الجمعة 25 حزيران , 2021 12:56

الانتخابات العراقية.. ورقة التوت الأميركية لتغيير موازين القوى

في 10 تشرين الأول سيكون العراق أمام استحقاق الانتخابات التشريعية، ليس هناك متسع من الوقت للحديث عما سيرشح عنه هذا الاستحقاق، فالعراق اليوم يعيش على صفيح ساخن، تتلاطمه الأزمات تارة والمصالح الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية تارة أخرى. من الطبيعي أن تشهد الانتخابات العراقية منافسة شديدة، لأن هذه الانتخابات ستكون مصيرية لما يمر به العراق، خاصةً مع إمكانية وصول قوى وشخصيات جديدة بتدخل أميركي هدفه جعل العراق مطية لسياسة واشنطن في المنطقة.

من الآن وحتى الانتخابات في تشرين الأول القادم، سيواجه العراق إشكالات ومطبات سياسية عديدة، ترتبط بالوضعين الأمني والاقتصادي والتحركات المطلبية، وذلك بتحريك من قبل الأميركيين الذين سيعملون على توتير الأوضاع والتأثير سلباً على صورة الانتخابات والمشاركة الشعبية فيها، وذلك من أجل مصادرة رأي العراقيين في اختيار سلطتهم، وهذا ما يذكرنا بإدارة العملية السياسية إبان الغزو الأميركي للعراق.

مصادر الخنادق: الأميركي يريد توتير الانتخابات أمنيًا 
لا شك أن الوجود الاميركي في العراق له تأثيره السلبي على مجمل الوضع العراقي وعلى مختلف الصعد، وهو دون أدنى شك سيكون له تداعياته على العملية الانتخابية واختيار المرشحين وتغيرات موازين القوى وتبدلات السلطة، وحسب المعلومات فإن الأميركي يريد توتير الانتخابات أمنيًا وسيعمل على تظاهرات لافشال العملية الانتخابية ومنع المشاركة الواسعة فيها قبل وبعد الانتخابات. وقد بدأ العراقيون يشعرون بالقلق إزاء هذا الاستحقاق الذي سيكون مرتعاً لتدخل واشنطن ودول خليجية أخرى من أجل تحقيق المصالح عبر تغيرات موازين القوى، وهو ما سيشكل مصادرةً للسيادة العراقية وقرار العراق المستقل.

يعبث الأميركيون منذ الغزو والاحتلال عام 2003 بالبيت الداخلي العراق، ومنذ ذلك الوقت وهم يحاولون تفصيل الدولة العراقيَّة على مقاس مصالحهم، ويعملون على تحويل العراق إلى منصَّة لمهاجمة جيرانه، وستكون الانتخابات العراقية ساحة لتثبيت الوجود الأميركي في العراق كمنصة أساسية للقوات الأميركية عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط من أجل محاصرة إيران، في مقابل التخفيف من التواجد في أفغانستان وسحب قوات أخرى من أجل المواجهة المفترضة مع الصين وروسيا.

وكما هو معلوم فإنه بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، أخذ التغلغل الأمني في العالم العربي، صورة جديدة حيث تغير نمط التدخل الأميركي، من تدخل من خارج الحدود على الرغم من وجود قواعد عسكرية في عدة دول عربية، إلى وجود فعلي داخله. وقد سعت الولايات المتحدة الأميركية بعد دخولها العراق إلى الحصول على شرعية عربية لسياستها، وانتهجت استراتيجية تقوم على توزيع الأدوار في النظام الإقليمي العربي، مما يدفع القوى الرئيسية إلى النزول عند الإرادة الأميركية، وهذا ما لن تتراجع عنه أميركا بل ستعمل على تفعيله، وإن كان ليس عسكرياً بل من خلال تغيير موازين القوى لصالحها عبر التدخلات السياسية والدبلوماسية والأمنية أحياناً.

نفذت قوات الإحتلال منذ دخولها بغداد في 9 نيسان/ابريل 2003 عملية هدم منظمّة لأجهزة النظام العراقي السابق ومؤسساته ورموزه، لتحل محلها بدائل تتفق وصورة العراق الجديد الذي سعت الولايات المتحدة إلى بنائه، وعلى الرغم من عدم قدرته على بسط نفوذها السياسي الكامل على العراق نتيجة وجود قوى المقاومة فيه إلا أنها لا تزال تحاول ذلك عبر التدخلات السياسية الدائمة، وهو ما ستعمل عليه من خلال التغيير في الانتخابات القادمة.

لقد خلص  DAVID SCHENKER في مقال نشره The Hill للحديث عن الوضع في العراق والمصالح الأمريكية فيه، أنه يتوجب على إدارة بايدن إعادة إرساء الردع الموثوق به لكسر الحلقة ومنع سقوط المزيد من القتلى من الجنود الأفراد والدبلوماسيين الأمريكيين، والحفاظ على الوجود الأمريكي في العراق، كما سيتعين على واشنطن تجاوز الوكلاء والبدء بمحاسبة طهران، وهو ما يتم عبر خطوات سياسية تغييرية داخل العراق، سيكون استحقاق الانتخابات أبرزها.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب:

د.علي مطر

باحث في العلاقات الدولية 

[email protected]




روزنامة المحور