تشير صحيفة هآرتس العبرية إلى ان مجموعات مختلفة عبر "الواتساب" بدأت بعملية تنسيق وصول جنود نظاميين بدون الزي الرسمي إلى المظاهرات. إضافة إلى ذلك، تبرز مشاركة رجال أمن سابقين من خريجي الجيش والشاباك إلى جانب رجال احتياط في الصفوف الأولى للاحتجاج.
النص المترجم:
إن الضغوط الكبيرة التي استخدمها نتنياهو على يوآف غالنت كانت كافية فقط لتأجيل مدته 48 ساعة. وزير الدفاع الذي كان ينوي المطالبة بوقف تشريع الانقلاب النظامي مساء الخميس، خضع لطلب رئيس الحكومة وأجل خطابه. ولكن أمس، حيث ينوي نتنياهو العودة من زيارته لبريطانيا وخرج الجمهور الإسرائيلي لاحتجاج السبت في الشوارع، قال غالنت أخيراً كلمته. في بداية الأسبوع الذي خطط فيه نتنياهو لتقديم الاحتجاج للحصول على مصادقة الكنيست، يقفز بيان وزير الدفاع ليسيطر على الأجندة السياسية، وربما التهم الأوراق كلها.
كلمات الحقيقة واضحة؛ فقد طرح غالنت في بيانه المباشر والمركز ثلاثة ادعاءات رئيسية: الوضع الأمني الذي تتعرض له الدولة صعب وخطير، والخلاف السياسي انزلق ووصل إلى داخل الجيش الإسرائيلي وأصبح يعرض أداءه للخطر، وتغييرات واسعة جداً في الطريقة القانونية التي يجب تنفيذها باتفاق واسع. دعا إلى تأجيل التشريع إلى ما بعد فترة الأعياد، وفي المقابل، وقف المظاهرات واستغلال هذه الفترة الزمنية للحوار بين الطرفين في محاولة للتوصل إلى اتفاق على تشريع بالإجماع.
ليس سراً أن هناك أعضاء كنيست ووزراء آخرين هم من الليكود، جزء منهم من الشخصيات الرفيعة الذين يفكرون مثله. حول بيان غالنت، عبّر كل من الوزير آفي ديختر وعضوي الكنيست يولي ادلشتاين ودافيد بيتون، عن مواقف مشابهة. من المرجح أن هناك غيرهم. إذا تحلوا بالشجاعة مثل غالنت، فلن تحصل نتنياهو على أغلبية، ولن يكون له خيار كما يبدو إلا تعليق التشريع. ليس لغالنت موقف سياسي قوي في الليكود. وبيان أمس كما يبدو أيضاً لم يعزز مكانته في قائمته. ولكن عندما يقول وزير الدفاع هذه الأقوال علنياً، ومن الواضح أن القيادة المهنية في جهاز الأمن تعتقد مثله (بالأساس حول الخوف على الجيش الإسرائيلي وخطر أن يستغل أعداء إسرائيل الأزمة الداخلية فيها من أجل التصعيد)، فإن لأقواله وزناً أكبر.
لكن من الصعب الذهاب الآن ضد التيار في الليكود. عندما كان غالنت ينوي القيام بذلك الخميس، استخدم عليه ضغط كبير في وسائل الإعلام وعبر الشبكات الاجتماعية. اضطر غالنت إلى الانتظار. وزراء آخرون، أيدوا موقفه سراً، أوضحوا بأنهم لا يتجرأون على الخروج علنًا لتأييده خوفاً من أن يلاقوا المعاملة نفسها. حسب قولهم، وزير العدل ياريف لفين يهدد نتنياهو بالاستقالة وهم يخافون من انهيار الائتلاف.
راهن غالنت أمس، لكن يبدو أنه لم يملك خيارات كثيرة. ليس بسبب الضمير، ولا لاعتبارات أمنية مبررة. كان رأيه معروفاً للجمهور. بعد المناورة التي أوقعه فيها نتنياهو الخميس، تعرض لانتقاد شديد جداً من جانب رفاقه السابقين في السلاح، الذين خاب أملهم من الانعطافة الشديدة التي قام بها. هناك من يتنبأون بأنه بخطوته أمس إنما سرع إنهاء حياته السياسية في الليكود. ربما هم على حق، لكنه سيذكر بالخير في النضال من أجل الديمقراطية. أمس، انتظرت الدولة كلها في حالة تأهب لرد رئيس الحكومة. قبل يوم ظهر صارماً في رأيه. من يقرأ نص الإحاطة التي قدمها نتنياهو تحت ستار شخصية سياسية رفيعة المستوى (يمكن بالفعل التخلي عن هذا التظاهر السخيف) للمراسلين الذين رافقوا حاشيته في الزيارة غير الضرورية إلى لندن، سيتولد لديه انطباع بأن أمامه شخصاً يعيش داخل فقاعة صنعها بيديه. مثل صديقه دونالد ترامب، خلق نتنياهو لنفسه عالماً من الحقائق البديلة.
