يتزايد الحديث عن ضربة اسرائيلية جديدة متوقعة لليمن، تهدف إسرائيل من خلالها ثني صنعاء عن الاستمرار بعملياتها في عمق الكيان أولاً، وقطع الامدادات البحرية عنها ثانياً. في حين يدور نقاش على مستوى المسؤولين الاسرائيليين السياسيين والأمنيين حول جدوى هذا الاستهداف الذي يأتي ضمن سلسلة من الهجمات التي كانت تشنها الطائرات السعودية الاميركية على البلاد منذ أكثر من 9 سنوات، اضافة لتلك التي تنفذها القوات العسكرية البريطانية الأميركية الاسرائيلية منذ أكثر من عام.
أقنعت الولايات المتحدة إسرائيل، بتوليها مهمة "معالجة التهديد" الآتي من اليمن، حتى لا تستنزف أكثر بحرب متعددة الجبهات، كما حدث بين جبهتي غزة ولبنان والعراق ثم إيران لاحقاً. غير أن استمرار الهجمات بل وانتقالها إلى مستوى آخر من التصعيد والعمليات النوعية، أرغم إسرائيل على المشاركة العسكرية المباشرة وهذا يشي بفشل واشنطن في هذه المهمة -من وجهة نظر الكيان-، كما أن إعادة إسرائيل الكرّة باستهداف اليمن بعد استهدافها له لمرات عديدة طيلة الأشهر الماضية، يخلص إلى النتيجة نفسها، بفشل هذه الضربات من تحقيق أهدافها، وهذا ما يضع الاستهداف المرتقب ضمن السياق نفسه، ما يجعل السؤال يتمحو حول الجديد الذي ستحمله هذه الضربة، والفارق الذي قد تحدثه.
في تقرير لصحيفة هآرتس العبرية، يسأل محلل الشؤون العربية في الصحيفة تسفي برئيل عن "عن مدى تأثير الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة وأهداف أخرى على قدرة النظام على مواصلة الحرب أو ردعه عن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل... عندما يضرب ميناء الحديدة، لا يتوقف الضرر في مناطق الحوثيين، بل يؤثر على البلاد بأكملها". ويضيف "إن نطاق العمليات الإسرائيلية في اليمن محدود".
على الرغم من أن ضربات الولايات المتحدة ليست محل إشادة، لكنها حاولت -لدوافع سياسية- تحييد الموانئ من ضرباتها، وهذا ما تعتقد إسرائيل بأنها تمتلك "حرية" أكبر بالقيام به، خاصة وأنها لا تمتلك خرائط استخباراتية واضحة عن البنية العسكرية ذات الثقل، لصنعاء. لكنها، من ناحية أخرى قد تواجه تحديات أخرى.
يعتبر برئيل أنه "يجب على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط المصالح والسياسات الأمريكية، ولكن أيضاً مصالح السعودية والإمارات ومصر... لم تنضم هذه الدول إلى التحالف العسكري المناهض للحوثيين الذي أنشأته واشنطن، على الرغم من الأضرار الاقتصادية التي تعاني منها. خوفهم الرئيسي هو أن يضعهم الحوثيون على قائمة أهدافهم ويجددون هجماتهم على الأصول الاقتصادية الحيوية - خاصة على المنشآت النفطية، كما فعلوا في عام 2019، عندما تضررت منشآت أرامكو". وقد تكون الرياض التي تستعد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2034 هي آخر مَن يريد عودة التصعيد في اليمن بل والمنطقة أيضاً.
بالتالي، ترى الصحيفة أن نتيجة لذلك فإن الكيان وهو شريك بالتحالف العسكري في البحر الأحمر، الذي يعتمد بشكل أساسي على القوات الأمريكية والبريطانية في اختيار أهداف الهجمات، مقيد بـ "الخطوط الحمراء" التي تمليها دول المنطقة، وعلى الرغم من توسيع نطاق الهجمات، إلا أنه لا يزال متمسك بنهج "الردع" التي تنتهجها إدارة بايدن. كما أنه من غير المتوقع أن يضمن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل توسيع القيود المفروضة على الردود العسكرية.
دعم ترامب الحرب السعودية على اليمن، وفي عام 2019 استخدم حق النقض-الفيتو ضد مشروع قانون لخفض مبيعات الأسلحة إلى الرياض بسبب الكارثة الإنسانية الشديدة التي سببتها الحرب. ومع ذلك، كان ترامب أيضاً الرئيس الذي أجبر السعوديين على بدء مفاوضات مع صنعاء، بل وصرح بأن الحرب في اليمن لن تنتهي بقوة السلاح بل على طاولة المفاوضات.
الكاتب: غرفة التحرير