تحاول الولايات المتحدة الأمريكية جاهدةً، إشعال العديد من التوترات في العالم كما حصل في أوكرانيا، لكي تلهي خلالها منافسيها الاستراتيجيين، الذين يقف في مقدمتهم الصين، التي باتت من الأقوى اقتصاديا في العالم، بل وربما استطاعت تخطي أمريكا. وأكبر دليل على ذلك، تأثيرها الواضح على الأسواق العالمية، خلال مراحل الإغلاق بسبب جائحة كورونا. التي تجددّت جزئياً خلال الأيام الماضية، لعدّة أسباب منها الصحي كعودة إصابات كورونا، ومنها السياسي مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني المركزي الـ20، المقرر عقده في النصف الثاني من العام 2022، والذي دائماً ما يحمل تغييرات هامّة، تحدد سياسة البلاد للسنوات المقبلة.
وبالعودة الى أمريكا، فإن أبرز أسلحتها بمواجهة الصين، هي تحريك وإثارة الموضوع التايواني، ومحاولة تكرار سيناريو أوكرانيا.
فبالرغم من أن المسؤولين الصينيين لطالما أوضحوا، بأن سياسة "الصين الواحدة" فيما يتعلق بتايوان، تقوم على مبدأ ينص عليه الدستور بـ "إعادة التوحيد السلمي"، وأن الحرب هي إجراء يتم اللجوء إليه كملاذ أخير، فقط لاستخدامه لمنع حصول انفصال تايوان عن الصين، أو عندما تكون احتمالات إعادة التوحيد السلمي قد استنفدت تمامًا. إلا أن السياسات الأمريكية الحالية بشأن تايوان، مصممة لدفع الصين إلى حافة الهاوية، ما يزيد من احتمالات نشوب صراع مسلح هناك.
فلطالما كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، تجهر باستخدامها سياسة "الغموض الاستراتيجي"، فيما يتعلق بتايوان، التي تسمح لها ببيع الأخيرة معدات وتقنيات عسكرية، لضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها من هجوم أو غزو، بينما تظل غامضة بشأن أي مسؤولية أمريكية لتقديم المساعدة المادية لتايوان. لكنّ الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في زيارته الأخيرة الى المنطقة، صرّح مرتين بعكس سياسة الغموض. الأولى حينما ساوى بين حلفائه اليابان وكوريا الجنوبية وبين تايوان، والثانية عندما أجاب على إحدى الأسئلة الصحفية بأن بلاده ستتدخل عسكرياً إلى جانب تايوان إذا ما تعرضت لغزو ما. ما أثار حفيظة المسؤولين الصينيين، الذين حذروا واشنطن، من التداعيات الخطيرة لهذا التدخل. ما اضطر البيت الأبيض إلى التراجع مرتين، عن خطأ رئاسي مزعوم.
هل تستطيع أمريكا منع تحرك الصين في تايوان؟
بحسب باحثان في العلاقات الدولية والقضايا الإستراتيجية الأستاذ باتريك مينديس وزميله هون مين ياو، والذي تم نشر مقالهما المشترك في مجلة "ناشونال إنترست"، فإن تحذير بايدن يشكل رسالة واضحة تماما مفادها، أن بلاده ستنخرط في عمل عسكري دفاعا عن تايوان ضد الصين، بأقوى مما فعلت في أوكرانيا ضد روسيا.
وبالتالي اقترح الباحثان تنفيذ 4 خيارات، تمنع أو تحد من حصول تحرك صيني، ضمن خطة تسمى بالعش المكسور، وتتكون من:
1)إنشاء دفاعات تايوانية كلاسيكية قوية.
2)تنظيم حملة مقاومة تايوانية يخطط لها مسبقا.
3)تدمير ذاتي لمنشآت شركة تصنيع أشباه الموصلات، التي تعتبر أبرز السلع التي تستوردها الصين من الجزيرة، وأكثرها حساسيةً.
4)تنسيق رد إقليمي من حلفاء أميركا.
لكن كل التجارب القريبة أثبتت، أن واشنطن لم تعد تنجح إلا في إشعال الأزمات والحروب، وعندها سرعان ما تلجأ الى التجارة بالأسلحة!!!
الكاتب: علي نور الدين