وأقنعوهم بأنهم "الأكثر شجاعة من الجيل السابق" وأن "الجيل القديم معجب بما يقوم به الجيل الجديد ويضع آماله عليه".[7] كما تؤكد الدراسات العملية أن هذه الفئة هي الأكثر انغماسًا في العالم الافتراضي ولا تمتلك رؤية واضحة وتميل إلى الإنفعال العاطفي والتأثر السريع،[8] لذلك من السهل التلاعب في مشاعرها وتوجيه سلوكها.
التحسس الدفاعي تجاه الأحداث
اعتمد قادة الحرب التركيبية على نظرية العقل التنبؤي والتي تعمل على التحكم بالعمليات الإدراكية في العقل اللاواعي من أجل إصدار الأحكام والقرارات والدوافع والانفعالات بسرعة وتلقائية بناءً على ما تم تغذيته سابقًا في عمليات التضليل، بالإضافة إلى التنبؤ بالأحداث والقيام بردود فعل عليها بسرعة حالما تنشأ، من دون أن يسمح للتفكير المنطقي أو التأمل في إصدار الإشارات للعقل. ويقدّم العلماء مثال على هذه النظرية: "تتنبأ العمليات اللاواعية بمسار الكرة المقذوفة إلينا، وتعدِّل حركة أطرافنا تبعًا لذلك". وبما أن مجنّد الفقاعة قابل للتحكم وتحت السيطرة 24/24 ساعة، فهو كل لحظة يمارس عليه التأثير والتضليل والسيطرة على وعيه وتغذيتها بشكل متواصل ولا يستطيع أن يراجع صحّة الأحداث، فستكون المعالجة الواعية بالنسبة له صعبة جدًّا. وبحسب العلماء "إذا انعطفت الكرة بزاوية قائمة فجأة فلن يستطيع اتخاذ المعالجة اللازمة لأن دوافعه المسبقة تتحكم بردود أفعاله". يقول عالم الفيسيولوجي هيرمان فون هلمهولتز أن "الآليات المبرمَجة مسبقًا تُشكِّل رؤيتنا عن العالم دون أي جهد منا على الإطلاق، والآن يفترض نموذج العقل التنبؤي أن هذه التلقائية لا تُشكِّل إدراكنا فحسب، بل تشكِّل جميع العمليات العقلية، بما فيها أحكامنا وقراراتنا وأفعالنا."
على سبيل المثال، في الحالة الإيرانية، الملتحقون المجندون، الذين قتلوا أفراد من الشرطة، ليس لهم موقف سياسي ولم يكونوا محضرين لهذا الفعل الاجرامي. ولكن نتيجة دخولهم إلى الفقاعة الإفتراضية ونتيجة التحريض وعدد الأخبار الكاذبة والملفقة ونتيجة التحكم بالعمليات الادراكية والعمليات اللاوعية من خلال هذه الأخبار، أصبحت هذه الفئة من الأفراد تعتبر أن الشرطة الإيرانية هي عدوّهم وستقتلهم في حال وقف شرطي فقط أمامهم من دون أن يحمل حتّى بندقية، وبالتالي أقدموا على استباق الأحداث وقتل أفراد من الشرطة لحماية نفسهم بتنبؤهم بأنه قاتل نتيجة عشرات الآلاف الأخبار التي بثتها وسائل الإعلام بأن الشرطة الإيرانية مجرمة وقاتلة.
خلق نظرة مختلفة إلى أولويات القيم والضرورات والمخاطر
تؤكّد الدراسات الاجتماعية والنفسية[9] أن القيم هي التي تؤثر على الأولويات الاستراتيجية والأهداف والقرارات وعلى السلوك، إذ أن القيم هي السبب التي تجعل الفرد يقضي الوقت في القيام بأنشطة معينة، والدافع وراء ما يفعله ويقوله، والخيارات والقرارات التي يتخذها. والقيم هي التي تجمع بين المبادىء الأخلاقية للفرد وبين تفضيلاته الشخصية والتي بدورها تؤثر على قراراته. وغالبًا في المجتمعات المحافظة، المرجعيات الدينية هي التي تحدد القيم المجتمعية. لذلك عمل قادة الحرب التركيبية على خلق نظرة مختلقة للقيم المجتمعية من أجل توجيه المجتمع إلى الاهتمام بأمور غير مطابقة مع قيمهم الأصلية وبالتالي تحقيق مصالحهم وأهدافهم داخل هذه الدول.
على سبيل المثال في الحالة الإيرانية، ومع الكم الضخم من الحملات التضليلية حول الحريات والتقييدات الدينية والاعتراض على إلزامية الحجاب، تغيّرت قناعات فئة الفقاعة وتركزّت أولوياتهم بناءً على ما تم تغذيتهم به في الحملات التضليلية، وبالتالي توجهت سلوكياتهم لتحقيق قيمهم الجديدة. فأصبحت فئة الفقاعة تطالب بالحريات العامة والحرية العلمانية بعيدًا عن "التقييدات" الدينية بالرغم من أن المجتمع الإيراني معروف أنه مجتمع محافظ، وتحديدًا عبر الاعتراض على الحجاب. وتوجهت الدوافع الثورية لهذه الفئة نحو استهداف دستور النظام عبر التصويب على قوانين الحجاب، وفي استهداف النظام مع انتقال الصخب من مرحلة مواجهة الحالة الدينية إلى رفض وجود النظام الإسلامي، ووجهت الدوافع النفسية التي حركتها عدوى "سيكولوجية الجماهير" نحو الالتحاق بالمشاركين في الشارع، وخاصة الإناث.
في هذه المرحلة، بدلاً من التركيز على الحصار الاقتصادي التي تفرضه الولايات المتحدة والتي من خلاله تسلب حق الشعب الإيراني في العيش ببحبوحة وبحريّة، تم اختزالها في طريقة ارتداء الحجاب أو المناقشات حول ما إذا كان بإمكان النساء الذهاب إلى مباريات كرة القدم. إنه مؤشر مهم لإظهار كيف أصبحت القيم الأخلاقية المسيسة ضحلة.
هذه القيم المتغيّرة، وجهّت سلوكيات فئة الفقاعة نحو نشر الفوضى والعنف للمطالبة بالحرية والقيام باستعراضات اعتراضية تجذب الفئات الشبابية للانضمام إلى حركة الاحتجاج القائمة، والعمل على تحريض قطاعات وشرائح غير مشاركة في الاحتجاجات، عبر استثمار الوضع المعيشي في الاحتجاجات، والقيام بالعنف المسلح وغير المسلح عبر الصدام وأعمال التخريب والاعتراض المتواصل والمواجهة المؤذية جسديًا مع الأجهزة الأمنية والفئات المؤيدة للنظام ورموزه.
الولاء للشخصيات الافتراضية
يستخدم قادة الحرب التركيبية الشخصيات الافتراضية لتجنيد الأشخاص الذي يصعب الوصول إليهم ولاستمرار السيطرة على المجندين داخل الفقاعة.[10]
اعتمد قادة الحرب التركيبية على التسويق الشفهي الإلكتروني للعمليات التضليلية والذي يشمل شخصيات بارزة كقادة رأي، يشار إليهم "بالمؤثرين". يمكن أن يكون المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي، مدونين، خبراء، مشاهير، قاموا ببناء جمهور يتابع المحتوى الذي تم إنشاؤه. إذ يتطلع جمهورهم على منصات المؤثرين ليس فقط لمنح المعلومة، ولكن أيضًا للاتصال الشخصي. هنا تكمن قوة هذه العلاقة الافتراضية حيث يشعر المتابعون بمشاعر الإلفة والتواصل والقصص والتجارب التي يشاركها المؤثر. ويعكس الارتباط العاطفي العلاقات الاجتماعية الحقيقية، مثل أن ينظر المتابعين إلى توصيات المؤثرين على أنها ذات مصداقية، على غرار توصيات صديق موثوق أو توصيات أسرته. لذلك يستخدم قادة الحرب التركيبية هذه القوّة المقنعة لنجاح العمليات التضليلية بما فيها من قوّة تأثير كبيرة على كافة شرائح المجتمع وتصل إلى شرائح لا يستطيعون الوصول لها بطريقة سهلة على سبيل المثال الفئات الشبابية التي لا تهتم بالشأن السياسي ولا تتابع المواقع الإخبارية فهي تجندهم من خلال متابعتهم للمؤثرين في مجال الأزياء أو الفن او "لايف كوتش". أمًا عن سبب انخراط المؤثرين في العمليات التضليلية والذين من الأساس يصنفون كمجنّد قائد فبكل بساطة فهو لزيادة رغبتهم بالشهرة والشعور بشهوة القيادة بالإضافة إلى المردود المالي الذي يتم جنيه إمّا من خلال تلقي منتجات مجانية أو هدايا من المتابعين تعبيرًا عن ولائهم لهم والتعويض المالي بسبب "اللايف" وعدد المشاهدات العالية على منصاتهم وهو الأمر الأهم بالنسبة لثقافة المؤثر.
