دخل لبنان والكيان المؤقت يوم 27-11-2024، اتفاق هدنة مدته 60 يوماً. في إطار مقترح قدمته كل من الولايات المتحدة وفرنسا يهدف إلى إنهاء الأعمال القتالية، وتعهد الكيان كما المقاومة في لبنان بوقف إطلاق النار. في المقابل وبعد مرور سبعة وثلاثين يوماً يستمر العدو في خرق يومي للاتفاق عبر قيامه بـ تدمير المنازل وغارات جوية وعمليات قتل واعتداءات متفرّقة، ومن جهة أخرى تبرز بعض المواقف والتقارير الصهيونية وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار، فرضية ألا ينسحب الكيان من الأراضي اللبنانية بعد انتهاء فترة الـ 60 يوماً، في المقابل تحرص المقاومة في لبنان على تجنّب تجدّد الحرب، وهو الأمر الذي يدفعها إلى تجاوز بعض الاعتداءات، إضافة إلى حرصها على نجاح اتفاق وقف إطلاق النار بعدما أظهرت التزاماً عملياً به.
وفي استطلاع للرأي، ضمّ مجموعة من الخبراء والمختصين في الشأن اللبناني والصهيوني وهم: العميد منير شحادة-الباحث توفيق شومان-المختص في الشأن الصهيوني علي حيدر-الدكتور علي فضل الله، تم طرح السؤال التالي عليهم:
هل يخرق العدو الهدنة مع لبنان وما هو الهدف المرجح من هذه الأهداف ولماذا؟
الأهداف:
- تدمير القرى الأمامية لتأخير عودة السكان إليها.
- تدمير البنى التحتية للمقاومة في القرى الأمامية وقرى الخط الثاني لتحقيق أعلى مستوى من الأمن للجليل.
- تأسيس المنطقة العازلة من خلال الاجراءات النارية.
- التحضير لعملية عسكرية قادمة في جنوب لبنان عبر تفكيك البنية التحتية للمقاومة في محاذاة الحدود.
- إظهار عدم جدوى المقاومة وضعفها والتمهيد لحراك سياسي داخل لبنان.
- التأسيس والتمهيد لمرحلة جديدة من المفاوضات وتعديل الاتفاق.
- زيادة درجة الطمأنينة لدى مستوطني الجليل وتسجيل إنجاز عبر إظهار تحرر جيش الاحتلال في حركته داخل لبنان.
اتجاهات الرأي الاساسية:
- يدل الحديث عن تمديد الهدنة وسقوط النظام في سوريا على أنّ العدو يستغل هذه المتغيرات للتملص من هذا الاتفاق وبالتالي فإن هذه الخروقات مستمرة. (العميد منير شحادة).
- فرض أمر واقع جديد، نتيجة التدمير الذي يقوم به العدو والذي سيؤدي إلى إطالة المدة التي سيعود بها سكان الجنوب الى قراهم بعد جعل هذه المناطق غير قابلة للحياة. (العميد منير شحادة).
- استمرار هذه الخروقات هدفه مرتبط بصورة أساسية بزيادة الطمأنينة لدى مستوطني الجليل الذين لم يعودوا بعد إلى مستوطناتهم القريبة من الحدود اللبنانية. (الباحث توفيق شومان).
- لا يستبعد أن يكون هناك محاولة للتعديل على الاتفاق عبر فرض وقائع لاحقاً يراهن (العدو) أن يتكيف معها المواطن اللبناني ورهانه هنا يرتكز على مسألتين أساسيتين: أولاً، حرص وحساسية حزب الله على منع تجدد المواجهة- ثانياً، المتغير السوري. (المختص في الشأن الصهيوني علي حيدر).
- التفكير بـ التأسيس والتمهيد لمرحلة جديدة من المفاوضات وتعديل الاتفاق فـ إذا كان يفكر العدو بهذه الطريقة فهو مخطئ وعلى الرغم من كثرة التصريحات التي تصدر عن قادة العدو. أما النقطة المتعلقة بـ زيادة درجة الطمأنينة لدى المستوطنين فهي نقطة صحيحة فهم لم يعودوا الى الشمال الى الآن. (الدكتور علي فضل الله).
