الثلاثاء 17 آب , 2021 09:03

متى سيُرفع الدعم عن سلامة الذي تسبب بفاجعة عكار؟

رياض سلامة

يجب الإقرار أن فاجعة بلدة التليل العكارية التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى في انفجار خزان بنزين، أحد اسباب قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة القاضي برفع الدعم عن المحروقات وتداعياته الخطيرة التي أدت الى عموم الفوضى الحاصلة على مجمل الاراضي اللبنانية.

الغطاء الخارجي لسلامة

قرار الحاكم وإن تذرع بإبلاغه القادة السياسيين بهذه الخطوة قبل عام، مطالباً بتشريع قانوني لاستخدام الاحتياطي من العملة الصعبة، فهو ما كان ليصدر لولا الغطاء الممنوح له خارجياً وبعض الداخل اللبناني المرتهن ارتهاناً كلياً للخارج.

في حديث وجهه للحكومة قال سلامة: "نحن مسؤوليتنا أن نؤمن المال، أعطونا التشريع نؤمن المال، وإذا أردتم أن نصرف من الاحتياطي الإلزامي.. نحن حاضرون، لكن أعطونا القانون".

وقد جاء البيان الصادر ليل الأربعاء 12 أغسطس/آب عن المصرف المركزي اللبناني حول رفع الدعم عن المحروقات صادماً، في مرحلة يشهد لبنان استعصاء سياسياً وانهياراً في كل القطاعات الرسمية للبلاد، ما يعني تحليقاً في أسعار مواد البنزين والمازوت، وذلك باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق السوداء.

لجوؤه المثالي للقانون

رياض سلامة أكثر العارفين بتفاصيل اللعبة وخباياها وامتداداتها وخيوطها، وهو الوحيد الذي يمسك الجميع من رقابهم وهو ما أثبتته الايام بعد تعيينه حاكماً في تسعينيات القرن الماضي، وحتى هذه اللحظة وهو كان ولا يزال الطفل المدلل لدى سماسرة السياسة الذي حفظ اسرارهم المالية، وكان مساهماً في قوننة تحويلاتهم الخارجية وتغطية جرائهم المالية طيلة هذه المدة من الزمن.

وهنا يجب التوقف عند ما ذكره سلامة لجهة لجوئه "المثالي" للقانون في هذه الفترة المفصلية التي يغيب فيها القانون في كل زاوية من زاوية مؤسسات الدولة، وهذا ليس تبريراً للمخالفة وانتهاك القوانين، لكن سلامة هو رجل المخالفات القانونية، والتحايل على التشريعات وتفسيرها بما تهواه الطبقة الحاكمة. فكل سرقات لبنان وتوزيع المكاسب والمحاصصة والمناقصات المشبوهة التي يصرفها ويغطيها المصرف المركزي، كانت كلها تحت سقف القانون بشراكته مع العديد من رموز السياسة اللبنانية، وتغطيته العديد من الفضائح وصرفه للمال العام دون معرفة لا مجلس النواب ولا مجلس الوزراء ولا حتى وزارة المالية. سلامة المعروف بتواطئه المزمن على اللبنانيين، كان معروفًا من الخارج جيداً وهو ما استندت اليه الدولة السويسرية في إصدار استبانات تتهمه فيه بالاختلاس وتبييض الاموال.

الازمة الحالية كشفت ان الدولة العميقة في لبنان والسلطة الفعلية، هي المال والقطاع المصرفي بكل مؤسساته وفروعه، ومن خلفه كارتيلات الاحتكار على انواعها، وعندما بدأت تتكشف الحقائق طفحت الفضائح على سطح الحياة السياسية، واصبحت فجة بعلنيتها، انهارت المنظومة المالية وانهارت معها الدولة، وبالتالي نستطيع القول ان حاكم المصرف المركزي هو الحاكم الفعلي والمستحكم برقاب البلاد والعباد، وما حصل في عكار الذي قد يتكرر في  مناطق اخرى هو نتيجة هذه الهندسات المالية التي بنيت على آمال اللبنانيين وآلامهم وأوصلت البلاد الى ما هي عليه الآن.

فمتى سيرفع الدعم عن سلامة؟ ومتى سيُحاسب على ارتكاباته المتكررة؟ سؤال برسم القضاة النزيهين، وليس القضاء اللبناني الذي أثبت ارتهانه للطبقة السياسية!


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور