هل هذا ردّ العرب على أخوّة إيران!

منشآت استخراج النفط من حقل الدرة

على الرغم من تحسن الوضع السياسي بين إيران والسعودية وتراجع المشاكل الدبلوماسية الثنائية، بعد اتفاق  المصالحة بين البلدين أعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان، إنّ ملكية الموارد الطبيعية في المنطقة البحرية المقسمة، وحقل آرش المسمى لدى العرب بحقل الدرة، مملوكة بالكامل للسعودية والكويت وليس لإيران حصة فيها. الأمر الذي قابله رد من وزير النفط الإيراني جواد أوجي قال فيه إن بلاده "لن تتنازل قيد أنملة عن حقوقها في استثمار حقل آرش، مع استعدادها لاستخدام الحقل بشكل مشترك مع الكويت".

الواقع أنّ لدى إيران 28 حقلا مشتركًا مع جيرانها، منها 18 حقلًا نفطيًا و4 حقول غاز و6 حقول نفط وغاز. وإيران هي واحدة من الدول القليلة في العالم التي لديها هذا العدد من الحقول المشتركة، ومسألة استغلال حصتها في هذه الحقول لطالما كان مثار جدل في أروقة السياسة الإيرانية. وانتهت إلى أنّ إيران التي تعتبر ثالث أكبر منتج للغاز في العالم، نأت بنفسها عن الصراع مع جيرانها العرب على حقول النفط المشتركة.

إن استثمار إيران في الحقول المشتركة مع العراق والكويت السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر كان أقل من استثمارات الحقول المشتركة مع الدول الأخرى، وكان يمكن لإيران أن تعرقل التنقيب في هذه الحقول أو أن يحصل مناوشات بينها وبين الدول المنقبة على أقل تقدير. إلا أن إيران كانت متسامحة مع جيرانها العرب من منطلق الأخوة، فمثلًا تسامحت مع سلطنة عُمان في حقل هنغام إلى درجة أنها سمحت لها بسحب حتى حصة إيران من الحقل والعُمانيون يقدرون ذلك. كما أنّ إيران تتسامح مع دولة قطر في أكبر حقل غاز في العالم وهو حقل بارس، الذي لو أخذت إيران حصتها الكاملة منه لتربعت على عرش إنتاج الغاز في العالم. وكانت إيران الثانية عالمياً بعد روسيا وليس قطر.

28 حقلًا مشتركًا مع الجيران

من بين هذه الحقول المشتركة ال 28، تشترك إيران في 12 حوضًا مع العراق، ومع الإمارات في 7 حقول مشتركة، ومع كل من قطر وعمان خزانين، وحقل واحد مع الكويت، وآخر مع تركمانستان، أما مع المملكة السعودية حقلي اسفنديار وفروزان النفطيين وحقل غاز فرزاد.

ويعتبر حقل غاز بارس الجنوبي، الذي يقع على الخليج الفارسي والحدود بين إيران وقطر، هو أكبر حقل غاز في العالم. يبلغ إجمالي احتياطيات الغاز في هذا الحقل 39 تريليون متر مكعب واحتياطياته من المكثفات 56 مليار برميل.

الحقول المشتركة بين إيران والسعودية

قال رئيس مجلس إدارة شركات التنقيب عن النفط والغاز الإيرانية حميد رضا جهانغيري إن السعودية دخلت حقل آرش و"نحن لم نحرك ساكنًا، تركنا الحقول المشتركة للجيران". وقد نشرت السعودية عددًا كبيرًا من الحفارات البحرية في المنطقة. في الماضي، كانت العديد من صواري شركة أبان تعمل في إيران، ولكن تم إيقافها: "الآن اشترت السعودية معظم المعدات البحرية لشركة أبان ونشرتها في حقول مشتركة معنا وتكاد تفرغ الحقول".

و عن تاريخ حقول النفط والغاز المشتركة بين إيران والسعودية قال جهانغيري إن إيران اكتشفت النفط والغاز عام 1967 بمشاركة شركة يابانية في حقل أرش وبدأت الإنتاج عام 2013. ويبلغ احتياطي الغاز فيه 1 تريليون قدم مكعب، وكمية النفط المخزنة 42 مليون برميل، وهو أهم حقل غير مطور واستراتيجي في البلاد، ويقع 40 في المئة منه في إيران. وأضاف: "الحقل هو في الأساس مشروع مشترك بين إيران والكويت، لكن السعودية تسعى للحصول على حصة من الحقل مع تهديد الكويت، والآن تشكل الرياض عقبة رئيسية أمام تطوير إيران لهذا الحقل".

مستجدات حقل آرش 

 أصبح حقل آرش بؤرة نزاع بين الدول الثلاث ايران والكويت والسعودية في السنوات الأخيرة.فوفقًا للمعلومات والقوانين الدولية تم إنشاء الحدود البحرية في السنوات التي سبقت الثورة الإسلامية، إذ تتصل منطقة آرش في المياه الإيرانية والمنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية إلى منطقة الدرة في الكويت. ووفقًا لذلك، يقع حوالي 40 في المائة من بلوكات النفط والغاز الحالية في حقل أرش في المياه الإيرانية.

قبل سنوات، بدأت شركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC) بتحديد كمية الاحتياطيات الموجودة في البئر رقم واحد Arash 1. وخلال السنوات ال 11 الماضية، ادعت الكويت أنها استخدمت أجهزة قياس الزلازل والنائج أظهرت ان حقل آرش يقع بأكمله في الجزء العربي، الأمر الذي رفضته إيران بشدة.

أسباب تأخر إيران استغلال النفط والغاز في الحقول المشتركة

يعتقد خبراء أن أحد أسباب تأخر إيران في استغلال النفط والغاز مرتبط بالعقوبات الأميركية. وفي مذكرة كتبها لصحيفة أصفهان الاقتصادية اليومية، أوضح نارسي قربان أنه: عندما ننظر إلى قطاعات الطاقة في البلاد، ندرك أن تأثير العقوبات يبلغ مئات المليارات من الدولارات سنويًا. وثمة شركات تكنولوجيا صغيرة ترغب في التعامل مع إيران. ولا تستطيع بسبب العقوبات لهذا لا بد من رفعها.

حقّ إيران الطبيعي والقانوني في حقل آرش

تظهر الأحداث في موضوع حقل آرش، وكذلك الاتفاقيات والوثائق القائمة، أن الكويت قد غيّرت موقفها تحت ضغط من عوامل خارجية من دول إقليمية. النقطة المهمة هي أن الجمهورية الإسلامية طالما أثبتت نوايا حسن الجوار مع جيرانها العرب، ولم تقم بإثارة المشاكل على حقوقها لا سيما في حقولها المشتركة التي لا تنقب فيها، وهو حقها الطبيعي والقانوني، إلا ان التسامح والأخوة لا يعني أنه قد أصبح حقًا مكتسبًا للآخرين.

ويمكن اعتبار منطقة آرش شهادة على الصداقة وحسن الجوار مع الكويت التي ما كان ينبغي لها أن تنسى دعم إيران خلال غزو صدام حسين في بداية العقد من القرن الماضي. فيما يبدو أن هذا الدفع سببه تحريض سعودي، من هنا يمكن القول أنّ حقل آرش سيضع الاتفاق السعودي الإيراني تحت الاختبار مجدداً، فهل سيتجاوزه الطرفان ام سيشكل أزمة جديدة تعيد التوتر بين طهران والرياض؟ 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور