يعيش العالم اليوم صراع محموم وكبير بين الدول الكبرى، على صناعة صواريخ "الفرط صوتية". فروسيا الدولة الرائدة في صناعة هذا السلاح، استطاعت ان تسبق الولايات المتحدة الأمريكية بأشواط، من خلال صنعها العديد من هذه الصواريخ، أبرزهم رأس الصواريخ "أفانغارد"، الذي ينفصل عن الصاروخ، ويطير باتجاه هدفه بسرعة تعادل 27 مرة سرعة الصوت (27 ماخ)، ما يعني سرعة 33 ألف كيلومتر في الساعة. أما الأسلحة الصاروخية الروسية الأخرى فتحمل أسماء "تسيركون" (8 ماخ) و"كينجال"(صاروخ جو-أرض، سرعته 10 ماخ، بمدى 2000 كلم).
من جهة أخرى، أفادت دراسة رسمية أمريكية أعدها مكتب المساءلة الحكومية (GAO)، وقدمها للكونغرس في شهر آذار الماضي، بأن هناك مشاكل تواجه برنامج "البنتاغون" لتطوير الأسلحة فرط الصوتية، لأنه لا يملك التكنولوجيات المتطورة القادرة على تصنيع هذه الأسلحة. ومن المعوقات التي تطيل مدة تحقيق البرنامج، مشاكل فنية لم يستطع الخبراء الأمريكيين من حلها بعد، تتعلق بقدرة الأنظمة فرط الصوتية على تحمل الضغط الشديد أثناء التحليق. هذا وقد أعلن البنتاغون أن الجيش الأمريكي يخطط لإجراء 40 تجربة لصواريخ فرط صوتية، قبل عام 2024 حيث يجب أن يبدأ بتسليم هذه الأسلحة لوحداته. فيما يتوقع خبراء عسكريين روس، بأن الولايات المتحدة لن تستطيع الحصول على هذا النوع من الصواريخ، في الأعوام القريبة المقبلة.
ما هي هذه الأسلحة الفرط صوتية وما هي أهميتها الاستراتيجية؟
تنقسم الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت إلى نوعين: صواريخ كروز ورؤوس الصواريخ الجوالة. حيث تتميز بشكل رئيسي بأن سرعتها تبدأ من 5 أضعاف أو أكثر من سرعة الصوت. وفي تقرير أعدته قناة CNBC الأمريكية في تموز 2019، فقد أفادت أن روسيا والصين تقودان لائحة الدول التي تطور هذا النوع من الأسلحة.
ويجب أن تتوفر في هذه الأسلحة صفات عديدة أهمها:
_ استخدام مواد في صناعتها تتحمل درجات حرارة تصل إلى 2000 درجة مئوية.
_ توفير معدات تكنولوجية تسمح بالسيطرة على هذا السلاح، في كامل مساره الجوي (قاعدة الإطلاق حتى الهدف).
أما أهميتها الإستراتيجية:
_ تتطلب مواجهة هذه الأسلحة نظام دفاع جوي، مكون من رادارات طويلة المدى، بالإضافة إلى أجهزة استشعار فضائية، وأنظمة للتتبع والتحكم في النيران، والأهم امتلاك منظومة صواريخ وأسلحة للدفاع لديها سرعة أكبر من سرعة الأسلحة المهاجمة. وهذا ما لا تملكه أكثرية دول العالم أولهم أمريكا.
_ الدول التي تمتلك هذا السلاح قادرة على ردع خصومها من أي اعتداء عليها، لأنها ستستطيع الرد خلال وقت قصير بصاروخ إمكانيات تدميرية كبيرة وربما نووية.
_ يمكن لهذا النوع من الأسلحة أن يؤدي مناورات يصعب التنبؤ بمسارها في منطقة الغلاف الجوي خلال حركته نحو الهدف، ما يجعل من عملية اعتراضه ورصده عملية صعبة للغاية.
حلم أمريكا.. كابوسها الحقيقي
تعمل الولايات المتحدة الأمريكية منذ مدة، على تحقيق قدرات تسمح لها بتنفيذ الضربة العالمية الفورية (PGS). والتي يجب أن يتولى القيام بها الجيش من خلال توجيه ضربة جوية، بأسلحة تقليدية دقيقة التوجيه، في أي مكان في العالم وفي غضون ساعة واحدة، بطريقة تشبه الى حد بعيد الصاروخ النووي الباليستي العابر للقارات. وسيعمل هذا البرنامج على أن تتناسب هذه الأسلحة مع القطع البحرية أيضاً.
لكن ما تطمح اليه أمريكا، سبقها اليه دولتي روسيا والصين، والتي علق على نشاط الأخيرة في هذا المجال، وكيل وزارة الدفاع الأمريكي للأبحاث والهندسة "مايكل جريفين" حينما أفاد بأن الصين اجرت خلال عام 2017 تجارب لهذه الأسلحة، أكثر مما أجرته أمريكا خلال عقد. فهذا التطور الصيني الذي سبق برنامجها، يزعج ويخيف أمريكا جداً. وقد أعلنت الصين في العام 2019، عن إدخالها لرأس DF-ZF الفرط صوتي، الذي تتراوح سرعته ما بين 5-10 ماخ، والذي يستطيع الجيش الصيني تركيبه، على مختلف أنواع الصواريخ الباليستية، ضد أهداف برية وبحرية، ما يدخل القواعد وحاملات الطائرات الأمريكية، تحت خطر التدمير السريع، خلال أي مواجهة عسكرية بين الدولتين.
الكاتب: غرفة التحرير