في ذكرى أربعين سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، صدر عن المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، عبر أمينها العام الشيخ نعيم قاسم وغرفة عملياتها، بيانان جمعا الإطار العام والاستراتيجي للمواجهة مع الكيان المؤقت، والإطار العملياتي والميداني لها، بأسلوب يؤكّد بأن المقاومة بعد استعادتها لعافيتها بكل أبعادها، السياسية والعسكرية، ستكون وفقاً لما خطّط له الشهيد السيد نصر الله.
وقد تضمن خطاب الشيخ نعيم قاسم والملخص الميداني لغرفة عمليات المقاومة العديد من النقاط والأفكار التي تستوجب التوقف عندها، لأنها ستحدّد المسار المستقبلي للمواجهة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. ولأن خطاب الشيخ قاسم تضمن أيضاً رسائل داخلية لافتة، مثل دعوته لقيادة الجيش اللبناني بإصدار بيان يوضّح ملابسات عملية الإبرار الإسرائيلية في البترون، وما يعنيه ذلك ربما، من كشف للسبب الذي منع الجيش عن اكتشاف العملية، وعن دور قوات اليونيفيل البحرية المشبوه (تحديداً التابعة للقوات الألمانية)، في تسهيل حصول هذه العملية.
الشيخ قاسم: الميدان وحده من يوقف العدوان
وقد بدأ الشيخ نعيم قاسم خطابه بمناسبة أربعين السيد الشهيد نصر الله، ببيان صفاته ودوره الكبير في المقاومة كرمز لها، وفي بناء لحزب الله الجامع لشرائح المجتمع بأسره، بهيكلية منظمة وممتدة في كل الميادين، الثقافية والسياسية والجهادية والاجتماعية والتربوية والاستشفائية. معتبراً بأن السيد نصر الله "حاز أرفع الأوسمة وأعلاها، وأرفع ما في الأوسمة وسام قائد المقاومة في المنطقة، وسام حبيب المجاهدين المقاومين والكبار والصغار وأحرار العالم، وسام عشق الحسين سلام الله تعالى عليه وعلى طريقه ونهجه، وسام ابن الولاية المتفاني فيها إلى آخر الطريق، وسام والد الشهيد هادي، وسام شهيد الأمة، سيد شهداء الأمة، وهذا أرفع الأوسمة، وسام فاتح عصر الانتصارات وفاتح طريق القدس".
ثم ركز الشيخ قاسم خطابه على 3 أمور:
_توصيف واقع الحرب الإسرائيلية العدوانية على لبنان، وأنه لم يعد مُهمًّا كيف بدأت وما هي الذرائع التي سبّبتها، وأن نتنياهو يطمح لتحقيق مشروع كبير جدًا يتخطّى غزة وفلسطين ولبنان إلى الشرق الأوسط. وأن خطوات هذا المشروع هي ثلاث: إنهاء وجود حزب الله، احتلال لبنان ولو عن بعد، في الجو والتهديد وجعل لبنان شبيهًا بالضفة الغربية، العمل على خارطة منطقة الشرق الأوسط.
ثم لفت الشيخ قاسم بأن نتنياهو لم يلتفت ولم يعرف أنّه يواجه حزبًا ومقاومة لديها ثلاثة عوامل قوة أساسية: العقيدة الراسخة في الحزب ولدى المقاومين، الروحية الاستشهادية، الاستعدادات التي تم تهيئتها من إمكانات وسلاح وقدرات وتدريب.
بالمقابل فإن عوامل القوة لدى الإسرائيلي هي ثلاث: الإبادة الوحشية، والقدرة الجوية الاستثنائية، وإحضار 5 فرق على الحدود بهدف تحقيق إنجازات كبيرة. مؤكّداً بأن إسرائيل تنتفع فقط من القدرة الجوية، فيما يشكل عنصرا الجيش والإبادة عوامل سلبية لها.
_توقف الحرب العدوانية هو رهن بالميدان بقسميه: الحدود ومواجهة المقاومين للجيش الإسرائيلي على الحدود، والثاني هو الجبهة الداخلية وأن تصل إليها الصواريخ والطائرات حتى تدفع ثمنًا حقيقيًا وتعلم أنّ هذه الحرب ليست حربًا قابلة لأن ينجح فيها الإسرائيلي.
وطمأن الشيخ قاسم بأن هناك عشرات الآلاف من المجاهدين المقاومين المدربين الذين يستطيعون المواجهة والثبات، بالنسبة للجبهة الحدودية. أما بالنسبة للجبهة الداخلية الإسرائيلية، فستصرخ من الصواريخ والطائرات، وبالتالي لا يوجد مكان في الكيان الإسرائيلي ممنوع على الطائرات أو الصواريخ.
_ النتيجة الحتمية هي انتصار المقاومة وهزيمة إسرائيل جراء هذا العدوان.
_ بالنسبة للمفاوضات، فإن السقف هو حماية السيادة اللبنانية بشكل كامل غير منقوص.
_حادثة البترون وطريقة دخول الإسرائيلي، فيه إساءة كبيرة للبنان، وانتهاك لسيادته. مطالباً الجيش اللبناني المعني بأن يحمي الحدود البحرية، بأن يُصدر موقفًا وبيانًا يُبيّن حيثيات هذا الخرق، وأن يسأل اليونيفيل والقوات الألمانية عما رأت وفعلت في تلك الليلة.