- يمكن اضافة سبب آخر وهي العدوانية نفسها كـ فعل له أثر حقيقي على الأرض التجريف بهذا الشكل ومنع كل مظاهر الحياة سيؤدي الى إطالة مدة إعادة الإعمار وهذه أيضاً تعد أهداف للعدو. (الدكتور علي فضل الله).
وقد توزّعت الأجوبة على الشكل التالي:
العميد منير شحادة
الخروقات المستمرة منذ بدء سريان مفعول هذا الاتفاق لها عدة أسباب وعدة أهداف ومنها:
- إرسال رسالة الى الداخل الاسرائيلي وهو أن العدو لازال يحتل بعض الأراضي في جنوب الليطاني ولديه حرية الحركة ويستطيع أن يقصف أينما ومتى يشاء، كما أنّ مشهد عودة النازحين الى جنوب لبنان جعل الرأي العام داخل مجتمع العدو يرى أن هذا الاتفاق هو هزيمة وبالإضافة الى أنّ مستوطني الشمال لم يعودوا.
- الرسالة الثانية، فرض أمر واقع على اللجنة وعلى لبنان والمقاومة ويعود ذلك بسبب أنه في فترة المفاوضات عندما كان المبعوث الأميركي آموس هوكستين في لبنان كان الجانب الإسرائيلي يصرح أنه يريد أن يحتفظ بحرية الحركة وببنود الاتفاق لا يوجد حرية الحركة يوجد بند حق الدفاع عن النفس، ولذلك يحاول العدو أن يفرض أمر واقع عبر اظهاره للجنة المراقبة وللدولة اللبنانية والمقاومة أنه سوف يبقي على بند حرية الحركة ويقصف أينما يريد وخاصة أنه تقدم في محاور عدة في جنوب لبنان عبر الدبابات وأماكن لم يستطع أن يدخلها خلال الحرب ودمر ويستكمل بتدمير البنى التحتية ومنازل ليجعل هذه المنطقة غير قابلة للحياة وبحاجة الى وقت طويل لكي يعود السكان إليها، كما يريد أن يجعلها منطقة خالية من السكان لمدة طويلة، اذًا فرض الأمر الواقع هو الرسالة الأهم من قبل العدو.
عندما تنتهي مهلة الـ60 يوم لدينا ثلاث احتمالات أولاً: ينسحب العدو خلال مهلة الـ 60 يوم ويوقف الخروقات، ثانياً: ينسحب ويستمر في الخروقات، ثالثاً: عدم الانسحاب وتستمر الخروقات. في المقابل تمتلك المقاومة أوراق ضغط على العدو وهي قامت بالرد مرة واحدة منذ بدء الهدنة على منطقة كفرشوبا وهي رسالة أنها لن تستمر في السكوت عن هذه الخروقات. في الوقت الحالي جاءت اللجنة وبدأت في تنفيذ أعمالها ولكن عملها غير سريع وغير فعّال وليس في حجم الحدث، كما يؤمل منها وهي التي يترأسها ضابط أميركي أن تضغط على العدو لإيقاف الخروقات وإلزامه الانسحاب ضمن المهلة المحددة.
هناك حديث يدور عن تمديد هذه الهدنة، في المقابل أرى أنّ العدو استغل ما حصل في سوريا بعد السقوط السريع للنظام في سوريا وتقدم العدو من الجولان باتجاه الشمال ووصل على بعد 12 كم من معبر المصنع وعدة كيلومترات من العاصمة دمشق، وبعد وقوع هذا الحدث المزلزل في المنطقة، أرى أن العدو يحاول التملص من هذا الاتفاق الذي وقعه مع لبنان، من ناحية تمديد الهدنة أو عدم تنفيذ الشروط هذه الاتفاقية نتيجة المتغيرات الجذرية التي وقعت في المنطقة.
