الإثنين 11 كانون الاول , 2023 02:38

هل ستعود السعودية لمسار التطبيع؟

حوّلت عملية طوفان الأقصى طريق التطبيع الذي كان معبداً بين الكيان الصهيوني والسعودية إلى طريق وعر ومتعرج تتخلله المخاطر وتغيب فيه أدوات السلامة، وتتزايد فيه العقبات في ظل حاجة الإسرائيلي إلى التطبيع مع السعودية ونظرة الأميركي لمعركة طوفان الأقصى بأنها تهدف إلى عرقلة جهود التطبيع.

- العقبات التي تواجه التطبيع: إن المكانة الدينية التي تتمتع بها السعودية على مستوى العالم العربي والإسلامي نظراً لوجود المقدسات الإسلامية على أراضيها يمثل أهم عقبة للنظام السعودي، كونه يدرك أن إقدامه على التطبيع سيفقد السعودية مكانتها في العالمين العربي والإسلامي، لذا فإن النظام السعودي يحاول أن يوائم بين أن تظل السعودية لها مكانتها وثقلها في العالمين العربي والإسلامي، وبنفس الوقت تقدم على التطبيع مع كيان الاحتلال لتحقيق طموحات ولي العهد محمد بن سلمان الذي قال في أحد تصريحاته بأنه يخوض معركة تنموية ستجعل دول المنطقة بمثابة أوروبا الجديدة.

وبالنظر إلى الوضع الداخلي للسعودية فإن الشعب السعودي لازال غالبيته متمسك بالأصول الثقافية والدينية وأيضاً لازالوا يتعاطفون مع القضية الفلسطينية ويكرهون التطبيع، وأفاد استطلاع للرأي أجراه معهد واشنطن في شهري يوليو وأغسطس 2022 أن 76 في المائة من المستطلَعين السعوديين ينظرون بشكل سلبي إلى اتفاقيات أبراهام التي يروج لها الكيان، ويقول البعض إن ردود الفعل المحلية والإقليمية الباهتة تجاه تطبيع الإمارات والبحرين في العام 2020 شجع السعودية كثيراً للسير وفق هذا الاتجاه، لكن الحقيقة بأن السعودية وثقلها الديني تختلف تماماً عن أي دولة أخرى في المنطقة. ومن المعرقلات أيضاً إن السعودية عملت على ربط التطبيع بإيجاد حلول للقضية الفلسطينية وهذا الأمر يبدو اليوم بعيد المنال.

وفي قراءة للمصادر العبرية، فإن السردية الإسرائيلية تنطلق من أن العائق الأساس أمام توقيع اتفاق مع السعودية هو المطلب السعودي من الولايات المتحدة بناء مفاعل نووي مدني في المملكة، وليس الموضوع الفلسطيني، لأن حيازة السعودية لمفاعل نووي سيؤدي إلى مطالبة كل دول المنطقة للحصول عليه وهذا مالا تريده إسرائيل.

- التموضع الصهيوني والحاجة للتطبيع: إن الثقل السياسي والاقتصادي والديني الذي تتمتع به السعودية على مستوى المنطقة مطمع كبير لدى الجانب الإسرائيلي، فالتطبيع مع السعودية له ثمار كبرى للجانب الإسرائيلي باعتبار أن هذا التطبيع سيكون دفعة قوية للأمام فيما يخص العزلة التي تعاني منها إسرائيل في المنطقة، كما أن التطبيع مع السعودية سيمهد بشكل سلس للتطبيع مع دول أخرى في المنطقة. ومن المكاسب الرئيسية لإسرائيل في تطبيعها مع السعودية تعزيز الاتفاقيات الأمنية لمجابهة التمدد المتسارع لإيران وقوى محور المقاومة. كما أنها تطمح من خلال تطبيعها مع السعودية لإقامة علاقات اقتصادية كبرى سيكون لها ثمار سريعة للاقتصاد الإسرائيلي.

- الخطاب والسياسة الأمريكية تجاه التطبيع: قبل عملية طوفان الأقصى كان التمهيد لعملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية يسير بوتيرة عالية نتيجة جهود حثيثة كانت تقوم بها الإدارة الأمريكية، فمن ناحية كانت تسعى إدارة بايدن لتنفيذ الاتفاق قبل نهاية العام الحالي حتى يحصل بايدن على نجاحاً مهماً يحقق له الفوز بأريحية في الانتخابات الرئاسية القادمة، وهذا ما أكده بايدن في خطاب له في 20 أكتوبر الماضي حيث قال:" إن أحد أهداف الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل مؤخرا هو عرقلة جهود تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية".

منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر وإلى اليوم، لا توجد أسباب منطقية تجعلنا نؤكد بأن التطبيع السعودي مع الكيان قد فشل لكن نستطيع القول إنه تم تأجيله فقط، فإن الظروف التي تخلقت بعد عملية طوفان الأقصى أنتجت واقعاً جديداً لم يكن يتوقعه الأمريكي ولا السعودي ولا الإسرائيلي، وبالتالي فإنهم يحتاجون لوقت ليس بالقليل لترتيب واقع جديد يمهد لعملية التطبيع، وسيكون ذلك بناءً على نتائج المعركة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال.


الكاتب: رضوان العمري




روزنامة المحور