يبدو أن أزمة الانسداد السياسي في العراق، سوف تستمر الى فترة زمنية بلا سقف، بعدما دعا كل من الإطار التنسيقي والتيار الصدري النواب المستقلين في مبادرتيهما، لكي يضعوا حلاً لموضوع تشكيل الحكومة. فبعد يوم من إعلان "الإطار التنسيقي" ضمن مبادرته الدعوة للمستقلين بترشيح أحدهم لتشكيل الحكومة، دعا زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر المستقلين أيضاً، إلى تشكيل حكومة خلال 15 يوم ضمن شروط تحدد لاحقاً، ولا يشارك فيها تياره على صعيد التوزير، واعداً دعم تحالف "إنقاذ الوطن" الذي ينتمي إليه لهذه الحكومة، شرط أن ينضم 40 نائب مستقل على الأقل في تكتل يلتحق بتحالفه، ويبتعد عن الإطار التنسيقي.
وزعم السيد الصدر في تغريدة له على تويتر، أنه بسبب قرار القضاء العراقي تفعيل ما وصفه بالثلث المعطل، تأخر تحالف "إنقاذ الوطن" في تشكيل حكومة الأغلبية. مضيفاً بأن الإطار التنسيقي الداعي لحكومة التوافق، قد فشل في تشكيل الحكومة التوافقية بعد أن أعطاه مهلة 40 يوما (مع العلم بأن هذه المهلة تنتهي في 11 أيار/مايو الجاري).
مبادرة السيد الصدر هذه، يشوبها العديد من الثغرات بحسب الكثير من المراقبين أبرزها:
_ تختلف التقديرات حول العدد الحقيقي للمستقلين، نظراً إلى الخلاف حول مفهوم النائب المستقل، فمنهم من يحدّدهم بـ 43 نائب، ومنهم من يقدرهم بحوالي 57 كحد أقصى، ويتوزعون على الشكل التالي:
1)أقل من 7 نواب مستقلين فعلياً.
2)10 نواب تابعين للإطار التنسيقي.
3)حوالي 7 الى 10 نواب تابعون لتحالف إنقاذ الوطن.
4) حوالي 24 الى 30 نائب متحزبين أو تابعين لشخصية ما، بناءً للميول والتمويل.
لذلك فإنه بالتأكيد سيكون هناك وجهات نظر مختلفة بين هؤلاء النواب، بخصوص إمكانية المشاركة في الحكومة وتسلم مناصب تنفيذية من عدمهما.
_ دعوة السيد الصدر مبهمة، حيث لم يعلن شروط التوزير في نص مبادرته، بل تركها لوقت لاحق، بينما جاءت مبادرة الإطار واضحة، لجهة إعطاء المستقلين حق ترشيح مرشح من قبلهم لرئاسة الوزراء.
_ مبادرة السيد الصدر تكرّس مبدأه في حكم الأغلبية وتلغي وجود طرف وازن في عملية اتخاذ القرار. بينما نصت مبادرة الإطار على جلوس جميع الأطراف الوطنية إلى طاولة حوار واحدة، تضمن الاتفاق على مبادئ عامة تنظم العلاقة الفريق الذي سيتولى دور السلطة والفريق الذي سيتولى دور المعارضة.
_ لجوء كلا الطرفين إلى المستقلين، يعني أنهما باتوا مقرين بعجزهما عن تشكيل حكومة جديدة بمفردهما، وبالتالي تحوّل المستقلين الى بيضة قبّان يتيح لها عرقلة أو تسهيل العمل التشريعي. كما أنه سيتيح تعطيل العمل التنفيذي في البلاد، من خلال التمهيد لبقاء حكومة تصريف الأعمال الحالية فترة أطول (زادت على 6 أشهر)، وبالتالي استمرارها في أخذ قرارات مريبة أكثر.
البرلمان أمام خيارين لا ثالث لهما
الوضع السياسي الحالي يضع أعضاء البرلمان أمام خيارين لا ثالث لهما:
1)انعقاد الجلسة رغم صعوبة ذلك، بسبب اشتراط الدستور حضور ثلثي الأعضاء لاختيار رئيس جديد للبلاد.
2)أن يحل نفسه وفق المادة 64 من الدستور، وذلك بسبب الإخفاق في حسم الاستحقاقات الدستورية، وبالتالي إجراء انتخابات نيابية مبكرة مجدداً.