الخميس 12 آب , 2021 08:17

الشك سلاح أمريكا ضد حزب الله

مظاهرات 17 تشرين

عندما قدم "داني بركوفيتش"-الذي يعتبر من كبار الخبراء الإستراتيجيين في إسرائيل- دراسته إلى مركز الأبحاث القومي الإسرائيلي، التي حملت عنوان " هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا: معركة إضعاف حزب الله". لم يكن تركيز "بركوفيتش" حول أي سيناريو عسكري، يتيح تحقيق هدف الإضعاف. بل تركزت دراسته على 3 أقسام رئيسية، القسمان الأولان منها، ما هو مرتبط فقط بالعوامل الإنسانية التي تشكل عناصر قوة الحزب: الأولى هي العقيدة والإيمان(الأيديولوجيا)، والثانية قوة التجذر الشعبي له.

ولو دققنا في هذين العنصرين، سنجد أن الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الإسرائيلي والأطراف التابعة لهما في المنطقة، يستخدمون كل طرق وأساليب إثارة الشك حولهما، وخصوصاً خلال المرحلة التي يعيشها لبنان، منذ ما بعد هزيمة داعش في سوريا والعراق عام 2017، والتي كان للحزب دور مهم في ذلك. مع الإشارة إلى أن هذا الموضوع، لم يكن مقتصراً تنفيذه على الساحة اللبنانية، بل تعداه الى كل الساحات، التي تتواجد فيه حركات ودول محور المقاومة.

ولذلك سنقوم معالجة ما يحصل اليوم في لبنان من أحداث، انطلاقا من هذين العنصرين بالتحديد، لنعرف مغزى كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرة، حول أن ما نواجهه اليوم، هو حرب نفسية وإعلامية، قائمة على الكذب والإفتراء والتزوير ‏والتشويه وتحريف الوقائع والتسقيط. وهدفها دفع الحزب بمقاتليه ومناصريه، نحو الشك والتردد، وصولاً إلى الضياع واليأس والتّيه. ‏والتي يجب مواجهتها من خلال عدة أمور، أهمها "التحصين".

الشك في الإيديولوجيا

تعرف أمريكا ومن خلفها إسرائيل، أن عقيدة وأيديولوجيا حزب الله وأنصاره، مبنية على منظومة قيمية دينية، شكلت ركيزة كل انتصاراته، وأيضاً أول عقبة أمامهما لتحقيق أي اختراق.

لذلك قاموا بوضع استراتيجيات نفوذ ثقافية، يكون هدفها الأول زرع الشك، حول أهمية وجود هكذا أيديولوجيا في الحياة المعاصرة. لذلك نشهد في الوسائل الإعلامية، وفي خطابات الأحزاب السياسية التابعة لأمريكا، وأخيراً في خطاب جمعيات المجتمع المدني NGO’s، تركيزاً على ضرب كل أسس هذه المنظومة القيمية، أبرزها:

1)ضرب مفهوم المقاومة والاستشهاد، فالأهم عند اللبناني يجب أن يكون تأمين حياته الاقتصادية والسياسية، في أضيق جوانب هذا المفهوم. أي من دون الوصول الى الاستقلالية عن التبعية الاقتصادية للخارج، أو بناء مواقف وسلوك سياسي يتعلق بما يجري خارجياً، ويعارض السياسات الأمريكية في المنطقة.

2)ضرب المفاهيم والقيم الدينية، التي تشكل عوامل قوة الفرد والمجتمع على المواجهة. مثل: الترويج للثقافة الغربية بكافة أشكالها، التي تركز في جوهرها على تفكيك المجتمع إلى مجرد أفراد سطحيين وماديين، يركزون على تحقيق حاجاتهم الشخصية دون النظر إلى الآخرين.

3)الترويج أن سبب كل المشاكل التي يعاني منها لبنان، هو وجود المقاومة، التي لا يوجد لديها مشروع سوى خوض الحروب. فلا تفكر في بناء دولة قوية وقادرة، وليس لديها أطروحات اقتصادية وسياسية، تساعد على حل المشاكل وإصلاح الوضع القائم في لبنان.

الشك في القيادة

أما العنصر الآخر، الذي يحاولون ضربه من خلال إثارة الشك، هو العلاقة الوثيقة والوجدانية التي تربط الحزب كقيادة بالمناصرين والبيئة الشعبية. لذلك يتمحور خطابهم الإعلامي أو على وسائل التواصل الاجتماعي، حول عدة نقاط وأساليب أبرزها:

_ النيل من رمزية القيادة ومكانتها المعنوية عبر: إطلاق الشتائم وعرض الرسوم الساخرة وشملها ضمن طبقة السياسيين الفاسدة.

_ الترويج لفكرة أنها بعيدة عن الهموم والمطالب الحياتية الشعبية، وأنها لا تقوم بأي عمل قد يخفف من معاناتهم.

_ اتهام هذه القيادة بأنها شريكة السياسيين الفاسدين، بل وأنها هي التي تحميهم، وتمنع إجراءات محاسبتهم، بعكس جهود كل الدول الخارجية وعلى رأسهم أمريكا.

_ إعطاء الأهمية وتسليط الضوء، على أي نقد أو احتجاج شعبي لاذع، والترويج بأنه شك وابتعاد عن قيادة الحزب.

ولعل هذا الذي جعل سمير جعجع يقول مؤخراً، بأن إحدى دلالات حادثة شويا، هو "أنه لم يعد موجودا حول حزب الله إلا دائرة ضيقة".


الكاتب: غرفة التحرير



وسوم مرتبطة

دول ومناطق


روزنامة المحور