هو أكبر من موقف معنوي، هو فِعلُ مقاومة لا يقل تأثيراً عن أي عملية عسكرية تشنّها حركاتها ضد الكيان المؤقت، الذي يعتبر مستوطنوه أن أقسى ما يمكن لهم أن يعيشوه، هو النبذ والطرد والاحتقار.
والجميع يتذكر ما عاشه الكيان من ذلّ، طيلة فعاليات مونديال قطر الأخير، عندما أدركوا أنه مهما طبّع معهم المتخاذلون في منطقتنا، ستبقى شعوبها تطردهم بإذلال من محافلها، لأن فلسطين ما زالت حيّة في وعيهم.
هذا الموقف المقاوم، بعد أيام قليلة من خطوة حكام السودان التطبيعية مع كيان الاحتلال، كان عبر إقدام الاتحاد الأفريقي، بجهود من دولتي الجزائر وجنوب أفريقيا، على طرد الوفد الإسرائيلي من قمة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية الـ 36، التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مع الإشارة إلى أن ثلثي الدول الأفريقية يقيمون علاقات مع الكيان.
موقف لاقى ترحيباً وتقديراً كبيراً، من مختلف شعوب ودول المنطقة وحركات المقاومة فيها، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، الذي لاقى تأييداً لمقاومته واعترافاً بقضيته المحقة أيضاً في البيان الختامي للقمة.
وفي تفاصيل الحادثة، حاول وفد من كيان الإحتلال برئاسة نائبة مدير دائرة أفريقيا في الخارجية "شارون بارلي" المشاركة في الجلسة الافتتاحية للقمة التي عقدت السبت الماضي، لكن ذلك قوبل باعتراض وفدي الجزائر وجنوب أفريقيا، مما استدعى تدخل أجهزة الأمن الأثيوبية لتطلب من الوفد مغادرة القاعة.
أما البيان الختامي للقمة، فقد دعم توجّه دولة فلسطين لتجديد طلبها بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، داعياً جميع الدول إلى قبول هذه العضوية، ومؤكدا على الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال الإسرائيلي. كما تضمن البيان إدانته لاغتيال الصحفية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، مؤكداً دعمه لإجراء تحقيق دولي مستقل للكشف عن ظروف اغتيالها.
حزب الله يشيد ويخصّ بذلك الجزائر
وقد أشاد حزب الله بما حصل في هذه القمة، عبر بيان أصدرته وحدة العلاقات العربية والدولية، منوّهاً بالموقف الجزائري الشجاع، الذي أثمر بالتعاون مع دولة جنوب أفريقيا اتخاذ هذه الخطوة. تعبيراً صادقاً عن حقيقة الموقف الجزائري الوطني الرافض للتطبيع مع كيان العدو، والذي طالما تميّزت به الدولة الجزائرية. مذكراً بالدعم الجزائري التاريخي القوي للقضية الفلسطينية، ووقوفها الدائم إلى جانبها والى جانب القضايا العربية المحقة. ومؤكداً بأن ما حصل هو دليل أكيد على "رفض وجود الكيان الصهيوني الغاصب، واعتباره جرثومة سرطانية تستحيل الحياة معها، وأنها عضو غريب عن جسم المنطقة لا يمكن تقبله". مشدداً على أن كلّ "محاولات التطبيع القائمة بين بعض الدول العربية وهذا الكيان المجرم، ليست سوى سراب ووهم لن ترضى بها شعوب أمتنا، ولن تكون لها أيّ نتائج".
غضب الكيان
أما في الكيان، فقد قوبل ما حصل بغضب شديد لدى الأوساط السياسية والإعلامية. فقد أعربت الخارجية الإسرائيلية عن غضبها الشديد، واصفةً في بيان لها أن الوفد الرسمي الإسرائيلي عومل بطريقة فظة. متهمةً الجزائر وجنوب أفريقيا بشكل مباشر بالوقوف وراء الحادثة. ومشيرة إلى أن الاتحاد الأفريقي بات رهينة بيد دول تحركها الكراهية على حد وصفها.
الكاتب: غرفة التحرير