غادر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان بيروت أمس الجمعة دون أن يعقد مؤتمرًا صحفيًا مقتصرًا على لقاءٍ ببعض الصحافيين اللبنانيين في قصر الصنوبرة، وقد شهدت الزيارة أجواءً من التوتر بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، ولم تسفر عن أي حلول بشأن الملف الحكومي.
لم تأت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إلى بيروت من أجل المناقشة في ملف الحكومة أو في أسباب تأخرها، بل حتى ما قيل عن أنه يحمل مسعًا توفيقيًا لم يكن إلا حديثًا عن عقوبات بحق سياسيين لبنانيين. فقد غادر بيروت أمس الجمعة دون أن يعقد مؤتمرًا صحفيًا كما جرت العادة، واقتصر على لقاء ببعض الصحافيين اللبنانيين في قصر الصنوبرة مقر السفارة الفرنسية.
وفي حديثه مع الصحافيين أشار لو دريان إلى الرسالة التي سعى إلى إيصالها للأفرقاء السياسيين "حاولنا مساعدتكم، لكنكم مصرون على مطالبكم ومصالحكم، فشلتم ولتتحمّلوا مسؤولية فشلكم، فرنسا لم تعد معنية بالتفاصيل والمبادرات ولا بحلّ الخلافات بين اللبنانيين، هناك إجراءات عقابية بحق المعرقلين بدأنا باتّخاذها وسنبدأ بتطبيقها خلال أيام".
وكان الزائر الفرنسي قد استهل زيارته نهار الخميس الفائت بلقاء رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، وبحسب مصادر مطلعة فإن اللقاء كان متوترًا بين الرجلين، إذ حمل لو دريان رئيس الجمهورية والفريق السياسي كله مسؤولية تعطيل ملف الحكومة، في حين حاول عون الذي تحدث لأكثر من نصف ساعة متواصلة تحميل الرئيس المكلف سعد الحريري مسؤولية العرقلة، وأنه يقوم بزيارات خارج البلاد من دون أن يلتفت لإيجاد حلول من أجل تشكيل الحكومة.
إجراءات عقابية بحق المعرقلين
وكان لو دريان قد توجه بنصيحة لعون قائلاً "عليك نصيحة فريقك السياسي بالتنازل، لأن البلاد تغرق، وفي حال الغرق لن تجدوا مكاناً ينجدكم، والمبادرة الفرنسية هي الملاذ الأخير لكم"، وقبل انتهاء اللقاء قال الوزير الفرنسي "بدأنا سلسلة إجراءات عقابية بحق المعرقلين والمتهمين بالفساد من كل الجهات المسؤولة، وهذا الموضوع ليس للمناورة، وسترون ذلك".
وبعد لقائه بعون، توجه لو دريان إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستمر اللقاء حوالي 40 دقيقة شرح فيه بري كل المساعي والجهود التي بذلها والتي تمت الموافقة عليها من قبل الرئيس المكلف، إلا أنها اصطدمت برفض فريق رئاسة الجمهورية والنائب جبران باسيل.
لو دريان يخرق البروتوكول
وعلى الرغم من التوقعات بأن الزيارة تأتي لمتابعة المبادرة الفرنسية بشأن تأليف الحكومة، إلا أن الوزير الفرنسي كان حتى مساء الخميس يرفض اللقاء بالرئيس المكلف سعد الحريري، وتشير المصادر إلى أن اللقاء بين الطرفين رُتّب على عجل - بعد اتصالاتٍ جرت بين أصدقاء للأخير بفرنسا - مع رفض لو دريان الذهاب إلى بيت الوسط، وحُدد اللقاء على أن يكون في مقر السفارة الفرنسية في بيروت -قصر الصنوبرة-، ويعتبر هذا التصرف بحسب خبراء خرقًا للأصول البروتوكولية.
وفي التفاصيل فإن الامتعاض الفرنسي من الحريري يعود نتيجة لرفض الأخير لفكرة باريس بعقد لقاء مع باسيل قبل تشكيل الحكومة، أو من خلال لقاء جامع للقوى السياسية كلها. والجدير بالذكر أن الوزير الفرنسي لم يلتقي بباسيل في هذه الزيارة بالرغم من اعتباره أن المعرقل الأول للحكومة، ولا بأي من "الزعماء الستة" الذين وبحسب قوله "لا يحترمون أقوالهم ولا تعهداتهم".
وجاء هذا الحديث في لقاء جمعه بمجموعات "سياسية معارضة"، والذي حضره كل من حزب الكتائب برئاسة النائب المستقيل سامي الجميل، بيروت مدينتي، تحالف وطني، مجموعة منتشرين، عامية 17 تشرين، تيار مسيرة وطن، حزب تقدم، الكتلة الوطنية، رئيس حركة الاستقلال النائب المستقيل ميشال معوض والنائب المستقيل نعمة أفرام، طالبًا منهم التحضر لانتخابات نيابية مقبلة.
إذن لم تحمل زيارة الوزير الفرنسي أي جديد، بل كانت بمثابة نعي لمبادرة بلاده في حل الازمة السياسية اللبنانية واعترافًا بالفشل الفرنسي في إدارة الملف اللبناني، ملوحةً بالورقة الأخيرة "العقوبات على المعرقلين" من دون أن تحدد هويتهم أو طبيعة العقوبات التي ستفرضها عليهم.
الكاتب: غرفة التحرير