الخميس 10 تشرين أول , 2024 11:27

خرائط أفيخاي أدرعي: ما هي الأهداف غير المعلنة من "انذارات الموت"؟

الخرائط التي ينشرها أفيخاي أدرعي

يعتمد المتحدث باسم جيش الاحتلال الناطق بالعربية، افيخاي أدرعي، أسلوباً جديداً من الحرب النفسية التي يمارسها على اللبنانيين. هذا الأسلوب الذي جعله مقروناً بساعات الليل المتأخرة، ويبرز خلاله خرائط معدة عن أماكن الاستهداف، تكشف أهداف "الانذار المسبق" الذي يتلطى خلفه لممارسة جرائمه المفضلة باستهداف المدنيين. ولنزع أي "حسن ظن" عند البعض بأنها "لفتة انسانية"، يصر أدرعي على توجيه الانذار قبل دقائق من الاستهداف، ما لا يسمح لهم بمغادرة نطاق الغارة، ما يجعل  من الانذار مجرد اثارة للهلع عند المستهدفين قبل لحظات من قتلهم بدم بارد مباشرة على شاشات التلفزة.

خلال الفترة الماضية، حرص أدرعي على نشر خرائط لبعض الأحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت مدعياً حرصه على المدنيين وحثّهم على الابتعاد عن دائرة الخطر بمسافة لا تقل عن 500 متر من المكان المستهدف، على الرغم من أنه لا يعطي وقتاً كافياً. في حين أن لهذه الانذارات أهداف عدة، تكشف جانباً آخر من تفكير هذا "النازي":

-هذه الخرائط تنحصر بأحياء الضاحية الجنوبية لبيروت، في رغبة بتقديم المنطقة (بما تمثله من رمزية) على أنها غير قابلة للسكن أو العيش ولا مكان فيها ينبض بالحياة وهي عرضة للاستهداف بأي لحظة.

-الابلاغ عن وقت الاستهداف قبل حدوثه يجعل من عدسات الكاميرات تتربص اللحظة المناسبة لنقل الصورة على مختلف القنوات التلفزيونية المحلية والعالمية التي حضرت إلى بيروت للتغطية. وبالتالي، يحرص افيخاي على نقل الحدث حتى يرى اللبنانيون بيوتهم تدمر وتحرق مباشرة على الهواء.

-نشر الخرائط وانذارات الموت فقط خلال الليل، حيث  يصعب على أهل المنطقة التنقل او اخلاء المنطقة المستهدفة من ناحية، وضمان أن تكون صورة النيران واضحة من ناحية  أخرى، فهي حتى لو كانت بعيدة نسبياً عن المشاهد، سيظنها قريبة نظراً للظلام الحالك. كما أن ربط هذا الحدث بساعات الليل يجعل من المدنيين في حالة ترقب دائمة ويمنعهم  من النوم لأيام متتالية، وهذا يزيد من سوء الحالة الصحية والنفسية.

-حصر نشر الانذارات على صحفته الشخصية، يجعل منها "مصدراً" تزوره وسائل الاعلام على اختلاف مشاربها وتوجهاتها، كذلك اللبنانيين لمعرفة مكان الاستهداف التالي، وهو يريد بذلك رفع مستوى "الموثوقية" به.

-يحرص أفيخاي على استعمال مصطلحات من  قبيل "من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلاتكم أنتم مضطرون لإخلاء هذه  المباني"، للدلالة على أنه يلتفت إلى حياة المدنيين العزل والنساء والاطفال، في حين أنه لا يعطي الوقت  الكافي للاخلاء من جهة، ويرتكب مزيداً من المجازر في مناطق لبنانية أخرى، كتلك التي ارتكبها في الكرك (17 شهيداً) أو في زبود شمالي بعلبك (19شهداء) وغيرها من جهة أخرى. وهذا ما يحبط اي ادعاء "بالانسانية" الذي يريد بها تبرئة نفسه  أمام المجتمع الدولي.

-تأليب البيئة الحاضنة على المقاومة من خلال الاشارة إلى أن النقاط المستهدفة هي "منشآت تابعة لحزب الله". في حين أصبحت البيانات التي ينشرها عبارة عن مقدمة و"تبرير" الهدف  التالي. ولعل أخطر ما في الأمر أنه بات يلمح إلى المدارس والمساجد والجامعات زاعماً بأن المقاومة تستعملها للانتاج والتصنيع، وكل من له دراية بالأمور العسكرية يعرف أنه ضرب من "الغباء".

لا يترك الاحتلال سبيلاً لرفع مستوى الحرب النفسية التي يهدف من خلالها ضرب ثقة البيئة الحاضنة بمقاومتها من جهة، ورفع مستوى التهديد بانسلاخ أطياف المجتمع اللبناني عن بعضه البعض كمقدمة للاقتتال الداخلي  من جهة أخرى. إلا أن المشهد الذي يراه العدو من احتواء النازحين إلى التهنئة المتبادلة لكل من فقد منزلاً أو مصدر رزق أو أحداً من عائلاته، يدرك  أن هذه الأساليب فارغة من محتواها، في حين أن باسلة المقاومين في الخطوط الأمامية دلالة على أنها مطمئنة بأنها محمية الظهر كما كانت على مدى أكثر من 32 عاماً.


الكاتب: غرفة التحرير



وسوم مرتبطة

دول ومناطق


روزنامة المحور