في ذكرى تأسيس الحشد الشعبي العراقي، وتأكيدًا على أهمية دوره في التصدي للجماعات الإرهابية، والتي من المتوقع ان تعاود نشاطها قبيل الانتخابات النيابية المبكرة، المزمع إجراؤها في تشرين الأول المقبل، يعيش العراق اليوم لحظات مصيرية، وتشكل الانتخابات مفصلًا مهمًا للشعب العراقي، حيث ستؤثر على المستقبل السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي للعراق والمنطقة.
وليس بعيدًا عن العراق، كرّست معركة سيف القدس الأخيرة في غزة، معادلات جديدة، أتبعها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالتأكيد على معادلة "القدس مقابل حرب إقليمية"، حيث اعلنت كتائب حزب الله العراقية على دخولها في هذه المعادلة، ما اعطى الأمل بالتحرير القريب لفلسطين المحتلة، وتحول الحلم الى حقيقة واقعية.
عن هذه المواضيع ونتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية وتأثيرها على الجارة العراق والمنطقة، أجرى موقع الخنادق الالكتروني مقابلةً مع عضو المكتب السياسي لحركة النجباء الدكتور حيدر اللامي أكد فيها على أن هدف حركة النجباء الأول هو التخلص من الاحتلال الأمريكي للعراق، وأنها قادرة في أي وقت على الوصول إلى أبعد نقطة في الأراضي الفلسطينية، وهي مستعدة للمشاركة المباشرة في أي حرب محتملة ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، وستكون جزءًا أساسياً في أي مواجهة إقليمية على مستوى محور المقاومة سواء في سوريا أو لبنان أو اليمن، أو في أي مكان آخر يتطلب وجودها.
المقابلة الكاملة
السؤال الأول: ما هي طبيعة العلاقة بين حركة النجباء والحشد الشعبي؟ كيف يتم التنسيق وهل هناك توزيع للأدوار؟
كما تعلمون أن حركة المقاومة الإسلامية النجباء هي حركة جماهيرية مقاومة وُجدت قبل تأسيس الحشد الشعبي المبارك وبعد صدور فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها سماحة آية الله السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) لمواجهة المشروع الصهيو-أمريكي بأداة تكفيرية عُرفت بتنظيم داعش الإرهابي، استطاعت هذه الفتوى أن توحد جميع فصائل المقاومة في العراق تحت راية الحشد الشعبي الذي أصبح مؤسسة أمنية رسمية لها قانونها الخاص الذي أُقرّ في البرلمان عام 2016 وأصبحت تابعة لمجلس الوزراء.
حركة النجباء قد رفدت مؤسسة الحشد بالأفراد بشكل كبير، أما فيما يخص الحركة بشكل عام كحركة مقاومة فهي ترتبط بمشروع عقائدي جماهيري ذات شمولية أكبر من أن تنخرط بمؤسسة خاضعة لدولة وحكومة تقيّد أهدافها العقائدية، وهي التمهيد لدولة العدل الإلهي بقيادة الامام الحجة (عج).
يعتقد البعض أن فصائل المقاومة تتجاوز صلاحيات الحكومة وتريد ان تصبح بديلًا عنها، لكن هذا الأمر غير صحيح، فقوى المقاومة تمثّل إرادة الشعب وتطلعاته في الحفاظ على الأرض والعرض والسيادة والكرامة وهذه ايضًا من واجبات أي حكومة تجاه الشعب، لكن عندما تُقصّر الحكومة عن واجباتها فمن غير المنطقي أن تتراجع معها قوى المقاومة وتتخاذل وتتنازل عن واجباتها الديني والوطني والشرعي في مواجهة الاحتلال.
السؤال الثاني: كيف يمكن تقدير القوة العسكرية لحركة النجباء؟ وأين أصبحت قضية الثأر لدماء الشهداء ابي مهدي المهندس والقائد قاسم سليماني؟
إن تقدير القوة العسكرية للحركة تُجيب عليه مختلف المعارك التي خاضتها على المستوى المحلي والإقليمي، وقد تعاظمت قدرات الحركة بشكل جعلها قادرة على استهداف عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد أعلنت الحركة استعدادها الكامل للحضور في أي مواجهة على مستوى محور المقاومة سواء في سوريا أو لبنان أو اليمن أو فلسطين المحتلة أو في أي مكان آخر يتطلب وجودها.
أما فيما يتعلق بموضوع الثأر للشهيد القائد قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، إن الرد الحاسم على هذه الجريمة الأمريكية هو الاستمرار في الجهاد وتحقيق جميع أهداف الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وليس اللجوء إلى رد محدود وسريع وغير مدروس ليكون الرد حاسمًا واستراتيجيًا وبالتنسيق مع كل محور المقاومة. فالرد سوف يكون بحجم الشهيد سليماني والمهندس الذي لا يوازيه شيء إلا بخروج آخر جندي أمريكي من منطقة غرب آسيا، وقد تم الاستعداد جيدًا لهذا الأمر.
أما فيما يخص قوات الاحتلال الأمريكي في العراق فإن التحرير هو أمر محتوم ونهائي ونرفض أي تواجد لهذه القوات تحت أي مسمى كمدربين أو مستشارين.
السؤال الثالث: هل ستدخلون إلى جانب كتائب حزب الله في معادلة الردع التي طرحها السيد حسن نصر الله؟
نحن في حركة النجباء جزء من محور المقاومة بقيادة الامام السيد علي الخامنئي (دام نصره)، وهذا المحور الممتد من الجمهورية الإسلامية مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة، فنحن في خندق واحد في مواجهة قوى الشر الأمريكية-الصهيونية وأدواتهم الرخيصة في المنطقة، فالهدف مشترك ما بين قوى محور المقاومة وذو أبعاد استراتيجية واحدة، فأي نصر يتحقق في أحد المحاور يعني نصرًا لكافة المحاور الأخرى، وهذا هو سر قوة ونجاح المقاومة الإسلامية التي استمدت قوتها من الثقافة الإسلامية الحسينية. وهنا يجب الإشارة إلى أن سماحة السيد حسن نصر الله عندما تطرق إلى معادلة الردع تكلم باسم محور المقاومة برمته، وهي مرحلة تسبق مرحلة الانتقال من الدفاع الى الهجوم، كما يجب الإشارة إلى ما أكده سماحة السيد حسن نصر الله بأن الحرب الكونية على قوى المقاومة قد بدأت فعليًا عام 2006 وهنا يقصد به حرب تموز، ولا زالت تستهدف الآن جميع قوى المقاومة. لذا أي حرب إقليمية يخوضها المحور سوف تكون الحركة جزءًا أساسيًا فيها. وهنا لا بد من النظر للأمور من منظار استراتيجي فالخطر الأمريكي-الصهيوني هو ليس خطرًا محليًا أو مختصًا بمنطقة دون أخرى، لذا يجب أن تكون جبهة المواجهة لهذا الخطر شاملة ولم يترك العدو لأمتنا وشعوبنا من خيار إلا خيار المقاومة. ونحن نعلم جيدًا بأن تكلفة المقاومة هي أقل بكثير من تكلفة الاستسلام لا سيما وان قوى المقاومة أصبحت اليوم أقوى بكثير من جيش الاحتلال الإسرائيلي والوجود الأمريكي في منطقة غرب آسيا وهو أكثر ثقة من أي وقت مضى بالوعد الإلهي وبالنصر، وفي أي حرب قادمة ستكون هزيمة نكراء للعدو الصهيوني والأمريكي في المنطقة.
السؤال الرابع: كيف ستتأثر فصائل المقاومة في العراق بفوز السيد إبرهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية؟
رغم الحملات الإعلامية العالمية الضخمة لتشويه الانتخابات الرئاسية في إيران، وحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات إلا أن الشعب الإيراني أثبت للأعداء تأييدهم للنظام والثورة الإسلامية. وانتخاب السيد إبراهيم رئيسي جاء من قناعة شعبية راسخة بنهج الثورة والقيادة، ومجيء السيد رئيسي يعني مزيدًا من الثبات وعدم المساومة على قضايا الامة المصيرية، والاستمرار في دعم نهج المقاومة في المنطقة.
أما تجاه النظام السياسي في العراق فالكل يعلم منذ العام 2003 أن الجمهورية الإسلامية هدفها بناء دولة قوية مستقرة في العراق فوجود عراق ضعيف يعني نفوذ أمريكي، لذا الرؤية الإيرانية هنا تتعارض مع رغبة أمريكا التي تريد الإبقاء على العراق مفككًا وغير مستقر لتنفيذ مشاريعها وأهدافها التي من أهمها الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني الذي لا يتحقق إلا بضعف الدول الرافضة لوجود هذا الكيان.
السؤال الخامس: في القضية الفلسطينية: هل صحيح أن حركة النجباء متواجدة في فلسطين؟ وكيف هي علاقتكم بالفصائل الفلسطينية؟
قطعًا حركة النجباء لا تعترف بالحدود التي وضعها المستعمر البريطاني في اتفاقية سايكس بيكو، وهي جزء من محور المقاومة لذا تواجدها في أي منطقة يأتي في سياق نصرة المجاهدين والمظلومين ضد الاستكبار العالمي والغطرسة الصهيونية. كما ان حركة النجباء لها القدرة في الوصول إلى أبعد نقطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة فالحركة تتواجد أينما تتطلب مصلحة الأمة تواجدها.
أما عن طبيعة العلاقة بين حركة النجباء والفصائل الفلسطينية، فقد بينّها الأمين العام للحركة الشيخ أكرم الكعبي عند لقائه كل من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامية زياد النخالة، عندما أكد حينها على استعداد حركة النجباء لاستهداف المصالح الأمريكية ردًا على دعم واشنطن للكيان الصهيوني.
إذًا هناك استعداد تام للتعاون الأمني والعسكري من قبل حركة النجباء مع جميع فصائل المقاومة الفلسطينية بل هناك استعداد للدخول في صراع مباشر مع الكيان الصهيوني دعمًا للشعب الفلسطيني في تحرير كامل أرضه، وإن القدس هي هدفنا وبوصلتنا وتحريرها هو واجبها وتكليفها الشرعي والإنساني ومعركة سيف القدس قد أثبتت أنها بداية لزوال الكيان الصهيوني.
كما لا بد من الإشارة إلى أن حركة النجباء استطاعت ان تتواجد في كل بيت يهودي من خلال موقعها الالكتروني الذي أطلقته الحركة باللغة العبرية، فتواجدها ليس فقط في الأراضي الفلسطينية والتعاون مع فصائل المقاومة، وانما التواجد حتى في داخل المستوطنات اليهودية.
السؤال السادس: في الانتخابات العراقية، ما هو موقف الحركة منها وكيف ستتعاملون مع سائر الحلفاء؟
أولا حركة النجباء لن تشارك في الانتخابات النيابية المقبلة، وقد حسمت موقفها في هذا الامر. يجب أن نشير إلى أن حركة النجباء لا تنتمي إلى أي تحالف سياسي، لكنها في الوقت نفسه داعمة لأي قوى سياسية سواء في تحالف الفتح أو غيره من القوى السياسية شرط أن يكون هدفها إعادة سيادة وهيبة الدولة المفقودة، وتحرير القرار السياسي والأمني والاقتصادي من الهيمنة والاحتلال الأمريكي، وأن يكون همها الأساسي هو خدمة المواطن.
أما عن سبب عدم مشاركة الحركة في الانتخابات فهي مرتبطة بالرؤية السياسية للحركة لمجمل العملية السياسية للحركة، فالأولوية والهدف هو إخراج القوات الأمريكية المحتلة من العراق من أجل بناء دولة ونظام سياسي قوي وقادر على تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي لا يمكن تحقيقه بوجود احتلال مسيطر على القرار السياسي في العراق.
بالمقابل نحن ندعم أي حكومة قادمة تأتي وفق الأطر الدستورية وتعبر عن الأغلبية الشعبية دون سيطرة أحد الأطراف عليها، فأي حكومة تُصنع في المطابخ الأمريكية هي حكومة مرفوضة، وعلى أي حكومة قادمة الحفاظ على الحشد الشعبي كمؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة، وطرد جميع القواعد العسكرية الأجنبية، وعلى رأسها القوات الأمريكية المحتلة، وايضًا معاقبة كل من يروج للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وعليها أن ترسخ حكم القانون وتوفر الخدمات العامة للمواطن.
الكاتب: غرفة التحرير