كشفت صحيفة "ووال ستريت جورنال" أن لقاءاً سرياً في شرم الشيخ في آذار / مارس الماضي جمع رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، رئيس أركان القوات المسلحة السعودية اللواء فياض بن حامد الرويلي، والفريق الركن سالم بن حمد النابت الذي يقود القوات المسلحة القطرية، بالإضافة الى مسؤولين عسكرين كبار من مصر والأردن والبحرين والامارات، حيث جرى البحث في توسيع التعاون العسكري ضد إيران. فيما تشير الصحيفة الى أن "توسيع هذا التعاون يواجه تحديات سياسية كبيرة" حتى بالنسبة للدول التي وقّعت اتفاقيات التطبيع.
المقال المترجم:
عقدت الولايات المتحدة اجتماعا سريا لكبار المسؤولين العسكريين من إسرائيل والدول العربية في مارس / آذار لاستكشاف كيف يمكنهم التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية والطائرات بدون طيار، وفقا لمسؤولين من الولايات المتحدة والمنطقة.
كانت المحادثات التي لم يكشف عنها من قبل، والتي عقدت في شرم الشيخ، (مصر) هي المرة الأولى التي يلتقي فيها مثل هذا النطاق من كبار الضباط الإسرائيليين والعرب تحت رعاية عسكرية أمريكية لمناقشة كيفية الدفاع ضد تهديد مشترك.
وقال المسؤولون إن الاجتماع جمع كبار الضباط العسكريين من إسرائيل والسعودية وقطر ومصر والأردن، وجاء في الوقت الذي تكون فيه إسرائيل وجيرانها في المرحلة المبكرة من مناقشة التعاون العسكري المحتمل. كما أرسلت الإمارات والبحرين مسؤولين لحضور الاجتماع. مثّل الجنرال فرانك ماكنزي الولايات المتحدة، ثم قائد القيادة المركزية الأمريكية.
لعقود من الزمان، لم يكن مثل هذا التعاون العسكري يُعتبر ممكناً. سعى القادة الأمريكيون في الشرق الأوسط إلى تشجيع الدول العربية على تنسيق دفاعاتها الجوية دون إشراك إسرائيل، التي كان يُنظر إليها على أنها خصم في معظم أنحاء العالم العربي.
جرت المحادثات مع وجود العديد من التغييرات، بما في ذلك المخاوف المشتركة من إيران، وتحسين العلاقات السياسية التي أشارت إليها اتفاقيات أبراهام وقرار إدارة ترامب في يناير 2021 لتوسيع منطقة تغطية القيادة المركزية لتشمل إسرائيل. وهناك عامل آخر يدفع إلى توسيع التعاون العسكري وهو رغبة الدول العربية في الوصول إلى تكنولوجيا الدفاع الجوي الإسرائيلية والأسلحة في وقت تحول فيه الولايات المتحدة أولوياتها العسكرية نحو مواجهة الصين وروسيا. على الرغم من بدأ المناقشات بين دول الشرق الأوسط حول التعاون في مجال الدفاع الجوي، ومع ذلك، لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه ولا تزال الأمور حساسة من الناحية الدبلوماسية.
وفي بيان له، لم يقر الكولونيل جو بوتشينو، المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، باجتماع شرم الشيخ، لكنه قال إن القيادة "تحافظ على التزامها الراسخ بزيادة التعاون الإقليمي وتطوير هيكل دفاع جوي وصاروخي متكامل لحماية قواتنا وقوات الشركاء الإقليميين". أما المتحدثون باسم إسرائيل والدول العربية - باستثناء الإمارات العربية المتحدة – فقد رفضوا التعليق أو لم يردوا على طلبات التعليق على الاجتماع، في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تعلق على المحادثات، بل إنها تناولت موضوع التعاون بشكل واسع. لكن في أول رد رسمي عربي على هذا الاجتماع، نفت الإمارات علمها بأي اجتماع بشأن تحالف عسكري إقليمي، وقالت في بيان: "لسنا على علم بأي مناقشات رسمية تتعلق بأي تحالف عسكري إقليمي".
