يشهد العراق منذ أيام، عودة لشخصيات سياسية سنية الى الساحة، بعد السنوات من الابتعاد القسري أو الطوعي، ما يهدد انفراد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بشكل رئيسي. فبعد حوالي أسبوعين من إطلاق سراح وزير المالية الأسبق رافع العيساوي، الذي كان معتقلاً بقضايا فساد وإرهاب. عاد إلى بغداد منذ يومين وبصورة مفاجئة، أحد أبرز شيوخ محافظة الأنبار وأمير أمير قبائل الدليم علي حاتم السليمان، بعد غياب دام 8 سنوات، لاتهامه بالإرهاب عقب صراعات مع حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، والتي وصلت إلى الصدام المسلح.
وقال السليمان في تغريدة له على تويتر "بعدما عانت الأنبار من مشاريع التطرف والإرهاب وتحولت إلى مرحلة الهيمنة والدكتاتورية وتكميم الأفواه والفساد، نعلنها من بغداد أن هذه الأفعال ستواجه بردة فعل لن يتوقعها أصحاب مشاريع التطبيع والتقسيم ومن سرق حقوق المكون، وعلى من يدعي الزعامة أن يفهم هذه هي الفرصة الأخيرة". في إشارة واضحة الى محمد الحلبوسي، الذي يتهم بأنه من مؤيدي التطبيع مع الكيان المؤقت، ومن مؤيدي تقسيم العراق الى 3 كانتونات (كردية، سنية، شيعية).
كما تتهم الحلبوسي العديد من الجهات في الأنبار، بالمسؤولية عن ملاحقة الأجهزة الأمنية لكل من ينتقده علناً. مثلما حصل في الآونة الأخيرة، مع نجل قائد الصحوات السابق عبد الستار أبو ريشة "سطام"، الذي حاولت قوة أمنية من بغداد اعتقاله، لكنها فشلت في ذلك، بسبب وقوف قيادات من المقاومة معه لا سيما كتائب حزب الله. وكان أبو ريشة قد أعلن في بيان له قبل ذلك، معارضته لانفراد الحلبوسي في الأنبار.
ضربة قوية لـتحالف السيادة وبالتالي لتحالف إنقاذ الوطن
لذلك يعتبر بعض المراقبين، أن اعتكاف زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، في آخر مبادرة له، هو خطأ تكتيكي جديد يضاف إلى أخطاءه الأخرى. إذ إنه بفسح المجال بحسب زعمهم، أمام قوى الإطار التنسيقي لتسديد ضرباتها، لبعض أطراف التحالف الثلاثي "إنقاذ الوطن" الذي شكّله الصدر، وفي مقدمتهم تحالف السيادة السني، الذي يضم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورجل الأعمال خميس الخنجر، الذي كان حتى وقت قريب خصماً للحلبوسي، ومن ثم أصبح حليفاً له بسعي إماراتي تركي.
وبالتالي فإن عودة السليمان وقبله العيساوي، ستؤثر بشكل كبير على فرص زعيم حزب "تقدم" الحلبوسي، في الاستئثار بزعامة البيت السني. فالسليمان يمتلك مكانة اجتماعية لا يمكن تحجيمها في محافظة ذات هوية عشائرية، ما سيوفر دعماً للأصوات المعارضة لحزب "تقدم" في الأنبار. أمّا العيساوي فهو أحد أبرز السياسيين السُّنة، الذي يمتلك ثقلاً وقوة تأثير وشعبية لا يستهان بها، وهذا ما دفع بعض الإعلاميين الى القول في تغريدة له على تويتر، بأن القيادات السياسية السنية ستحتاج كثيرا إلى البندول بعد خروجه.
كل هذه الأحداث، ستشكل ضغوطاً بالتأكيد، على تحالف السيادة ترغمه على فتح حوار مع الإطار التنسيقي، والقبول بشروطه فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة. ما يمهد ربما لتفكيك التحالفات، وإعادة رسم خريطة سياسية جديدة للبلاد في الفترة المقبلة.
الكاتب: علي نور الدين