على سبيل المثال، في الحالة الإيرانية، تم صناعة شخصية علي كريمي، لاعب كرة القدم السابق والذي لديه علاقة متوترة مع منظمة كرة القدم الإيرانية أي أن الدافع موجود، وهو يعيش خارج إيران، وليس شخصية سياسية ولكنه محبوب ومعروف في المجتمع الإيراني، وبالتعاون مع شركة تويتر، صنعوا منه شخصية مؤثرة إفتراضيًا، إذ أضاف تويتر له عدد كبير من المتابعين وعدد ضخم من الحسابات الوهمية، وقاموا بإعادة تغريد منشوراته ووجهوه لنشر بيانات ثورية. صنعوا منه حالة ثورية ومارس دور "الحالة الشعبية الجماهرية المؤثرة" وبدأ يعطي أوامر بأعمال العنف أثناء الاحتجاجات الإيرانية.
تبديل الحياة الاجتماعية والهوية
في كتاب عالم النفس الاجتماعي كينيث جيرجن لعام 1991، "الذات المشبعة"، حذر من العالم الافتراضي حيث يمكن للتكنولوجيا أن تشبع البشر إلى درجة كبيرة جدًّا، وهي نسخة مجزأة من الذات يتم سحبها في اتجاهات كثيرة بحيث يضيع الفرد مع هويته. وكتبت الأخصائية النفسية الإكلينيكية شيري توركل في كتابها "وحدنا معًا: لماذا نتوقع المزيد من التكنولوجيا وأقل من بعضنا البعض": "يبقى الأثر النفسي طويل المدى لوسائل التواصل الاجتماعي على الأفراد وشعورهم الفردي "بالذات" غير واضح. لكن هناك شيء واحد نعرفه. لقد تم رقمنة حياتنا اليومية وتعقبها وربطها بالمقاييس. لقد انقسمت ذواتنا الحقيقية إلى صور رمزية عبر الإنترنت وصور الملف الشخصي وتحديثات الحالة. وعلى الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل Facebook و Twitter و LinkedIn هي أدوات قوية لديها القدرة على بناء مجتمعات، وربط الأقارب في الأماكن النائية، والاستفادة من الوظائف، وحتى انتخاب رؤساء الولايات المتحدة، فإنها تطلق أيضًا العنان لعدد لا يحصى من القضايا النفسية المعقدة التي غيرت إحساسنا الجماعي بالواقع."[11]
الذات الاجتماعية هي القناة الرئيسة التي من خلالها تمارس تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وبخاصة وسائط الإعلام الاجتماعي، تأثيرًا عميقًا في الهوية الشخصية. إنها تغير الظروف الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد، وتُعَدّل ما يتمتع به من شبكة علاقات وتدفق للمعلومات، وبشكل غير مباشر تعيد تشكيل طبيعة ونطاق القيود والقدرات التي تحكم تقديم ذاته إلى العالم وإلى نفسه. ومن ثمّ ربما يجري تحديث جذري لذاته الاجتماعية، ينعكس على تصوراته الذهنية عن ذاته، وهو ما يفضي إلى تشكيل هويته الشخصية. على سبيل المثال: عندما يشجع المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي المحتجين على القيام بتحركات "ثورية" من أجل تغيير واقعهم ومستقبلهم وبأنهم الجيل القادر على التغيير والذي يعوّل عليه الجيل السابق وهو يحبّ أن يحسّن من ظروف حياته الواقعية، فإنه بالفعل سيقدم على فعل المستحيل حتى لو كان عملًا إجراميًا وغير واقعيًا من أجل تحقيق التغيير.
هناك بعض المعضلات التقليدية بشأن الهوية الشخصية، تتعلق هذه المعضلات بالاستمرارية عبر الزمن أو عبر السيناريوهات المحتملة. إن ظاهرة بناء الهويات الشخصية على الإنترنت ربما تبدو برمتها عبثية ومشتتة، نوعًا من "الفلسفة للمبتدئين[12]"، ولا تستحق التأمل الجاد. ولكن في العالم الحقيقي، فإن عملية البناء هذه هي واقع ملموس وقضية ملّحة لعدد متزايد من الناس الذين عاشوا كل حياتهم الراشدة منغمسين بالفعل في فيسبوك، وغوغل بلس، ولينكد إن، وتويتر، والمدونات، ويوتيوب وفليكر، وغير ذلك. هؤلاء الناس يرون التساؤل عن هوياتهم الشخصية على الإنترنت أمرًا طبيعيًا، ويتعاملون مع شخصياتهم على أنها قيد التطوير، ويجتهدون يوميًا لتشكيلها وتحديثها. تلتقط الخوارزميات هذه التساؤلات والهواجس وتستغلّها لعرض المزيد من الأخبار والدعايات وتعرض عليه متابعة "المؤثرين المشاهير" الذين يحظون بحياة مثالية ويتمتعون بالـ"حريات" وبدورهم يحددون الهوية الجديدة للشخص الذي يتابعهم.[13]
فالوسائط الإجتماعية تمثل أيضًا فرصة غير مسبوقة لتغيير الذات الاجتماعية، إذ يختار الفرد بمرونة أكثر من هم الأناس الآخرون الذين تخلق أفكارهم والتواصل معهم شخصيته الاجتماعية، ومن ثمّ بشكل غير مباشر، لتحديد هويته الشخصية.
في الحالة الإيرانية على سبيل المثال، يستخدم المتظاهرون المنغمسون في وسائل التواصل العنف بمجرد صياغة مظالمهم من حيث الهوية. إذ أن فئة الفقاعة التي خرجت ومارست العنف في الشارع الإيراني كانت تحاول أن تظهر أنها تسعى إلى تبديل هويتها (الدينية والإسلامية) والتي عبّرت عنها بسلوكيات مثل نزع الحجاب في الشارع، على الرغم من أن هذه الفئة أغلبها محافظة ومتديّنة وترتدي الحجاب عن قناعة[14]. شدد المتظاهرون من فئة الفقاعة على أن المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي لأبناء وأحفاد كبار المسؤولين الإيرانيين السابقين (في زمن الشاه) تظهر أنهم يعيشون حياة مختلفة تمامًا عنهم، (حياة الرفاهية والأموال والحرية)، على عكس الإيرانيين الذين يمتثلون للنظام الإيراني. إذًا وسائل التواصل وجهّت الفئة نحو تغيير هويتهم الإسلامية نحو هوية جديدة غير إسلامية فقط من أجل أن يعيشوا حالة الصور التي يعرضها أبناء المسؤولين السابقين في زمن الشاه.