المعوّل عليه في هذه المرحلة هو عمل اللجنة والتي يترأسها ضابط أميركي ونحن نعلم أنّ واشنطن هي راعية هذا الاتفاق وخصوصاً أن هناك إدارة جديدة ستستلم الحكم، ولكن في المقابل حصل العدو على فرصة لتحقيق حلمه القديم وهو إنشاء إسرائيل الكبرى وهذا ما صرحه به نتنياهو وقال بدأنا في إعادة تكوين الشرق الأوسط يعني المقصود فيه بدء إنشاء "إسرائيل الكبرى".. وهم يقولون إنهم ينتظرون قدوم ترامب ليستلم مقاليد الحكم في 20 كانون الثاني 2025، حتى يعلنوا ضم الضفة الغربية بالتالي كل هذه الخطوات تدل أن العدو يستفيد من هذه الخطوات لتنفيذ مشروعه التوسعي.. وهذا ما يجعلني أرى أن الكيان سيحاول التملص من هذا الاتفاق إلى حين أن يستلم ترامب الرئاسة وبعد ذلك يبنى على المرحلة القادمة وخاصة أنهم يهددون بضربة استباقية ضد إيران ويلوحون إلى ضرب البرنامج النووي الإيراني، وعليه إن حصل الأمر من غير الواضح إلى أين ستتجه المنطقة.. اذًا هذه الخروقات مستمرة والحديث عن تمديد الهدنة وسقوط النظام في سوريا يدل على أنّ العدو يستغل هذه المتغيرات للتملص من هذا الاتفاق.
الباحث توفيق شومان
اعتقد ان استمرار الخروقات الإسرائيلية مرتبط بصورة أساسية بزيادة الطمأنينة لدى مستوطني الجليل الذين لم يعودوا بعد إلى مستوطناتهم القريبة من الحدود اللبنانية. وهذا البعد لا يمكن فصله عن مسعى العدو الإسرائيلي للإيحاء للمستوطنين بأن سياسة الذارع الغليظة والطويلة مازالت هي القائمة في جنوب لبنان، وبمعنى أن الجيش الإسرائيلي يمارس ساعة يشاء الهجمات التي يراها مناسبة لردع المقاومة، وهذا عامل يرفع منسوب الطمأنينة لدى المستوطنين الذين تأخذهم هواجس تكرار عملية عسكرية مثل طوفان الأقصى وإنما من الجانب اللبناني.
فضلاً عن ذلك، فإن أبعاد تكرار الاعتداءات الإسرائيلية لا يمكن فصلها عن ورقة الضمانات مع الولايات المتحدة والتي تتيح للعدو أن يشن هجمات على لبنان بذريعة الاشتباه بحركة محددة للمقاومة، وبما يرسل إشارات إلى المستوطنين بأن وقف الأعمال القتالية وفق القرار 1701، لا يمنع من شن الهجمات على الجانب اللبناني لحماية المستوطنين وبغطاء أميركي كامل ووافي.
المختص في الشأن الصهيوني علي حيدر
هناك مجموعة من الأهداف وهي مترابطة ببعضها، الأول، تدمير القرى الأمامية لتأخير عودة السكان إليها، والثاني، تدمير البنى التحتية للمقاومة في القرى الأمامية وقرى الخط الثاني لتحقيق أعلى مستوى من الأمن للجليل، بالإضافة الى خلق شعور الأمن للمستوطنين كما لا يُستبعد أن يكون هناك محاولة للتعديل على الاتفاق عبر فرض وقائع لاحقاً يراهن (العدو) أن يتكيف معها المواطن اللبناني ورهانه هنا يرتكز على مسألتين أساسيتين ومن الممكن أن يتفرع عنها مسألة أخرى.