الملخص الميداني لغرفة عمليات المقاومة: تطور كمي ونوعي
أما على صعيد التطورات الميدانية، فقد أصدرت غرفة عمليّات المُقاومة الإسلاميّة بياناً جاء فيه:
_ تفاصيل مواجهات الخيام البطولية وخطة الدفاع بالنار، التي اعتمدتها المقاومة والتي ترتكز على الرمايات الصاروخيّة والمدفعيّة عبر عدد كبير من الإستهدافات المُتزامنة والمُركّزة على تحركات وتموضعات ومسارات تقدم العدو داخل الأراضي اللبنانيّة وفي الداخل المُحتل. وأنه جرّاء الإنفجارات الضخمة، والأعداد الكبيرة من الإصابات، عمّت حالة من الذعر والتخبّط في صفوف القوّات الإسرائيلية.
وبالإضافة إلى الصليات الصاروخيّة والرمايات التي استهدفت التحركات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانيّة، تم خلال هذه العمليّة تنفيذ عدد كبير من الاستهدافات في المناطق الخلفيّة للقوات التي تشارك في الإعتداء بشكل مدروس ومُحددّ عبر:
1)استهداف تجمعات قوّات تأمين الهجوم على بلدة الخيام، في موقع ومستوطنة المطلة والبساتين المحيطة بها.
2)استهداف معسكر للتدريب وقواعد النار ومقرّات قياديّة في مستوطنة أيِيلِت هشاحر، وقواعد نيران صاروخية في مستوطنة يسود هامعلاه، ومنطقة تجميع للمدرعات في مستوطنة شاعل، ومقرات قياديّة في مستوطنة شامير.
3)إجبار القوات الإسرائيلية ليل الخميس 31-10-2024 على الإنسحاب إلى ما وراء الحدود، والاستعانة بالمروحيّات العسكريّة لنقل القتلى والجرحى، واستقدام آليات خاصّة لسحب الدبابات المُدمرة.
_بالرغم من الإطباق الإستعلامي والنشاط الدائم لسلاح الجو الإسرائيلي، قامت المُقاومة برفع وتيرة عمليّاتها النوعيّة التي تندرج ضمن إطار سلسلة عمليّات خيبر، عبر توجيه ضربات مُركّزة ومدروسة للمراكز والمنشآت والقواعد الإسرائيلية الاستراتيجيّة والأمنيّة، بعمق وصل إلى 145 كلم داخل فلسطين المُحتلة، باستعمال الصواريخ والمسيّرات النوعيّة، بعدد وصل الى 56 عملية.
وعدا عن تحقيق العمليّات لأهدافها العسكريّة، فإن أكثر من 2 مليون مُستوطن على مساحة أكثر من 5,000 كلم2، وبعمق وصل إلى 145 كلم داخل فلسطين المُحتلة، أُجبروا على الدخول إلى الملاجئ وإيقاف الدراسة والأعمال وحركة الملاحة الجويّة بشكل مُتكرر مع كل عمليّة تم تنفيذها.
وهذا تطبيق عملي لمعادلة السيد نصر الله الأخيرة قبل شهادته، حينما توعّد الكيان بأنه لن يستطيع إعادة أو تأمين المستوطنين في منطقة شمالي فلسطين المحتلة.
_التأكيد على أن سلسلة عمليّات خيبر تتصاعد وفق رؤية وبرنامج واضح، وإدارة وسيطرة عالية، تضمن القدرة على الوصول الفعّال إلى كافة الأهداف التي تُحددها قيادة المُقاومة.
والتأكيد على المُستوطنين الذين تم إنذارهم بضرورة إخلاء مُستوطناتهم عدم العودة إليها كونها تحولت إلى أهداف عسكرية نظراً لاحتوائها على مقرّات قياديّة، وثكنات ومصانع عسكريّة، ومرابض مدفعيّة وقواعد صاروخيّة، ومحطات للخدمات اللوجستيّة والأركانيّة للقوّات التي تعتدي على الأراضي اللبنانيّة.
_ الإنجاز الوحيد الذي حققه جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال "المناورة البريّة" هو فقط تدمير البيوت والبنى التحتيّة المدنيّة وتجريف الأراضي الزراعيّة في البلدات الحدوديّة.
_التثبيت بأن تشكيلات المُقاومة تمكنت من ترتيب هيكليتاها وبمختلف المستويات، وهذا ما يعكسه إرتفاع وتيرة عمليّات إطلاق الصواريخ والمُسيّرات الإنقضاضيّة على مُختلف الأهداف داخل الكيان المؤقت حتى تل أبيب.
_المقاومون في الجبهة الأماميّة عند الحدود الجنوبيّة، وبفعل ضرباتهم الدقيقة والمُتكررة، وقدرتهم العالية على التصدي لتوغلات الاحتلال وتدمير دباباته وآلياته، تمكنوا حتى الآن من إجبار القوّات الإسرائيلية على المراوحة عند حدود قرى الحافة فقط، ومنعها من التقدّم باتجاه قرى النسق الثاني من الجبهة أو الاقتراب من مجرى نهر الليطاني.
_أن المقاومة الإسلاميّة وفي ذكرى أربعين شهيدها الأسمى والأقدس والأغلى، سماحة السيد حسن نصر الله، تؤكد أنها على العهد والوعد، وستبقى وفية لدماء شهدائها وستمضي في تحقيق الأهداف التي ارتقوا من أجلها، وعلى رأسها رفعة وكرامة شعبها الأبي وحرية وسيادة بلدها. ومعاهدة أمينها العام الشيخ نعيم قاسم بأنها ثابتة على درب الولاية حتى تحقيق النصر.
الكاتب: غرفة التحرير