دمج الفئات المحلية بعناصر خارجية
يشجع قادة الفقاعة الافتراضية مجنديها للدخول إلى الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية بما فيها من طابع حقوقي وإنساني بأهداف متعددة، والتي تضمّ أيضًا شخصيات وعناصر من الخارج بهدف تحقيق الدمج وبالتالي تحقيق التأثير الأكبر عليهم وضمان تحفيزهم على التغيير والاحتجاج وإثارة المشاعر الثورية. ويأتي ذلك من خلال مقارنة مجندي الفقاعة أنفسهم بواقع العناصر الخارجية وبتعاطف الأخيرة معهم وإحساسهم بالوقوف إلى جانبهم ماديًا ومعنويًا، بالإضافة تشجيع العناصر الخارجية على استمرار الأعمال العنفية واللاعنفية لتحقيق التغيير. على سبيل المثال، عندما قامت النساء بخلع حجابهن في الشوارع الإيرانية، قامت العناصر الخارجية بتشجيعهن على الاستمرار في هذا العمل عبر تصوير مشهد لنساء تخلع الحجاب في دول خارج إيران ونشرها على التيك توك وتويتر وأنستغرام، وأيضًا تحويل الإيرانية التي تتظاهر دون حجاب إلى رمز للحركات الاحتجاجية[15]"وكما عملت مسيح على نجاد والتي تعيش خارج إيران والتي تعتبر من قيادة الفقاعة الافتراضية في الخارج الإيراني، شجعت جنود الفقاعة في الداخل الإيراني للدخول افتراضياً لـ "المنظمة العالمية للحرية" والتي عملت على توحيد المعارضين الإيرانيين في الخارج ودمجهم مع المعارضين في الداخل الإيراني، وتقديم برامج عمل للمحتجين في الداخل لممارسة العنف وقيادة الاضطرابات وكذلك في تأجيج استمراريتها، تحت مسميات تمكين الشباب والمرأة خاصة.
ثالثًا، الفقاعة الافتراضية الجيل الجديد من الثورات الملونة: إيران نموذجًا
منذ لحظة وفاة الشابة مهسا أميني بدأت عملية التضليل وضخّ الأخبار الكاذبة والمزيّفة بكميات ضخمة، وذلك لهدفين، الأول لإثارة المشاعر الثورية لدى جنود الفقاعة وضمان السيطرة عليهم، والثاني لتحويل أكبر عدد من الإيرانيين "المعارضين غير المؤثرين" إلى جنود الفقاعة. إذ نشرت بي بي سي فارسي، وقناة صوت أميركا وراديو فردا وقناة إيران أنترناشيونال وقناة من وتو ما مجموعه 38003 كذبة في 47 يومًا وذلك فقط على صفحاتهم على الوسائل الإفتراضية. بالتوازي مع عمليات ضخّ المعلومات الكاذبة والمزيفة، عمل قادة الحرب التركيبية على تعويم قادة الرأي (المجند القائد في الفقاعة) وتوجيه سلوكه بعد نجاح التأثير على عملياته النفسية والإدراكية من أجل تحريك إنفعالاته نحو اتخاذ إجراءات تحريضية والتشجيع على الثورة وخلق "الشعارات المزيفة" و لتحويل الواقع الافتراضي المبني على الأخبار المزيفة إلى إجراءات حقيقية في الواقع الحقيقي. على سبيل المثال، بعدما عاش علي كريمي (الجندي القائد) الحالة الثورية الجماهرية التي تم تغذيتها من قبل تويتر بناءًا على الأخبار المزيفة والمتابعين المزيفين، بدء يوجه المتظاهرين (جنود الفقاعة) بقيام عمليات قتل وإجرام في الشارع الإيراني من أجل إسقاط النظام وأيضًا من أجل تشجيع المتظاهرين العاديين إلى الانضمام إلى الفقاعة الإفتراضية والالتحاق بالحالة الثورية لقيام بالأعمال الإجرامية. إذًا خرج علي كريمي والتابعين له من الواقع الافتراضي واتخذوا إجراءات واقعية إجرامية وحوّل الحوافز الافتراضية لإجراءات واقعية، من دون الحاجة إلى مبررات فعلية بل بناءًا على الأخبار المزيفة فقط.
