يبدو أن الجبهة الشمالية تكتسب زخماً دبلوماسياً مستجداً من قِبل الإسرائيلي والأميركي على حد سواء، فالتقى نهار الأحد مساءً الموفد الأميركي عاموس هوكستين، المسؤولين الإسرائيليين على رأسهم وزير الدفاع يوآف غالانت، عقب وصوله إلى تل أبيب، وذلك لاستئناف محادثاته في مسألة أمن الحدود مع لبنان، وتحدث الإعلام العبري، عن بوادر وفرص إيجابية ظهرت لمسار سياسي يوقف التصعيد مع لبنان على أساس اقتراح أمريكي من مرحلتين، ويفتح المجال لتسوية تفضي إلى تهدئة على الجبهة الشمالية.
تشمل تسوية هوكستين مرحلتين، في الأولى ستتوقف أعمال حزب الله العسكرية، وسيعود السكان الإسرائيليون إلى منازلهم، بالإضافة إلى انتشار واسع للجيش اللبناني واليونيفيل في جنوب لبنان، وعلى طول الحدود وفق القرار 1701، بعد إبعاد حزب الله من 8 إلى 10 كلم عن الحدود.
في المرحلة الثانية من تسوية هوكستين ستبدأ مفاوضات لتحديد الحدود البرية "بما في ذلك مناقشة نقاط الخلاف الـ 13".
في هذا الإطار، أفادت المصادر الإسرائيلية أن هوكستين حصل على ضوء أخضر لتسوية من لبنان، بموافقة من حزب الله. ووفق تسوية هوكستين ستدرس الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إعطاء اللبنانيين "جزرات اقتصادية" بحسب تعبيرهم.
بين الطروحات والمطالب عقبات عديدة أبرزها برأي الخبراء الإسرائيليين، إشكالية ضمان تنفيذ البنود التي سيتوافق عليها الطرفان وأهمها إبعاد حزب الله عن الحدود إن وافق هو على ذلك، وفي الموازاة، تحدث محللون عن طرح لوزير الحرب يوآف غالانت على هوكستين شروط ثلاثة للسير في التسوية مع حزب الله في الشمال:
- إزالة تهديد التوغّل بإبعاد قوة الرضوان عن الحدود إلى الليطاني.
- إزالة تهديد إطلاق النار.
- إسرائيل تريد أن يكون هناك تفاهمات لندعو السكان للعودة إلى الشمال.
في الواقع، موقف حزب الله لا لبس فيه، وعبّر عنه عدة مرات، ارتباط وقف إطلاق النار في الجبهة الشمالية بالحرب الإسرائيلية على غزة. ليس من المتوقع أن تهدأ جبهة الجنوب اللبناني بمعزل عن جبهة غزة، كما أنه ليس من المتوقع أن تتوسع الحرب بين الكيان وحزب الله، بشكل أوسع من الحدود المرسومة حالياً، على الرغم من التصريحات الإسرائيلية التصعيدية كتصريحات وزير الحرب غالانت المقرونة بتعزيزات عسكرية، والتي نمت حولها تكهّنات واسعة، لكن فرضية أن تترجم إسرائيل سيل تهديداتها بأعمال ميدانية تأخذ طابع حرب واسعة، تبقى ضعيفة وغير مكتملة الشروط، ويبقى ضمن إطار التهويل لتعويض العجز عن الحسم واستعادة جزء من الردع المعنوي المفقود، فبالإضافة إلى الفيتو الأميركي بلجم "إسرائيل" عن الدخول في حرب إقليمية أوسع من حربها في غزة، الجيش منهك جسدياً ونفسياً ويحتاج إلى فترة لإعادة تأهيله. صحيح أن زيارة هوكستين مؤشر إلى أن سيناريو الحرب الواسعة ارتفع في الأسابيع الأخيرة، إلا أن اجتماعه مع المسؤولين الإسرائيليين، والحلول المقترحة، مؤشر آخر إلى أن الأمور تسير بين خيارين، إما البقاء على الوضع الراهن ضمن القواعد المرسومة منذ بداية 8 تشرين الأول إلى الآن، أو أن اقتراحات التهدئة المطروحة في الجبهة الشمالية، ستسير بشكل متوازٍ مع إمكانية صفقة بشأن الحرب على غزة، وبهذا ينتفي شرط "وقف إطلاق النار في غزة" وبالتالي تتوقف الأعمال العسكرية في جبهة الشمال.
الكاتب: حسين شكرون