10:16 بتوقيت القدس المحتلة

الخميس 06 آذار , 2025 02:20

تناقضات نظرية التجزؤ الهرمي في السياسة الإسرائيلية الإقليمية

ورقة علمية: تناقضات نظرية التجزؤ الهرمي في السياسة الإسرائيلية الإقليمية

يُجمع علماء الاجتماع السياسي على انعدام التجانس التام في بنية أي مجتمع من المجتمعات، ولكن حدّة التباين داخل كل مجتمع تتفاوت بشكل واضح، وتمثّل ظاهرة الثقافات الفرعية؛ اللغوية، والدينية، والقبلية، والطائفية، واللون، والقومية…إلخ ثغرة تعمل الدول في إدارة صراعاتها البينية على توظيفها بطرق سلبية أو إيجابية. هذا التجزؤ يؤسس لتباين في الولاءات من الأدنى إلى الأعلى، أي من الولاء للنسق الأصغر الأسرة أو العشيرة إلى القبيلة فالقومية فالدين…إلخ، وهو ما يشكّل الفكرة المركزية لنظرية "التجزؤ الهرمي Pyramidal Segmentary"، وتتبدى هذه المشكلة عند التنازع لدى الفرد أو الجماعة بين الولاء للانتماء الأعلى أو الولاء للانتماء الأدنى.

ويشكل التنازع مدخلاً للاستثمار السياسي من قبل الدول الأخرى، خصوصاً أن النظرية ترجح أولوية الولاء الأدنى على الولاء الأعلى عند حالة التنازع Dispute، وتزداد حدّته عند تصاعده لمستوى الصراع Conflict، وهو ما تشرحه نظرية "تقاطع الولاءات" التي أرست دعائمها إليزابيث كولسون Elizabeth Colson في نظريتها حول صراع الولاءات Conflicting Loyalties، إذ ترى أن هناك تنازعاً في وجهات النظر حول أولويات الولاء، فهل الأولوية للولاء الأدنى أم للولاء الأعلى، فإذا علا الولاء الأعلى فإن الثقافات الفرعية ستواجه ضغطاً كبيراً للقيام بتكيّف إذعاني مع متطلبات الولاء الأعلى، أما إذا علا الولاء الأدنى فإن وحدة المجتمع تتعرض لاحتمال التمزق الجغرافي والسياسي، ولعل هذه الجوانب هي مركز التخطيط الاستراتيجي في تفاعل الأطراف الدولية الرئيسية، أي الدول، مع موضوع الأقليات وكيفية توظيفها.

وتسعى هذه الدراسة المرفقة أدناه، من إصدار مركز الزيتونة للدراسات، للكاتب أ.د وليد عبد الحي، توضيح الاحتمالات المستقبلية لإعادة إحياء "إسرائيل" لمشاريعها القديمة في هذا المجال من ناحية، ومؤشرات هذا الإحياء حالياً من ناحية ثانية، ثم آليات مواجهته وتداعيات ذلك كلّه على الحقوق الفلسطينية.

نتائج وتوصيات التي توصلت إليها الدراسة:

يمكننا أن نشير استناداً لما سبق، أن أي إحياء لأيّ هوية فرعية في المجتمع الفلسطيني الحالي هو إسهام واضح في المشروع الإسرائيلي لتمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني، والذي يشكّل الأساس للمقاومة بكافة أشكالها، وسواء كان التجزؤ على أساس مناطقي أم عرقي أم طائفي أم ديني أم قبلي أم عشائري، فهو يخدم وبشكل كبير استراتيجية "إسرائيل" السياسية، وهو ما يستدعي:

1. تكثيف الدراسات العلمية ومضامين الخطاب السياسي الفلسطيني باتجاه الولاء العام للهوية الفلسطينية لا الولاء الخاص أو الأدنى، التنظيمي أو العشائري أو المناطقي أو الديني…إلخ، كما تسميه نظرية التجزؤ الهرمي، وتقع مسؤولية ذلك على الجامعات ومراكز الأبحاث والتنظيمات الفلسطينية وهيئات المجتمع المدني.

2. التفكير، خصوصاً من جانب التنظيمات الفلسطينية، في كيفية نقل الممارسات السياسية الإسرائيلية تجاه المجتمع الفلسطيني لممارستها تجاه الهويات الفرعية الإسرائيلية. وقد أشرنا في دراسة سابقة لنا إلى التنوع الكبير في الهويات الفرعية الإسرائيلية والتي يمكن توظيفها لخلخلة البنية الاجتماعية الإسرائيلية.

3. ضرورة تعميق ومأسسة التواصل بين التنظيمات الفلسطينية وفلسطينيي الشتات، وتشجيع الفلسطينيين في المهجر على إنشاء هيئات مجتمع مدني مرتبطة في أهدافها بالحفاظ على الشخصية الفلسطينية، عبر أدوات التربية والتعليم والرموز الاجتماعية المختلفة. وهو أسلوب تستخدمه "إسرائيل" مع كل اليهود في العالم.

4. دعم التوجهات السياسية في الإقليم الشرق أوسطي تحديداً؛ لطمس أدبيات الثنائيات في الهويات الفرعية، والتي تعمق توجهات التشظي.

إن خصوصية الوضع الفلسطيني تقتضي تكثيف أدبيات الهوية الوطنية في المجتمع الفلسطيني، واعتبار الولاء لها هو الأساس سواء بين فلسطينيي فلسطين التاريخية، أم بين فلسطينيي المخيمات في دول الجوار، أم بين فلسطينيي الشتات خارج الجوار.

للاطلاع على الدراسة من هنا


المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

الكاتب: أ. د. وليد عبد الحي




روزنامة المحور