تجاوز حجم العلاقات الاقتصادية بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وولي العهد محمد بن سلمان، ما يمكن ضبطه ضمن إطار الشركات ذات التمويل المشترك، حيث ان الأخير قدم لترامب امتيازات متعددة المسارات، تصب بإحدى جوانبها في دعم كيان الاحتلال.
صحيفة "نيويورك تايمز" أشارت في تحقيق لها، حول استفادة مسؤولين في إدارة دونالد ترامب السابقة من علاقاتهما مع دول الخليج واستثمارها في فرص تجارية. وأشار التحقيق إلى كلٍ من وزير الخزانة ستيفن منوشين، ومستشار وصهر ترامب، جارد كوشنر. وقبل انتخابات عام 2020 كشف مسؤولو إدارة ترامب عن برنامج تدعمه الولايات المتحدة أطلق عليه "صندوق إبراهيم" والذي سيقوم بجمع 3 مليارات دولار لمشاريع في الشرق الأوسط. وقاد المشروع كوشنر، الذي وعد باستثمار الاتفاقيات الدبلوماسية التي دعمها بين "إسرائيل" وبعض الدول العربية التي عرفت باتفاقيات ابراهم.
ويشير التقرير الذي أعدته كيت كيلي وديفيد دي كيرباتريك، ان "مدير الخزانة منوشين ساعد في الإعلان عن الصندوق في رحلة إلى الإمارات وإسرائيل واصفا الاتفاقيات بأنها "أساس عظيم للنمو الاقتصادي... هذا لم يكن سوى مجرد كلام، فبدون حساب خاص بالصندوق ولا موظفين ولا دخل أو مشاريع، فقد اختفى عندما ترك ترامب البيت الأبيض. لكن كوشنر ومنوشين قاما بجولات في الشرق الأوسط وبالأشهر الأخيرة من إدارة ترامب من أجل جمع المال لصالح المشروع، وكل واحد منهما أعلن عن صندوقه الخاص بعد أن اختفى صندوق إبراهيم".
وجاء منوشين وكوشنر إلى دول الخليج ومعهم مساعدوهم الكبار من أجل الترويج للصندوق، لكنهما عادا بعد ذلك إلى بلاط حكام الخليج طالبين الاستثمارات، من أجل مشاريع تجارية. وبعد ثلاثة أشهر من نهاية فترة ترامب أعلنت شركة منوشين الجديدة عن تفاصيل لخطط وحصلت على تعهدات بـ 500 مليون دولار من الإماراتيين والكويتيين والقطريين، وذلك حسب وثائق لم تنشر وجهزت من قبل هيئة الاستثمار السعودية والتي أعلنت عن تعهدها بمليار دولار. وتوصلت شركة كوشنر الجديدة إلى اتفاق استثمار بملياري دولار بعد ستة أشهر من مغادرته الحكومة.
وكشف التقرير عن "الاستثمارات السعودية في شركتي منوشين وكوشنر بشكل أثار القلق من خبراء أخلاقيات التجارة والمشرعين الديمقراطيين الذين رأوا أن الاستثمارات ما هي إلا مكافأة على تحركات رسمية أثناء إدارة ترامب. إلا أن التحقيق في رحلات كوشنر ومنوشين في الأشهر الأخيرة من إدارة ترامب أثار أسئلة حول ما إن كانا يريدان استثمار العلاقات الرسمية مع القادة الأجانب لأغراض خاصة. وقام كوشنر، في الأسابيع التي أعقبت الانتخابات الرئاسية بثلاث رحلات إلى الشرق الأوسط، وكانت آخرها في 5 كانون الثاني/يناير 2021 لحضور قمة قادة الخليج في السعودية. وبدأ منوشين في ذلك اليوم رحلة بالمنطقة والتي شملت على لقاءات خاصة مع رؤساء الصناديق السيادية في السعودية والإمارات وقطر والكويت- كلهم مستثمرون في المستقبل. وقطع رحلته بسبب الهجوم على الكونغرس وألغى الكويت من رحلته والتقى في السعودية مع وزير المالية فقط.
وقدم كوشنر ومساعدوه مشروعه الجديد "أفينتي بارتنرز"، وفي بعض الأحيان على أنه استمرارية لصندوق إبراهيم. وفي رحلة استمرت أربعة أيام إلى إسرائيل التقى شركات سعيا للاستثمارات، وقدم فريق كوشنر الشركة على أنها فرصة للاستثمار المحتمل في صناعة السلام النابع من اتفاقيات إبراهيم، وذلك حسب أشخاص سمعوا العرض المقدم منهم، لكنهم طلبوا عدم ذكر أسمائهم.
واستعان كل من كوشنر ومنوشين بأشخاص لعبوا دورا في تحقيق الاتفاقيات. فأهم مدراء "أفينتي" هو الجنرال ميغول كوريرا، الملحق العسكري السابق في الإمارات وعمل لاحقا في البيت الأبيض. أما شركة منوشين "ليبرتي استراتيجيك كابيتال" فتضم السفير الأمريكي السابق في إسرائيل ومسؤولا سابقا في الخزانة ساعد على ترتيب اللقاءات مع قادة الخليج. وتعلق الصحيفة أن التحول من عمل الحكومة للعمل الخاص كان سريعا، لدرجة أنه كان متداخلا في بعض الأحيان. وفي قائمة مكونة من 11 مديرا تنفيذيا ومستشارا قدمت إلى السعودية في نيسان/إبريل 2021، ضمنت المدير الإداري مايكل دامبروسيو، مع أنه كان لا يزال في عمله كأمين عام للخدمات الأمنية وحتى أيار/مايو. وقال المتحدث باسم الخدمات إن دامبروسيو كشف عن عمله الجديد وقضى أسابيعه الأخيرة بإجازة مدفوعة. واستقال مساعد موثوق في وزارة الخزانة عام 2019 وكان ينتظر منوشين في القطاع الخاص. وهو إيلي ميلر الذي كان يعمل على الصناديق السيادية في دول الخليج في بلاكستون، وهي شركة استثمارات أخرى، ثم انضم لشركة منوشين بعد الإعلان عنها مباشرة.
المصدر: نيويورك تايمز
الكاتب: كيت كيلي وديفيد دي كيرباتريك