جاءت محادثات شرم الشيخ في أعقاب مناقشات سرية في مجموعة عمل منخفضة المستوى بين ممثلين من دول الشرق الأوسط ناقشت سيناريوهات افتراضية حول كيفية التعاون لاكتشاف التهديدات الجوية والدفاع عنها. ضمت مجموعة العمل رئيس التخطيط في القيادة المركزية آنذاك، الميجر جنرال سكوت بنديكت. ووفقا لأشخاص مطلعين على المحادثات فقد توصل المشاركون إلى اتفاق مبدئي حول إجراءات الإخطار السريع عند اكتشاف تهديدات جوية. وفي الوقت الحالي، سيتم تنفيذ هذه الإشعارات عبر الهاتف أو الكمبيوتر ولكن ليس من خلال مشاركة البيانات الرقمية عالية السرعة على غرار الجيش الأمريكي"، و"ناقش المسؤولون الكيفية التي يمكن بها اتخاذ القرارات بشأن القوات التي ستعترض التهديدات الجوية. وأضاف المطلعون أن هذه التفاهمات لم تكن ملزمة، والخطوة التالية هي تأمين دعم القادة السياسيين لتقنين ترتيبات الإخطار وتحديد مصلحة قادة الشرق الأوسط في توسيع التعاون.
يخطط الرئيس بايدن لزيارة إسرائيل والمملكة العربية السعودية في منتصف تموز/ يوليو، حيث قالت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي إن "البيت الأبيض يؤيد توسيع وتعميق العلاقات العربية الإسرائيلية"، بينما لم تذكر تفاصيل، فيما "تأمل الولايات المتحدة في بناء درع دفاع جوي متكامل في الشرق الأوسط لعقود من الزمن، من شأنه أن يربط بين الرادارات والأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار الأخرى بين دول المنطقة". ولطالما تعرقلت الجهود المبذولة لتعزيز مثل هذا التعاون من جانب دول الخليج العربي بسبب إحجامها عن مشاركة البيانات الحساسة التي يمكن أن تكشف عن نقاط ضعفها والمخاوف من أن المملكة العربية السعودية ستهيمن على مثل هذه الشراكة، وحاليا، تلعب الولايات المتحدة دورا مركزيا في تتبع التهديدات الجوية في جميع أنحاء المنطقة من قاعدة العديد الجوية في قطر، حيث يقع مركز قيادة الحرب الجوية في الشرق الأوسط، إذ إنه تم تعيين ضباط اتصال من الدول العربية في المرفق. ومع تنامي التهديد من إيران، كان هناك وعي متزايد في المنطقة بأهمية التعاون الأوسع لمواجهة ترسانة طهران من الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، كما أنه كان ينظر إلى التعاون مع إسرائيل في هذه المنطقة على أنه أقل حساسية من الخطوات بعيدة المدى مثل التدريبات العسكرية المشتركة أو مناورات القوات المشتركة.
بالنسبة لدول الشرق الأوسط، إيران ليست الخطر الوحيد المحتمل، وتعمل الجماعات السنية المتشددة على تطوير استخدام الطائرات بدون طيار لتنفيذ الهجمات. حتى الأردن ومصر، اللتان لهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ فترة طويلة، تتعاونان بالفعل في مجال الدفاع الجوي مع إسرائيل، لكنّ توسيع هذا التعاون يواجه تحديات سياسية كبيرة. وقال مسؤولون من دولتين عربيتين إن "المملكة العربية السعودية، التي لم تقم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، من غير المرجح أن تتبنى علناً تحالف دفاع جوي يضم إسرائيل إلا بعد قيام البلدين بإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات".
مع ذلك، فقد جمع لقاء شرم الشيخ بين الفريق أفيف كوخافي، رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، واللواء فياض بن حامد الرويلي، رئيس أركان القوات المسلحة السعودية، وشارك الفريق الركن سالم بن حمد النابت الذي يقود القوات المسلحة القطرية، وكذلك كبار القادة من الأردن ومصر، حيث أرسلت البحرين، التي نادرا ما يسافر قائدها العسكري، والإمارات العربية المتحدة، ضباطا أقل رتبة ـ في حين أن الكويت وعمان لم تنضما إلى المحادثات. وتم خلالها وضع العديد من اللبنات الأساسية لنظام دفاع جوي إقليمي محتمل، حيث اشترت المملكة العربية السعودية ما يصل إلى 22 بطارية باتريوت أمريكية مضادة للصواريخ، وفقا لمسؤول أمريكي، وهي بصدد الحصول على بطاريات دفاع منطقة عالية الارتفاع، وهي نظام أمريكي آخر مضاد للصواريخ يعرف باسم ثاد.
المصدر: ووال ستريت جورنال