الاتهامات التي لا أساس لها والتي أسمعها ابنه عن مساعدة مالية وهمية لوزارة الخارجية الأمريكية للاحتجاج، تتلقى الآن دعماً من رئيس الحكومة نفسه، الذي يدعي أن إدارة أوباما وكلينتون سعت إلى إسقاطه.
حتى بيان غالنت كان يبدو أن نتنياهو مصمم على استكمال إجراء التشريع الأول، الذي في مركزه تغيير تشكيلة لجنة تعيين القضاة، دون صلة بتداعيات تجند الاحتياط والوضع الاقتصادي في إسرائيل أو العلاقات مع الولايات المتحدة. ظهر كمن هو موجود في مزاج إحراق الجسور كلها، ولتذهب النتائج إلى الجحيم. ربما يعيده بيان غالنت إلى أرض الواقع، إلا إذا تبين مرة أخرى بأن لنتنياهو أرنباً سياسياً آخر في الكم.
التأخير ليومين، الذي نجح نتنياهو في فرضه على غالنت، أطلق مزيداً من الرياح على أشرعة الاحتجاج. المظاهرات التي جرت في أرجاء البلاد أمس كانت الأكبر حتى الآن. إضافة إلى ذلك في الأيام الأخيرة، وبفضل تقارير عن تردد وزير الدفاع، فإن معارضة القيادة الأمنية للتشريع سبق وتم توضيحها جيداً. مشاعر الخوف والذعر التي أثارتها أقواله حثت المزيد من رجال الأمن على اجتياز الخط الذي لم يقدروا على اجتيازه في السابق، على تجميد التطوع لخدمة الاحتياط والتهديد بالتوقف عن العمل في الصناعات الأمنية أو حتى في أوساط الجنود النظاميين وفحص رفض فعال للأوامر.
أكثر المبادرات إقلاقاً من ناحية الجيش بقيت هي مبادرة رجال طواقم سلاح الجو في الاحتياط. هناك عدد غير كبير، ممنوع نشره، لطيارين وملاحين في الاحتياط. نسبة لا بأس بها منهم سبق وأعلنوا لقائد السلاح بأنهم اجتازوا مرحلة في الاحتجاج، ومن الآن سيجمدون الخدمة حتى إشعار آخر. هذه بداية لضرر مباشر لاستعداد السلاح للحرب، وهو يتمثل أيضاً بعدم حضور ضباط احتياط للخدمة في المقر العملياتي للسلاح، بصورة ستشوش على التشغيل السليم لجزء من غرف التحكم في القيادة.
أحد أفراد الطاقم الذي توقف عن الطيران سيحتاج بعد ذلك إلى عملية معقدة من العودة إلى المؤهلات المهنية التي يلحق خطراً أمنياً من غيرها، وسيفقد التجربة العملية الكبيرة لطياري الاحتياط الرواد في هذه الأثناء. إن الأغبياء من بين أتباع نتنياهو، الذين يطالبون بمحاكمة الطيارين أو يدعون إلى تحويل سريع لضباط من سلاح البر إلى سلاح الجو، لا يعرفون عما يتحدثون. من غير المستغرب أن رئيس الأركان وقائد سلاح الجو يحذران من اتخاذ خطوات عقابية مبالغ فيها، رغم محاولة نتنياهو إلقاء المسؤولية عليهم أثناء إحاطته للمراسلين في لندن. يشخص الجيش الإسرائيلي علامات انخفاض في نسبة الامتثال للخدمة لدى جنود الاحتياط، ولدى الكتائب التي تم دمجها مؤخراً في التشغيل العملي. إذا مر التشريع وبحق فقد تتسع هذه الظاهرة. في مجموعات مختلفة عبر الواتساب بدأت مؤخراً عملية استثنائية – تنسيق وصول جنود نظاميين بدون الزي الرسمي إلى المظاهرات أمس. المشاركة فعلياً مسموحة لضباط برتب حتى مقدم، حسب رأي المدعي العام العسكري. إضافة إلى ذلك، تبرز مشاركة رجال أمن سابقين من خريجي الجيش والشاباك إلى جانب رجال احتياط في الصفوف الأولى للاحتجاج. جزء كبير من المبادرات التي تثير اهتماماً كبيراً لدى الجمهور تأتي من هناك، وسيستمر في هذا الأسبوع.
المصدر: هآرتس
الكاتب: عاموس هارئيل