إذًا يمكننا القول أن الثورات الملونة الجديدة مثل التي حصلت في إيران هي لم تعد تحتاج لا لمبررات ولا للوجيستيات ولا زمان ولا مكان بل فقط لحدث غير مهم إن كان مزيّفًا أم لا، ولما هو أهم من الحدث، إلى الكمية الضخمة من الأخبار الكاذبة والتي بدورها تلعب الدور الأساسي كموجه ومحرّك ومسيطر على الثورات الملونة وعلى سلوكيات وانفعالات وقرارات وادراك مجندي الفقاعة وقادة الرأي.
رابعًا، طرق معالجة الفقاعة الافتراضية
لأن أصل الفقاعة الافتراضية هي الحملات التضليلية والأخبار المزيفة فهي ليست قضية يمكن معالجتها ببساطة عن طريق المزيد من الوقاية المعلوماتية والمزيد من السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي لأن الأفراد ضمن الدوائر الاجتماعية عادة ما يرغبون في متابعة نفس المحتويات التي اعتادوا على متابعتها. وإذا لم يفعلوا ذلك، فستحرص الخوارزميات مثل تلك التي يستخدمها Facebook و Twitter في إظهار الأخبار المشابهة لما تم قراءته سابقًا. هذه الفقاعة هي النسخة الحديثة للكهوف التي وصفها أفلاطون ذات مرة في قصته الرمزية[16]. ومثل أسرى الكهف، كلما طالت مدة بقاء الأفراد داخل الفقاعة، زاد اقتناعهم بحقيقتهم، وبالتالي يشككون في كل حقيقة أخرى تُعرض عليهم. والذي يزيد الأمر صعوبة هو أن الأخبار المزيفة تصف أن "النظام الإيراني" يقدم أخبارًا مزيفةً ما يحجب عنهم فعالية الحملات المضادة.
فكيف يمكن تحذير الأفراد من الأخبار المزيفة عندما ينظر إليها مجنّد الفقاعة على أنها مزوّد للأخبار المزيفة بحد ذاته؟ كيف يمكن لمواقع التحقق من الأخبار التابعة للنظام أن تكافح مثل هذه "الأخبار الزائفة" عندما ينظر إليها مجنّد الفقاعة على أنها مزيفة أيضًا؟
إذًا يجب بناء الاستراتيجية إعلامية مختصة بالمواطنين تعمل لردع "المتلقي" الذي يمارس عليه الحملات التضليلية من الدخول إلى الفقاعة الافتراضية لأن في حين دخل إلى هذه الفقاعة يصعب جدًّا الخروج منها. مع الانتباه إلى عدم تعزيز قدرة جنود الفقاعة على التأثير عبر تعبيرهم عن "مظالمهم" وإثبات صحة الروايات المزيفة بالتدخل والسيطرة وتعزيز روايتهم بأنهم "ضحايا" أعمال النظام المقيّدة للحريات.
نقدّم بعض الاقتراحات تأخد في عين الاعتبار في بناء هذه الاستراتيجية:
- كبح بناء التصورات المضللة، من خلال مواجهة الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية واعتبارها معركة حاسمة.
- من الضروري تحديد ما نعنيه بـ "الأخبار المزيفة" وخطاب الكراهية بشكل صحيح. غالبًا ما يتم الخلط بين مصطلحات "الأخبار المزيفة" ومفاهيم مثل المعلومات الخاطئة أو الدعاية. تختلف "الأخبار الخاطئة" أيضًا عن "الأخبار المزيفة": تشير كلمة "مزيفة" إلى أن المعلومات قد تم تسويقها، وتصميمها لتبدو صحيحة، بينما تشير كلمة "خاطئة" إلى أنها ناتجة عن خطأ، طوعيًا أم لا. وفقًا لقاموس Macquarie الأسترالي، الذي اختار "الأخبار المزيفة" باعتبارها "كلمة العام" لعام 2016، والتي تعني "المعلومات المضللة والخداع المنشورة على مواقع الويب لأغراض سياسية أو لزيادة حركة المرور على الويب، حيث يتم تمرير المعلومات غير الصحيحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، وهي معلومات كاذبة يتم تداولها عن عمد بقصد التأثير على آراء من يتلقونها. ووفقًا لقاموس أكسفورد، فإن خطاب الكراهية هو "خطاب أو كتابة مسيئة أو تهديدية تعبر عن التحيز ضد مجموعة معينة، خاصة على أساس العرق أو الدين أو التوجه الجنسي". إذا بدا هذا التعريف صحيحًا، فإنه يثير تحديات قانونية.
- توفير مواقع للتحقق من الحقائق من أجل معالجة الحملات التضليلية.
- معالجة جذور الأخبار المزيفة بدل من معالجة تداعياتها، أي تفنيد أسباب كل خبر مزيف وعرضه للرأي العام مع شواهد ودلائل.
- عدم الإعلان عن حملات مواجهة التضليل والأخبار المزيفة لأنها ستزيد من حجج جنود الفقاعة بالقمع وعدم الحريات وستزيد خطاب الكراهية، ومن الأفضل أن تكون حملات مبطنة وغير مباشرة والذي بدورها لا تسبب "النفور" عند المتلقي العادي أو عند مجنّد الفقاعة.
المصادر والمراجع:
The Era of Manipulation, Christopher Walker, journal of democracy, oct 202
Does Social Media Create Isolation?, regis college, oct 2021
Iran’s rising Generation Z at the forefront of protests, Middle East Institute, oct 2022
How Age Influences Social Media Preferences, alden university,2022
How Do Values Affect Priorities, brillantio, Valerie Forgeard, jun 2022
Engaging Social Media Influencers to Recruit Hard-to-Reach Populations ,ncbi,jan 2022
A Virtual Life: How Social Media Changes Our Perceptions, Sherry Thomason October 7, 2016
الثورة الرابعة: كيف يعيد الغلاف المعلوماتي تشكيل الواقع الإنساني، لوتشيانو فلوريدي، المجلس الوطني للثقافة والفنون، ص: 91
ملف معلومات: تشريح الفئات المعترضة في الشارع الإيراني، مركز يوفيد، 9-11-2022
مسيح نجاد لـCNN: حملة خلع الحجاب بدأت من داخل إيران.
مقابلة مدير مركز يوفيد الأستاذ هادي قبيسي في برنامج بانوراما اليوم: تقرير أميركي يكشف التزييف... إعلامنا يضلل أحداث إيران & أميركا وألمانيا... تبعية أم ندية؟
الهوامش:
[1] تعدّ هذه المشاركة "فيروسية" لأنها مبنية على معلومات مضللة وأخبار زائفة أي أنها مسمومة وهذه المشاركة سريعة العدوى فهي تضرب المنخرطين في الوسائط الاجتماعية بشكل سريع وعلى نظاق واسع.
[2] The Era of Manipulation, Christopher Walker, journal of democracy, oct 2022
[3] المصدر السابق
[4] Does Social Media Create Isolation?, regis college, oct 2021
[5] تأمّل العبارة "إنّها تمطر". هذه العبارة صحيحة أو خاطئة اعتمادًا على ما إذا كانت تمطر بالفعل؟ الآن فكّر في العبارة "هذه لحظة ثوريّة". هذه العبارة انعكاسية، وتعتمد قيمتها الحقيقية على تأثيرها. العبارات الانعكاسية لها بعض التقارب مع مفارقة الكذب، وهي عبارة ذات مرجعية ذاتية. ولكن بينما تم تحليل المرجع الذاتي على نطاق واسع، فإن الانعكاسية تلّقت اهتمامًا أقلّ بكثير. هذا غريب، لأن الانعكاسية لها تأثير على العالم الحقيقي، بينما المرجعية الذاتية هي ظاهرة لغويّة بحتة. جورج سوروس، فاينانشيل تايمز، 27 أوكتوبر 2009.
