السبت 01 أيار , 2021 12:02

السعودية والكيان الإسرائيلي: العقبات والسياقات

رغم وجود عوائق كبيرة وصعبة تحول دون إیجاد علاقات جيدة بین الکیان الاسرائيلي والمملکة السعودية، لا سيما بعد فترة ما یٌسمی بـ "الربیع العربي" أو الثورات العربیة، إلا أن للسياقات قوة تأثير أكبر في توطيد وتعميق العلاقات بينهما. و رأى مرکز الدراسات الاستراتیجة للشرق الأوسط، في مقال للكاتب الإيراني "مهدي سلامي"، أنه رغم المقاربة العدوانية في السياسة الخارجية للبلدين، إلا أن الحديث عن ايجاد علاقات إيجابية بينهما ليس ببعيد.

حدث نوع من التغيير في العلاقات بين دول وحكومات المنطقة، بعد الثورات العربية التي اندلعت في ديسمبر 2010، وأدی تعطیل النظام الحاكم علی العلاقات بین دول الشرق الأوسط، إلی ظهور نوع من العداء والتوتر الناجم عن الفوضى الإقليمية، بين بعض الدول، ومن الجانب الآخر، كان هناك نوع من التقارب والتعاون بين بعض الدول الأخرى على المستوى الثنائي والإقليمي. ومن المواضیع التي يبدو أنه يمكن أن نشاهد فيها تغييراً علی مستوی نهج العلاقات بين دول منطقة الشرق الأوسط بعد الثورات العربية هو موضوع العلاقات بين السعودية والکیان الصهیوني.

بالتزامن مع الإطاحة بالحكومات المتحالفة مع السعودیة في المنطقة نتيجة للثورات العربية، سعت المملكة العربية السعودية إلى اتباع نهج جديد ومساحة تطوير جديدة في المنطقة للتعامل مع النفوذ المتزايد لأكبر منافسيها الإقليميين، الجمهورية الإسلامية الإیرانیة وتركيا، ولجعل دورها كقائدة للعالم الإسلامي أكثر بروزًا من ذي قبل، وللحفاظ علی توازن القوی في التسلح والتنافس الإيديولوجيي مع المنافسين الإقليميين والفاعلين الآخرين، وذلك من أجل تحویل المخاطر الناجمة عن الثورات العربیة إلی فرص کبیرة.

من جانب آخر، رسمت الحكومة الإسرائيلية نموذجًا جديدًا لعلاقاتها الخارجية مع دول المنطقة، حیث سعى القادة السياسيون الإسرائيليون، علی غرار القادة السياسيين السعوديين، إلى الاستفادة الكاملة من هذا الحدث (الثورات العربية) واكتساب الشرعية بين العرب، مع السعي لمواجهة نفوذ إيران في الدول المتغيرة.

وعلی ضوء الحالات والمکونات المذکورة في المقال، شعر الکیان الصهیوني بأنه بحاجة إلى حليف أكبر في المنطقة. ولهذا السبب فإن الخيار الأكثر احتمالا لخلق علاقات وأجواء سياسية جدیدة للكيان الصهيوني في الشرق الأوسط، هو البلد الذي یعتبر نفسه الوصي على الدول الإسلامية الأخرى، ولدیه في جوانب كثيرة، العدید من الحلفاء من دول المنطقة، حیث يدعمهم من الجوانب الاقتصادية والسياسية، ومن جانب آخر یعتبر زعیم الكتلة السنية، وذلك البلد هو السعودية.

يبدو أن السياسيين الإسرائيليين يدرکون أنهم طالما تمكنوا من بناء علاقات جيدة وإيجابية على أساس التعاون المتبادل مع المملكة العربية السعودية، فيمكنهم جعل الحلفاء السعوديين الآخرين في المنطقة يتماشون مع سياساتهم في الشرق الأوسط.

ترجع الرغبة في إقامة العلاقات من الطرفين، إلى أفكار الواقعية العدوانية. لأن نظرية الواقعية العدوانية التي اقترحها "جون ميرشايمر" تدعي أن الهدف النهائي لجميع الحكومات هو تحقيق موقع مهيمن في النظام الدولي أو على المستوى الإقليمي. وفقًا لهذه النظریة، تبحث الحكومات دائمًا عن مزيد من القوة وإذا كانت الظروف مؤاتیة، فإنها تطالب بتغيير منهج توزيع السلطة. وبناءً علیه، يمكن تقييم سلوك السعوديين، لأنهم، وبعد وصول محمد بن سلمان إلى السلطة، قاموا بنقل نهج سياستهم الخارجية من مستوی حفظ نظام الوضع الراهن إلى مرحلة إعادة النظر علی المستوی الدولي والسعي لكسب موقع المهيمن في الشرق الأوسط، وسعت السعودیة بتدخلها الواسع في سوریا والبحرین والیمن، إلی تجدید سیاستها الخارجیة مع دول مثل قطر وتحويلها من صدیق إلی عدو وتحویل الکیان الصهیوني من عدو إلی حلیف، وکان من وراء ذلك فرض سیطرتها علی المنطقة.

ومع ذلك، فإن العلاقات بين السعودية والکیان الصهیوني بعد الثورات العربية لها سياقات وعقبات، وإنه من غير الممكن فهم مستوی العلاقات بينهما من دون أخذها بعين الاعتبار. في البداية، عندما يطرح موضوع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني، تصبح هذه العلاقات النسبية العلنیة بين البلدين واقعیة، لكن عندما ننظر إلى عوامل التأثير على العلاقات بين البلدين، نجد أن هناك عقبات كبيرة وصعبة نسبيًا لتعميق العلاقات بینهما ومنها:

-عدم إصدار التأشيرات لرجال الأعمال الصهاینة للسفر إلى المملكة العربية السعودية.

-حظر استخدام الخطوط الجوية والأجواء السعودیة للطائرات.

-  الإشارة إلی شراء السعودية الجزيرتين "تيران" و"صنافير" المصریة في أبريل 2016. لأنه على الرغم من عدم وجود موارد نفطية أو مائية لهذه الجزر، إلا أنهما تتمتعان بمواقع استراتيجية، حیث یمکن اعتبارهما بوابة خليج العقبة التي یستخدمها الکیان الصهیوني والسعودية لتمرير سفنهما.

- الإشارة إلی عدم شعبية الکیان الصهیوني ووجود الكراهية في العالم العربي تجاه الکیان، لدرجة إلی أن وسائل الإعلام السعودية ترفض استخدام کلمة "حكومة" أو "دولة" للکیان ويطلق عليها اسم "الكيان الصهيوني".

أما السياقات القائمة على مسار تعميق العلاقات بين المملكة العربية السعودية والکیان الصهیوني، تتمثل بما يلي:

- منع توسع نفوذ المنافس الإقليمي الأهم لهذين البلدين وهو الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

-الاستفادة القصوى من الانتقال السياسي الذي أحدثته الثورات العربية بمساعدة بعضها البعض.

- الاستحواذ على دائرة النفوذ السوري في لبنان وفلسطين من خلال خلق أزمة أمنية في سوريا.

-التعاون الاقتصادي والعسكري والإقليمي.

-خط اتفاقيات إبراهم أو ميثاق إبراهم الذي أدى إلى تطبيع علاقات الدول العربية مع الكيان الصهيوني.

عندما ندرس عوائق تعميق العلاقات بین السعودية والکیان الصهیوني، يمكن القول إن إقامة علاقة منتظمة وإيجابية بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني لا تبدو ممكنة، إلا أن الحديث عن إیجاد العلاقات بينهما، من خلال مراجعة السياقات القائمة، تبدو لیست بعیدة ونظراً للمقاربة الواقعية العدوانية في السياسة الخارجية للبلدين، نجد أن العوائق، رغم كونها كبيرة وصعبة، لكن للسیاقات قوة اکثر في تعمیق العلاقات بین هذين البلدین.


مرفقات


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور