شكّل ما يسمى بـ "يوم الاستقلال" في كيان الاحتلال مناسبة جديدة تعززت فيها الانقسامات على مستوى القيادات الأمنية والسياسية والاقتصادية أيضاً. ويقول نحاميا شترسلر، كبير المعلقين الاقتصاديين الإسرائيليين، ان "قراراته أدت بالاقتصاد إلى الركود والانخفاض في الاستثمارات ومداخيل الضرائب، وهرب رؤوس الأموال، وتضخم مرتفع، وانخفاض في البورصة، والمس بمخصصات التقاعد، وتراجع مستوى المعيشة... هو يثرثر ويهدد ولكن طهران تضحك".
النص المترجم:
لم يحدث هذا بعد عندنا. فيوم الذكرى يتحول إلى يوم انقسام واختلافات، ويوم الاستقلال يتحول إلى يوم حزن وخوف. ذات يوم، أي حتى قبل سنة، كان الأسبوع بين يوم الكارثة ويوم الذكرى وعيد الاستقلال، هو الأسبوع الأكثر تأسيساً وتوحيداً من كل السنة. كان أسبوعاً لخص الهزات التي مرت على الشعب اليهودي في الثمانين سنة الأخيرة، بدءاً بقتل الستة ملايين في الكارثة، ومرورا بموت 24213 بطلاً في ساحات الحرب، وانتهاء بالسعادة الكبيرة في عيد الاستقلال لقيام الدولة.
ولكن جاءت حكومة متطرفة وهستيرية يترأسها رئيس حكومة فاسد ومنفلت العقال، زرع الكراهية والانقسام، وحاول تحويلنا إلى دولة ديكتاتورية، ووضع الدولة في خطر حقيقي. بيبي هو الذي حول هذا الأسبوع الموحد والاحتفالي إلى أسبوع غضب وانقسام. وهو الذي حول الفرح بعيد الاستقلال إلى خوف كبير من فقدان الديمقراطية وخراب الهيكل الثالث.
لقد كان على ثقة بأنه سيتمكن من تمرير خطته في الكنيست بسهولة على تصفية جهاز القضاء والديمقراطية كي يتمكن من تعيين القضاة ويستبدل المستشارة القانونية للحكومة بشخص مخلص له. ثم ضمان التهرب من المحاكمة والبقاء في الحكم إلى الأبد مثل الملك. لم يأخذ في الحسبان بأن الأغلبية العقلانية في الدولة ستتمرد وتخرج إلى الشوارع وتوقف الانقلاب.
لم يقدر بيبي بأن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيتدخل شخصياً في شؤون إسرائيل الداخلية ويبلغه بأنه إذا لم يوقف الانقلاب النظامي فإن دعم أمريكا لإسرائيل قد يتضرر. وليكن من الواضح بأننا من دون المساعدات العسكرية، لا يمكننا شراء الطائرات المتقدمة والصواريخ ومحركات دبابة، ولن نستطيع أن نبقى بدون الفيتو الأمريكي في الأمم المتحدة. في الحقيقة، يكفي أن يقول بايدن علناً بأنه سيقوم بفحص العلاقات كي نتحول إلى دولة مجذومة لا أحد يريد الاتجار معها، ومن هنا المسافة قصيرة إلى الانهيار الاقتصادي والأمني.
حتى بدون التهديد الأمريكي، كان نتنياهو هو سبب الفشل الاقتصادي الصارخ. ففي أربعة أشهر نجح في تحطيم اقتصاد إسرائيل الذي كان في وضع ممتاز. قراراته أدت بالاقتصاد إلى الركود والانخفاض في الاستثمارات وانخفاض حاد في مداخيل الضرائب، وهرب رؤوس الأموال، وتضخم مرتفع، وانخفاض في البورصة، والمس بمخصصات التقاعد، وتراجع مستوى المعيشة. شركة التصنيف الائتماني "موديس" عبّرت عن ذلك عندما خفضت تنبؤ التصنيف الائتماني لإسرائيل.
يجب إضافة الصراع أمام إيران إلى ذلك الفشل الكبير. هو يثرثر ويهدد ولكن طهران تضحك وتستمر في الاقتراب من القنبلة بشكل سريع. وهي في موازاة ذلك، تستأنف علاقاتها حتى مع السعودية. سبق ووعد نتنياهو بعقد سلام مع السعودية. أي نكتة هذه! وعد أيضاً بتحسين الأمن الشخصي وتعزيز النظام، لكنه جلب العكس، رقم قياسي، 19 إسرائيلياً قتلوا في العمليات، و52 قتيلاً في المجتمع العربي، و96 قتيلاً فلسطينياً في "المناطق" -الضفة الغربية-.
نتنياهو مناهض للصهيونية، فهو يفكك المجتمع من الداخل ويضعف الاقتصاد ويقوي الحريديم ويضر بالهدف الأعلى للصهيونية، وهو تحويل إسرائيل إلى ملجأ آمن للشعب اليهودي. بدلاً من الملجأ الآمن، حصلنا على اتحاد استثنائي لكل الذين يكرهوننا، والذين يرون كيف يضعفنا الانقسام الداخلي. في الحقيقة، إسرائيل مهددة الآن من جميع الاتجاهات، بدءاً بـ "حزب الله" وسوريا في الشمال، ومروراً بالفلسطينيين في الشرق، وانتهاء بحماس في الجنوب، والجميع ينسقون فيما بينهم بقيادة إيران. رئيس الأركان ووزير الدفاع حذرا مؤخراً من حرب منسقة على كل الجبهات.
هذه هي الهدايا التي أحضرها لنا بيبي في ذكرى يوم الاستقلال الـ 57، لذلك لا يوجد أمامنا أي خيار حقيقي. يجب علينا الانتصار في حرب الاستقلال الثانية.
المصدر: هآرتس
الكاتب: نحاميا شترسلر