الجمعة 10 كانون الثاني , 2025 03:28

حزب الله يرجح كفّة الرئيس: حظاً أوفر "لمَن لن يصل يوماً إلى بعبدا"

انتُخب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية بعد شغور دام لأكثر من عامين. وهو الاستحقاق الذي كان ينتظره الكثيرون ويعول عليه عدد من الأطراف لتغيير التوازنات السياسية القائمة، وتوظيف ما جرى في الحرب الاسرائيلية على لبنان لتنفيذ أجنداتهم المرهونة إلى الخارج. وبينما كان ينتظر النواب وسفراء عدد كبير من الدول خارج القاعة، كان الحاج محمد رعد في الداخل يفرض خطوطاً حمراء، في موقف يترجم ما قاله مسؤول العلاقات الإعلامية الشهيد محمد عفيف "بكير بكير بكير كتير الحديث عن ‏‏الاستثمار السياسي. فلا تستعجلوا ولا تحرقوا أصابعكم، أو أنكم لم تتعلموا أبداً دروس ‏‏الماضي؟".

لم يترشح في وجه عون أحد. ليس لقلة الراغبين، بل لأن التوازنات كانت قد وضعت أثقالها. وعلى الرغم من ضمان فوز عون من الدورة الأولى، بعد تدخلات عربية وأجنبية أقصت -بالمال والضغوضات- أي محاولة للتعطيل، كان لحزب الله وحركة أمل كلمة يجب أن تقال، ورسالة يجب إيصالها، في أول استحقاق وطني بهذا الحجم. ولذلك، حصل قائد الجيش على 71 صوتاً، في حين صوّت 37 نائباً بورقة بيضاء، واعتبرت 4 أوراق ملغاة.

وعلى الرغم من أن التفاهم مع كتلة الوفاء للمقاومة -حزب الله- وكتلة التنمية والتحرير -حركة أمل- في ساعات الليل، بعد أيام من المشاورات تولى في الحزب الجانب الفرنسي، وتولت الحركة الجانب السعودي، كان لا بد من تمرير رسالة واضحة إلى المكونات السياسية اللبنانية الداخلية والمجتمع الدولي كاملاً، بأن لا رئيس يسلك طريق "الفرض بالقوة" ويصل إلى بعبدا، بل ان التفاهم مع "المكون الشيعي" هو أمر واقع وطني لا يجب تجاوزه، وأن عون لم يكن ليصل من غير أصوات الحزب والحركة، وأن لا أحد يمكن يصنع رئيساً بمعزل عن تفاهم صريح يأخذ بالاعتبار التوازنات القائمة.

خاض الأفرقاء اللبنانيون نزالاً حاداً منذ بدء الحرب الاسرائيلية على لبنان، كان يأمل بعضهم أن يتفرد بالقرار السياسي في البلاد، ويمضي محققاً حلمه بالرئاسة. ولأجل ذلك، بعث رسائل مختلفة مطالباً البقية بتبني ترشحيه، وأولهم التيار الوطني الحر، ورفض السير بترشيح عون. ولعظيم "الضربة" التي تلقاها خلال الايام القليلة الماضية، لا يحتاج الأمر ذكر اسمه تحديداً، حتى يعرفه اللبنانيون والمتابع لتطورات المشهد.

بعد انتهاء الدورة الأولى، بدأت مفاوضات بين الثنائي الوطني وعون، طالب فيها الأول بضمانات، قالت المصادر أن تناولت عدداً من الملفات، تركزت بشكل أساسي على تطبيق القرار 1701 والالتزام بما تم الاتفاق عليه بعد وقف إطلاق النار، وإعادة الاعمار، ووزارة المالية.

خلال الدورة الثانية، التي عقدت بعد اعتراضات واسعة "على خرق الدستور" من نواب كل ما فعلوه خلال السنوات الماضية هو التجاوزات القانونية والاعتداءات الموصوفة على الدستور، على اعتبار أن انتخاب عون غير قانوني.

بعد انتهاء التصويت، فاز عون بـ 99 صوتاً فيما سجل 5 أوراق ملغاة و9 ورقة بيضاء و13 كتب عليها "السيادة والدستور" و2 اسم "شبلي ملاط".

وفي أول كلمة له بعد انتخابه، قال عون أنه "يجب أن تستثمر الدولة اللبنانية في جيشها لتأمين الحدود ومحاربة الإرهاب وتطبيق القرارات الدولية"، مؤكداً أن "الدولة اللبنانية ستتمكن من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وآثار عدوانه". داعياً إلى "تغيير الأداء السياسي وإلى بناء وطن يكون الجميع فيه تحت سقف القانون والقضاء".

ترحيب دولي وعربي بانتخاب رئيس للجمهورية. وكانت إيران من أولى الدول التي هنأت لبنان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية اسماعيل بقائي ان "هذا الانتخاب الذي جاء كحصيلة وئام وتوافق اغلبية المجموعات والاحزاب اللبنانية، يشكل نجاحاً للبنان ككل". معرباً عن تمنياته باًن "يسهم انتخاب رئيس للبلاد في تعزيز الوحدة والانسجام الداخلي في لبنان وييسر مسار التقدم والانماء لهذا البلد والتغلب على التحديات والمشاكل بما في ذلك في المجال الاقتصادي واعادة بناء الدمار الناجم عن العدوان الوحشي للكيان الصهيوني على لبنان وحماية السيادة الوطنية ووحدة اراضي البلاد". وأشار الى العلاقات التاريخية بين ايران ولبنان مبديا استعداد حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية لتوسيع العلاقات مع الحكومة اللبنانية في جميع المجالات متنميا التوفيق والنجاح للرئيس الجديد.

من جهته، هنّأ الرئيس الأميركي جو بايدن الرئيس اللبناني المنتخب، وقال إنه يحظى بثقته، وسيوفر قيادة حاسمة بينما ينفّذ لبنان وإسرائيل وقف الأعمال العدائية بالكامل. ووصف بايدن عون بأنه هو "الزعيم المناسب لهذه الفترة"، معتبرا أن الشعب اللبناني اختار مسارا يتماشى مع السلام والأمن والسيادة وإعادة الإعمار بالشراكة مع المجتمع الدولي.

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن انتخاب رئيس في لبنان "يمهّد الطريق أمام الإصلاحات". وأجرى ماكرون اتصالا هاتفيا مع عون اتفقا خلاله على أن يزور لبنان قريبا.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور