بالتوازي مع الحملة الإعلامية والمناورة السياسية التي يشنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الرئيس الأميركي جو بايدن، والتي كانت آخرها في المسلسل الذي قلّد الأخير بطريقة ساخرة على محطة MBC السعودية، يستمر بن سلمان بتقديم الامتيازات إلى المقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كالصفقة التي عقدت مؤخراً مع صهره ومستشاره جارد كوشنر التي تصل إلى ملياري دولار والتي مولها بن سلمان من الصندوق السيادي السعودي الذي يشرف عليه مباشرة، في محاولة لاسترضاء الجمهوريين وتقديم لهم الدعم في معركتهم الانتخابية القادمة ان كان في الانتخابات النصفية بعد أشهر، أو بعد انتهاء ولاية بايدن، حيث من المتوقع ان يعلو نجم أحد المرشحين الجمهوريين في الولاية القادمة والتي يعتقد بن سلمان أنها قد تكون لترامب نفسه.
صحيفة "واشنطن بوست" علقت على صفقة المستشار السابق للرئيس دونالد ترامب جارد كوشنر مع الصندوق السيادي السعودي بأنها "تضفي صورة الباحث عن فرص، وعلى خلاف الصورة التي حاول تقديمها عن نفسه في مقال رأي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في 15 أيار/مايو 2021، ففي المقال المكتوب بعناية ظهر كوشنر، مبعوث الشرق الأوسط في إدارة صهره كرجل دولة، وقدم نصائح مجانية لإدارة جوي بايدن حول فرص السلام العربي- الإسرائيلي".
وأشارت الصحيفة إلى أن ولي العهد "قد تدخل شخصياً، وأقر الصفقة رغم اعتراضات لجنة تدرس العطاءات والتي طرحت أسئلة حول قلة خبرة كوشنر في هذا المجال وأن الخطة فيها مخاطر نظرا لسمعة كوشنر". مشيرة إلى ان "دولاً خليجية أخرى رفضت مقترحات كوشنر لنفس السبب. ولكن الحصة السعودية في شركته هي الأكبر في رأسمالها البالغ 2.5 مليار دولار. وسيحصل كوشنر وشركاه على 25 مليوناً سنوياً كرسوم إدارة بالإضافة إلى حصة في أي أرباح. وتعلق الصحيفة أن الترتيب المالي هذا يثير القلق، فقد كان كوشنر من أكبر المدافعين عن ولي العهد السعودي في البيت الأبيض. وكان منطقه في هذا الدفاع هو إقناع السعودية الاعتراف بإسرائيل، أسوة بدول عربية أخرى. واستمرت العلاقة حتى بعد جريمة مقتل جمال خاشقجي، حيث منعت إدارة ترامب استخدام الحادث للحد من الجهود في الأمم المتحدة والكونغرس لوقف الحرب في اليمن. وبدلاً من ذلك زادت إدارة ترامب صفقات الأسلحة للرياض".
ورغم الاعتبارات التجارية التي تدعو لغير ذلك ما هي إلا مكافأة مربحة لكوشنر. ويبدو أن الأمير لا يستثمر في مجال العقارات ولكن بمستقبل عائلة ترامب السياسي، وتحديدا عودة كوشنر إلى البيت الأبيض لو فاز صهره في انتخابات 2024 حسب الصحيفة التي أشارت أيضاً إلى أن "هذا دليل إلى جانب رفض الرياض زيادة معدلات إنتاج النفط ودعم إدارة بايدن تحقيق استقرار للسوق العالمي بسبب حرب أوكرانيا، على أن ولي العهد ينظر إلى حكومته ليس كحليف للحكومة الأمريكية، ولكن كطرف في السياسة المحلية الأمريكية".
وبمقارنة بين تعاملات كوشنر بتعاملات نجل بايدن، هانتر في أوكرانيا والصين، تشير الصحيفة إلى "فارق مهم وهو أن كوشنر لم يكن مسؤولاً مهما في العائلة بل ومسؤولاً رسمياً: مساعداً ومستشاراً للرئيس. وقالت إنها تتطلع ولكن بدون حبس الأنفاس لمشاهدة غضب الجمهوريين على علاقة كوشنر بالسعوديين وبنفس الطريقة التي أظهروا فيها الغضب ضد نجل بايدن. في حين دعا مدير مركز شؤون الخليج علي الأحمد، "للتدقيق في الصفقة لأنها مضرة بالديمقراطية الأمريكية. ومن أجل منع تدخل المال الخارجي للتأثير على السياسة الخارجية". مشيراً إلى "تدهور العلاقات الأمريكيةـ السعودية وعدم استجابة الرياض للمطالب الأمريكية، مثل شجب الغزو الروسي لأوكرانيا، ذلك أن الرياض غاضبة من معاملة إدارة بايدن وتصريحاته بشأن ولي العهد".
المصدر: واشنطن بوست