الثلاثاء 29 آب , 2023 01:47

معضلة الكيان: تشكيل حكومة من دون نتنياهو هو انتحار جماعي لليمين

نتنياهو يلتقي بجنود إسرائليين

الواقع أن خطاب الاغتيالات ليس جديدًا في الكيان المؤقت، ولا حتى ديباجة "الدور الإيراني" جديدة لدى المسؤولين الإسرائيليين، إلا أن ضيق مساحة المناورة السياسية لنتنياهو وحكومته، واتساع الفجوات الأمنية والسياسية في الكيان، أدى إلى تكثيف هذا الخطاب، خاصة بعد كسر الرقم القياسي لعدد قتلى العمليات الفلسطينية الفردية، وبما أنه لا يمكن لوم لابيد أو غانتس، وحتى السلطة الفلسطينية، يبحث نتنياهو عن شمّاعة لإلصاق فشله الأمني.

بدورها المقاومة الفلسطينية وفي معرض ردّها على تكثيف خطاب الاغتيالات، صرّح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري لقناة الميادين، إنه سيكون هناك رد قاس في حال حاولت "إسرائيل" اغتيال أي من قادة التنظيمات، حتى لو أدى ذلك إلى حرب إقليمية. وهو الأمر الذي تلقفه نتنياهو مباشرة ليلقي فشله على إيران و"أتباعها" في محاولة لشدّ العصب الإسرائيلي من خلال خطاب شعبوي يصدّر الأزمة إلى العدو الخارجي الذي يعتدي على شعبه، "تدرك حماس وبقية أتباع إيران جيدا أننا سنحارب بالوسائل كافة محاولاتهم صناعة الإرهاب بحقنا في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وفي غزة، وفي كل مكان آخر". يقول نتنياهو. ويضيف: "نحن نواجه موجة إرهاب من الداخل والخارج على حد سواء".

ليبرمان: لتشكيل حكومة دون نتنياهو

بالتوازي، يتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان أن وزير أمن الاحتلال إيتمار بن غفير، ليس لديه تصوّر أو سياسة لخروج الأمن عن السيطرة في الضفة باستثناء تصريحاته، ورأى أنّ عدم ردّ نتنياهو على قضية الخيام في شبعا، ولا على الهجوم في مجدو، يوضح أنّ التحديات الأمنية أكبر منه، وأنّ هذه المسألة ليست مطمئنة وتبث الخوف. وعلى الصعيد الداخلي أوضح ليبرمان: "ننجرف إلى صراع داخلي غير مسبوق. نتنياهو ملتزم بقانون شاس للتهرب من الخدمة العسكرية، والتزم بتغيير تركيبة لجنة القضاة، وقانون شلومو كرعي للسيطرة على الإعلام". ودعا إلى تشكيل حكومة بدون نتنياهو، قائلاً: "لا يجوز لنتنياهو أن يستمر، ولو ليوم واحد، في الحكم، وهو (نتنياهو) تهديد وجودي لدولة إسرائيل ويجب أن يرحل".

إعفاء الحريديم سيؤدي إلى خضة "لم نعرفها سابقًا"

الواضح أن قانون الخدمة العسكرية سيؤدي إلى خضة في الكيان "لم نعرفها سابقًا" كما عبّر العميد احتياط أرييل هايمان وهو عضو معهد أبحاث الأمن القومي. يستشرف هايمان عواقب القانون بأنه سيؤدي إلى "احتجاج سيجتاح البلاد"، والذين وقفوا على التل لغاية الآن سينضمون بقوة كبيرة، حيث أن ما يجري اليوم من احتجاجات في الكيان سيبدو لعبة أطفال. ويرى أنّ عدم المساواة في حال إعفاء الحريديم "يصرخ إلى عنان السماء بالفعل". خاصة أن "شهية الحريديم تتزايد". فالوضع الذي تمّ تكريسه في السابق، والذي يعفي المتدينين ويبقي على العلمانيين فقط في الخدمة العسكرية، لم يعد يتقبله المستوطنون بعد الآن. وحالة الفوضى ستشمل عدم تطوع جنود الاحتياط، وآخرون سيرفضون الخدمة، خاصة في الضفة الغربية أو على امتداد الحدود. وثمة الكثير من الاعتراضات التي ستملأ المحكمة، وموجة الأحداث الحالية ستصبح تسونامي تغرق جيش الاحتلال.

أما بخصوص التعديلات القضائية، للأسبوع الـ 34 على التوالي، جرت تظاهرات ضد الخطة في نحو 150 موقعًا في أنحاء الكيان المؤقت. كما شهدت العديد من المدن احتجاجات واسعة، بما في ذلك القدس وحيفا، وأغلق المحتجون الشوارع التي تربط بين العديد من المدن. وانضم إلى هذه التظاهرات عدد من كبار المسؤولين في صناعة التكنولوجيا العالية الإسرائيلية، وبعد ذلك أعلن بعض مسؤولي التكنولوجيا الفائقة، عزمهم على سحب أموال الشركات من البنوك في إسرائيل، والدخول في إضراب احتجاجًا على "الإصلاح القضائي".

التوجه إلى الانتخابات هو انتحار جماعي

من جهتها، أعربت مصادر عديدة في الليكود عن رفضها فكرة التوجه إلى انتخابات كـ "استفتاء شعبي نهائي" حول قضايا "التغييرات القضائية"، معتبرة أن "الانتخابات اليوم هي الطريق المضمونة إلى انتحار جماعي لمعسكر اليمين، الذي يوجد اليوم في الحضيض"، وفق ما أفادت صحيفة "معاريف". وأوضحت أن الأصوات المتصاعدة وسط الائتلاف تدعو إلى "وضع الإصلاح جانبًا، وفي حال دُفع قدمًا، أن يكون بالتوافق فقط".

ولفتت الصحيفة إلى أن الخشية الأساس في الليكود تدور حول قضية "قانون التجنيد". ونقلت عن مصادر في الائتلاف قولها: "نحن نحاول بكل طريقة ممكنة إقناع الحاخامات الأكثر تطرفًا وتعنتًا أن صيغة غير واقعية لقانون التجنيد ستقودنا إلى انتخابات بخلاف رغبتنا، وفي نهاية المطاف الحريديم يمكن أن يجدوا أنفسهم في المعارضة، وأيضا من دون قانون ومن دون سلطة. حاليًا إنه التوقيت الأسوأ لتشريع قانون التجنيد، ناهيكم عن الصيغة التي يتحدثون عنها في أحزاب الحريديم. هذا سيوفّر وقودًا للاحتجاج الذي يذوي، وسنتلقى تظاهرات وتحريض على مستوى الاحتجاج ضد الإصلاح (القضائي)... الأمل الوحيد للمعارضة اليوم هو أن يؤدي موضوع التجنيد إلى انهيار الحكومة. في حال كانت هناك انتخابات قريبًا، المعارضة لن تحتاج إلى القائمة المشتركة، ولا إلى الحريديم، من أجل إقامة حكومة".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور