تصادف اليوم الذكرى السنوية الـ 66 على استشهاد السيد "مجتبى ميرلوحي" المعروف بالسيد نواب صفوي، الذي كان من أوائل القادة الثوريين الإسلاميين ضد حكم الشاه. وهو الذي سلك طريق الكفاح المسلح في مواجهة هذا الحكم، وكان له التأثير الكبير على شريحة واسعة من قيادات الثورة الإسلامية في إيران، وأولهم قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي، الذي خط بعبارة على صورته بعد إعدامه "السلام على رائد عصرنا في الجهاد والشهادة". حيث انطلقت الشرارة الأولى لكفاح الإمام الخامنئي السياسي من خلال دوره النضالي في حركة الشهيد نواب صفوي، لا سيما بعد الرحلة التي قام بها إلى مشهد في العام 1952، وإلقائه الخطابات الثورية الملهبة للمشاعر حينها. ثم جاء استشهاده بعد ذلك، ليؤثر بشكل عميق على الامام الخامنئي، ويصبح بعدها من أوائل الملبين لثورة الإمام الخميني "قده"، انطلاقاً من مدينة مشهد.
فما هي أهم المحطات في مسيرة الشهيد صفوي الجهادية؟ وكيف ساهم بقوة في مشروع الوحدة الإسلامية؟
_ ولد السيد مجتبى في العام 1924، في العاصمة طهران في منطقة تدعى "خاني اباد نو"، والتي ترعرع فيها ضمن أسرة متدينة، حيث كان والده من رجال الدين، الذي عمل في المجال الحقوقي في خدمة المظلومين، وبعد مشادة حصلت بينه وبين وزير العدل آنذاك، قامت السلطة بسجنه إلى أن توفى.
وبعد موت والده عاش في بيت عمه، و"صفوي" هو كنية عائلة والدته الذي اختارها السيد مجتبى لتكون لقباً له.
_ أكمل السيد صفوي سنواته الدراسية حتى المرحلة الثانوية، حيث درس اختصاص الميكانيك في المدرسة الصناعية الألمانية.
وأثناء تلك المرحلة شارك في المظاهرات الشعبية المناهضة لقرار الشاه بفرض خلع الحجاب عام 1940.
_ بعد عدة سنوات ذهب إلى مدينة "آبادان - عبادان" من أجل العمل في شركة النفط، لكن لم يستقر هناك طويلاً، بعد أن كان يشجع على تنظيم المظاهرات ضد الاستعمار البريطاني، وقد ألقى خطبة حماسية اغضبت القوات البريطانية منه فحاولوا اعتقاله، لكنه استطاع الهرب إلى النجف الأشرف. وهناك عمل في مجال صنع وبيع العطور، وبالتوازي أكمل دراسته الدينية.
_ في العام 1941، وخلال وجوده في النجف الأشرف، ظهر رجل في إيران يدعى "أحمد كسروي"، الذي كان من الكتاب الذين دستهم بريطانيا وعملائها، لكي يهاجموا الدين الإسلامي ويروجوا الأكاذيب عنه، ويسيء الى النبي محمد (ص)، بهدف إشغال الشعب الإيراني بمسائل هامشية، تبعده من متابعة ما تقوم به بريطانيا من مشاريع استعمارية.
وعندما وصلت اخبار "كسروي" الى نواب صفوي، ترك الدراسة التي لم تكن تشكل بالنسبة له عائقاً امام الدفاع عن الاسلام والثورة، وتوجه إلى إيران ليقوم بواجبه ضد أكاذيب "كسروي".
_ جمع الشهيد نواب حوله العديد من رجال الدين والشباب والتجار المناضلين، وأسس في العام 1945 منظمة ثورية إسلامية تدعى "فدائيان إسلام - فدائيو الإسلام".
وكان من أولى أهداف هذه المنظمة التصدي لـ"كسروي"، فحاول الشهيد صفوي محاورته أولاً بهدف وقف الإساءات الموجهة للإسلام ووقف حرق المصاحف، لكنه فشل في ذلك. ما اضطر المنظمة الى الحكم بهدر دماء "كسروي"، وقد تم اغتياله.
_ اعتقل على إثر ذلك الشهيد صفوي وأودع السجن، ولكن السلطات اضطرت للإفراج عنه بعد ضغط كبير من الجماهير الشعبية.
_ تميز بعد هذه المرحلة بقيامه بالزيارات لمناطق مختلفة في إيران، والقاءه الخطب على الناس من أجل التشجيع على القيام ضد الشاه رضا بهلوي. ما دفع بسلطات الشاه الى القاء القبض عليه مع رفاقه، وزجتهم في السجن.
لكن ضغط الجماهير الشعبي ثانية على سلطات الشاه، دفعتهم لإطلاق سراحهم.
وفي العام 1948، اتخذت السلطات قراراً بملاحقة الشهيد صفوي وكل أعضاء المنظمة، مما أدى إلى اختفاءهم وانتقالهم إلى طور العمل السري.
_ آمن السيد صفوي جداً بضرورة قيام الحكومة الإسلامية، وكان من المنظرين لها ومن أوائل الذين كتبوا برنامجاً متكاملاً عنها وهو في 26 عاماً من عمره.
_ في العام 1954، قام السيد صفوي بزيارة بعض الأقطار العربية، وخلالها التقى برئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني ياسر عرفات حينما كان طالباً في القاهرة، ودعا الأخير للعمل الثوري الحقيقي من أجل القضية الفلسطينية، قائلاً له: إن مكانك هو في فلسطين وليس في القاهرة. كما التقى في القاهرة أيضاً، بالزعيم العربي جمال عبد الناصر وبالسيد قطب وآخرين من قادة الاخوان المسلمين.
وقد شارك أيضاً في مؤتمر إسلامي عقد في بيت المقدس، لمناقشة قضية مصادرة اليهود للأراضي الفلسطينية.
_ وفي العام 1955، قام أحد أفراد منظمة "فدائيو الإسلام" باغتيال رئيس الوزراء حينها "حسين علاء"، لكن المحاولة باءت بالفشل. فاعتقلت السلطات السيد نواب صفوي وبعض رفاقه، واستمرت محاكمتهم لمدة شهرين، التي حكمت عليه بالإعدام رمياً بالرصاص، وقد تم ذلك صبيحة الـ 18 من كانون الثاني 1956 بينما كان السيد الشهيد يتلو آيات القرآن.
الكاتب: غرفة التحرير