أولاً: يدرك العدو حرص وحساسية حزب الله على منع تجدد المواجهة وخاصة من جهة الشق المتعلق بنزوح السكان ويعود ذلك الى أنّ أي رد ستقوم به المقاومة سيقابله العدو بردٍ أقسى ربما، ويعتقد العدو أنّ حزب الله يراعي هذه المسألة ويفكر بهذه الطريقة ولا يريد أن يشعر الناس في الرعب حتى لا يتسبب بالنزوح.
ثانيًا: المتغير السوري يشكل عاملاً رئيسيًا وكبيرًا في هذا المجال ويعزز رهانات العدو وأنه بعد هذا المتغيّر أصبح حزب الله أكثر حرصًا على تجنب أي سيناريو متدحرج قد يؤدي الى مواجهة في ظل تبدل الأولويات وتغير البيئة الإقليمية وعمقه الاستراتيجي.
يراهن العدو على هذين العنصرين باعتبار أن الموقف اللبناني الرسمي وربما الموقف المقاوم بنظره من الممكن أن يتكيفوا مع هذه الوقائع التي يحاول أن ينفذها أو يفرضها كأمر واقع وفي نفس السياق يجب أن نتعامل بجدية على أن يحاول العدو أن لا ينسحب بعد الـ 60 يوم وأن يحاول الاحتفاظ ببعض النقاط ويفرض بعض الوقائع وهذا الأمر ممكن وهو ما يتطلب التعامل بجدية حقيقية وذلك انطلاقًا من تقديراته ورهاناته على الواقع الذي أشرت له انطلاقًا من العنصرين وهو حرص حزب الله على تجدد المواجهة والمتغير السوري.
الدكتور علي فضل الله
اختراق اتفاق الهدنة مع لبنان من قبل العدو، أولاً هذه طريقة العدو، يجب أن نعرف طريقة العدو في الحرب وفي التفاوض وفي السياسة. عندما لا تكون لديك خطة فأنت حكمًا جزءًا من خطة الآخرين وأيضًا في السياسة والأمن والحرب اذا لم تقم بتثبيت حضورك فـ العدو سيتوسع حكمًا ورأينا ذلك في عدة ساحات.
في الساحة اللبنانية المقاومة ثبتت بشكل أسطوري لمدة شهرين ودخلنا في هدنة تم تمديدها الى شهرين وليس اسبوع وخلال هذه الفترة يقوم العدو بـ عادته الطبيعية، تدمير القرى الأمامية والبنى التحتية وهذا يحصل أما فيما يتعلق بتأسيس منطقة عازلة من غير الواضح هذا الأمر بسبب وجود بعض من عناصر الردع. أما فيما يتعلق بموضوع التجريف وغيرها من الاجراءات فـ هي قد تكون لتأخير أي عملية أو حرب لاحقة أما حول إظهار عدم جدوى المقاومة فـ لو كان العدو ذكيًا كان اعطى الجيش اللبناني شرعية ومشروعية أكثر لكن وبحسب أداءه الآن هو يعطي ويعزز مشروعية المقاومة أكثر نتيجة الخروقات التي يقوم بها وعدم التزامه بـ الاتفاق. أما التفكير بـ التأسيس والتمهيد لمرحلة جديدة من المفاوضات وتعديل الاتفاق فـ إذا كان يفكر العدو بهذه الطريقة فهو مخطئ وعلى الرغم من كثرة التصريحات التي تصدر من العدو. أما النقطة المتعلقة بـ زيادة درجة الطمأنينة لدى المستوطنين فهي نقطة صحيحة فهم لم يعودوا إلى الشمال إلى الآن وهناك تقارير تقول إنهم يحتاجون الى عشر سنوات لإعادة الاعمار وعلى الرغم من التقديمات المالية ويقولون أنهم يقدمون حوالي 55 ألف دولار للفرد وعلى الرغم من ذلك لم يعودوا ويمكن إضافة سبب آخر وهي العدوانية نفسها كـ فعل له اثر حقيقي على الارض التجريف بهذا الشكل ومنع كل مظاهر الحياة سيؤدي الى إطالة مدة إعادة الإعمار وهذه أيضًا تعد من الأهداف.