الإثنين 20 كانون الثاني , 2025 01:04

التأثيرات الاقتصادية للحروب: تجارة الأسلحة واضطرابات أسواق السلع العالمية

دراسة التأثيرات الاقتصادية للحروب

تترك الحروب والتوترات الجيوسياسية تأثيرات عميقة وبعيدة المدى على الاقتصادات العالمية، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال اتجاهات تجارة الأسلحة والأسعار في أسواق السلع. علماً أن أسواق السلع الأساسية تعَدُّ من أكثر القطاعات تأثراً بالتغيرات العالمية، كونها ترتبط بشكل مباشر بعجلة الاقتصاد، وقرارات السياسة، وتحديات البيئة.

في السنوات الأخيرة، برز العديد من القيود الجديدة التي أثَّرت بشكل كبير على هذه الأسواق، بدءاً من الصدمات التي فرضتها جائحة كوفيد19- وتراجع النمو بالتزامن مع التوسع المالي في الاقتصادات الكبرى، وصولا إلى النزاعات الجيوسياسية كالحرب الروسية الأوكرانية، والعدوان الصهيوني على غزة ولبنان، والتوترات في الشرق الأوسط من اليمن إلى تركيا، مروراً بالأحداث المناخية المتطرفة التي أثرت على الإنتاج الزراعي والصناعي.

وفي الوقت الذي تلجأ فيه الدول إلى تعزيز قدراتها العسكرية كرد فعل على تصاعد التهديدات، يزداد الطلب على الأسلحة بشكل كبير، مما يعيد تشكيل ديناميكيات التجارة الدولية في هذا القطاع. من جهة أخرى، تؤدي النزاعات إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية، ورفع تكلفة السلع الأساسية مثل الطاقة، والمعادن، والمنتجات الزراعية. وقد برزت الحرب الروسية الأوكرانية كمثال واضح على هذا الترابط؛ حيث أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في واردات الأسلحة إلى أوروبا، بينما تسببت باضطرابات كبيرة في أسواق الطاقة والغذاء العالمية. كذلك الوضع في الشرق الأوسط، حيث ينعكس التصعيد العسكري المستمر والعدوان الصهيوني-الغربي على كل من غزة ولبنان وسوريا واليمن في زيادة التوترات الإقليمية، مما يؤدي إلى تأثيرات مباشرة على أسعار النفط والسلع الزراعية من جهة، وواردات الأسلحة لدول الخليج والكيان الصهيوني من جهة أخرى.

في هذا السياق، أصدر البنك الدولي تقريراً شاملاً يسلِّط الضوء على أهم التطورات الراهنة والمخاطر المتوقعة التي تواجه أسواق السلع الأساسية. يتناول التقرير ديناميكيات أسعار الطاقة والمعادن والسلع الزراعية، إلى جانب تحليل دورات التزامن في الأسعار التي شهدها العالم خلال العقود الخمسة الماضية. كما يبرز التقرير التداعيات الاقتصادية لهذه التقلبات على التضخم العالمي والأمن الغذائي والنشاط الصناعي، مع تقديم توقعات مستقبلية مدعومة بتحليلات عميقة للعرض والطلب. ويعكس هذا التقرير أهمية فهم العوامل المؤثرة على أسواق السلع، ليس لمراقبة تطوراتها فقط وإنما من أجل التخطيط، بل أيضاً للتخطيط لمواجهة المخاطر المتزايدة وضمان استقرار الأسواق في ظل بيئة عالمية مليئة بالتحديات.

على الجانب الآخر، يقدم تقرير اتجاهات تجارة الأسلحة الدولية 2023 الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI) نظرة تحليلية شاملة لاتجاهات تجارة الأسلحة الدولية خلال الفترة بين 2019 و 2023 ، مستنداً إلى بيانات حديثة ومفصلة من قاعدة بيانات معهد ستوكهولم الدولي. ويتناول التقرير الاتجاهات العالمية في صادرات وواردات الأسلحة الرئيسية، مع تسليط الضوء على أبرز المصدرين والمستوردين. كما يعرض التغيرات البارزة في حجم الصفقات واتجاهاتها الجغرافية حيث شهدت هذه الفترة انخفاضاً طفيفاً في حجم التجارة العالمية للأسلحة بنسبة 3.3 % مقارنة بالفترة السابقة (2014 - 2018). ومع ذلك، فقد ارتفعت واردات الأسلحة بشكل كبير في مناطق معينة، مثل أوروبا التي شهدت زيادة بنسبة 94 %، مدفوعة بالحرب في أوكرانيا. على الجانب الآخر، بقيت آسيا والشرق الأوسط في مقدمة المستوردين من حيث الحجم، بينما حافظت الولايات المتحدة وفرنسا على مكانتهما كأكبر المصدرين العالميين.

يتناول هذا التقرير من إصدار المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، العلاقة بين التوترات الدولية من جهة، وتجارة الأسلحة وأسواق السلع الأساسية من جهة أخرى. ومن خلال دمج رؤى تقارير آفاق أسواق السلع 2024 واتجاهات تجارة الأسلحة الدولية 2023، سيتم تسليط الضوء على كيفية تفاعل أسواق السلع الأساسية وتقل بها بالتزامن مع صفقات بيع وشراء الأسلحة من الدول المصدرة والدول المتنازعة، والتأثيرات الاقتصادية المترتبة على ذلك. وسنناقش بالتفصيل كيف تؤدي الحروب إلى إعادة تشكيل أنماط التجارة العالمية، وزيادة التضخم، وتهديد الأمن الغذائي، وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي ككل.

الفهرس:

- تجارة الأسلحة كمؤشر للحروب والتوترات الجيوسياسية

- التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسواق السلع

- التداعيات الأبرز من توقعات أسعار السلع الأساسية

- ازدواجية الدعوة إلى السلام

لتحميل الدراسة من هنا


المصدر: المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق




روزنامة المحور