[6] Iran’s rising Generation Z at the forefront of protests, Middle East Institute, oct 2022
[7] المصدر السابق
[8] How Age Influences Social Media Preferences, alden university,2022
[9] How Do Values Affect Priorities, brillantio, Valerie Forgeard, jun 2022
[10] أنظر:jan 2022 ncbi، Engaging Social Media Influencers to Recruit Hard-to-Reach Populations
[11] A Virtual Life: How Social Media Changes Our Perceptions, Sherry Thomason October 7, 2016
[12] على سبيل المثال الأشخاص الذين يبحثون عن أجوبة لهذه الأسئلة عبر الانترنت هل أنت نفس الشخص الذي كنته في العام الماضي؟ هل سوف تكون نفس الشخص إذا كنت قد نشأت في مكان مختلف؟ كم سوف يتبقى من ذاتك إذا ما غرس عقلك في جسد مختلف؟
[13] الثورة الرابعة: كيف يعيد الغلاف المعلوماتي تشكيل الواقع الإنساني، لوتشيانو فلوريدي، المجلس الوطني للثقافة والفنون، ص: 91
[14] راجع ملف معلومات: تشريح الفئات المعترضة في الشارع الإيراني، مركز يوفيد، 9-11-2022
[16] يروي سقراط عن مجموعة من السجناء الموجودين في كهف منذ طفولتهم مقيَّدين من أرجلهم وأعناقهم بسلاسل حديدية تمنعهم من تحريك رؤوسهم يمينا ويسارا وإلى الوراء؛ حيث يجلسون القرفصاء مواجهين لحائط، بحيث تقع خلفهم فتحة الكهف. وإلى هذا الحد من القصة، لا يوجد معنى حقيق لها إلا عندما يستأنف سقراط حديثه بالقول: “عندما يسير الناس بجوار فتحة الكهف تنعكس صورهم والأشياء التي يحملونها على الحائط، ووقتها يظن السجناء أن الصور والظلال التي يرونها على الحائط أمامهم ما هي إلا موضوعات حقيقية، وأن أصوات الأفراد في الخارج اعتقدوا أنها أصوات الظلال التي يرونها على الحائط.
يوما ما، استطاع أحد السجناء التحرُّر من قيوده، واستطاع أن يخرج خارج الكهف.. في البداية، لم يستطع الإبصار نتيجة ضوء الشمس، وظن أن ما يراه ما هو إلا أوهام وظنون، ولكنه تدريجيًّا استطاع أن ينظر إلى الأشياء حتى استطاع أن ينظر إلى الشمس ذاتها. ولكنَّ السؤال المهم، والذي طرحه سقراط في تلك المرحلة: هل هذا السجين كان قادرا على أن يعقل ما يراه؟
ولهذا؛ يُدرك السجين الحُر أنَّ العالم الحقيقي أهم ومتفوق على العالم الذي عاشه في الكهف؛ لهذا فهو يشعر بسعادة بالغة لهذا التغيير، وفي الوقت نفسه شعوره بالشفقة على زملائه المساجين الذين يقبعون في عالم الظلال؛ لهذا يُقرِّر -السجين الحر- العودة إلى الكهف.
وهنا؛ ينتهي أفلاطون إلى الجزء الأخير من قصة الكهف بعودة السجين الحر إلى زملائه ليُطلعهم على ما اكتشفه، ولكنْ يُخبرنا أفلاطون بأنه عند عودة السجين إلى الكهف -حيث عالم الظلال والوهم- يشعر بأنَّه أصيب بالعَمَى تماما كشعوره عند الخروج من الكهف؛ لهذا يشعر السجناء المقيدون أن خروجَ صاحبهم من الكهف هو ما قاد صديقهم إلى تلك الحالة من العمى والضرر؛ لهذا يقررون عدم الخروج من الكهف والبقاء فيه. إلى الحدِّ الذي جعل سقراط يزعم بأن هؤلاء السجناء المقيدين سيلجأون إلى قتل أي شخص يسعى إلى إجبارهم على الخروج من الكهف.
الكاتب: ضحى حمادي