الأربعاء 08 تشرين ثاني , 2023 07:40

الكيان المؤقت: السنوار خدعنا ولن يستسلم

القائد يحي السنوار

 ليس خفياً على أحد أن "إسرائيل" وضعت يحيى السنوار على رأس قائمة المطلوبين لديها، في سياق استهداف الشخصيات الرئيسية للحركة الفلسطينية، تصفه بـ "العنيد"، بحسب صحيفة هآرتز الإسرائيلية، ووصفه أحد عارفيه ب"شخص ينظر لنفسه بأن لديه مهمة في العالم". وقد نشر معهد السياسات والإستراتيجية الإسرائيلية التابع لمركز "هرتسيليا" تقريرًا حول شخصية السنوار اعتبر فيه أن الأخير يُغيِّر قواعد اللعبة مع إسرائيل، وقال إنه لا يمكن قراءة سلوك السنوار في إطار انعدام العقلانية أو الابتعاد عن الواقع، فهو يعمل ضمن خيارات واعية ويُقيِّم تحرُّكاته على أساس التجربة ونتائجها الخاطئة والصحيحة. في المقابل، قال مايكل ميليستين، الضابط السابق في الاستخبارات، والخبير في الشؤون الفلسطينية: "لم نفهمه أبداً بطريقة عقلانية".

 نشأ السنوار في خان يونس جنوب غزة، وظهر على المشهد السياسي في بداية الثمانينات من القرن الماضي كناصح لزعيم "حماس" الروحي الشيخ الشهيد أحمد ياسين. وكان جار السنوار في خان يونس، محمد الضيف، القائد الأعلى لكتائب عز الدين القسام العقل المدبر لعملية "طوفان الأقصى"، والمعروف بأن السنوار كان إلى جانبه في التخطيط للعملية، (يعتقد المحللون الاستخباراتيون أن الهجوم الذي نفّذته حماس احتاج عاماً من التحضيرات) وبالإضافة إلى المساعدة على بناء الجناح العسكري لـ "حماس"، كان السنوار مسؤولاً عن الجهاز الداخلي السري "مجد" المكلف بملاحقة العملاء.

السنوار وطوفان الأقصى

 صوّره بنيامين نتنياهو بـ "الرجل الميت الحي"، حيث حمّله مسؤولية أكبر هجوم ضد الكيان المؤقت. لم يكن هجوم طوفان الأقصى من داخل نسق المنطق العسكري التقليدي، الذي يتسم بالانضباط إلى الحد الأقصى لتحقيق المهام بأعلى وأكثر حرفية ممكنة. للجيوش منطقها، تقاليدها، وتراثها غير المنظور، الجنرال العسكري مثلًا يفكر بالنحو الذي يفكر فيه الأرستقراطي. هو يحاول أن يرى الأمور من أعلى، وتكمن كفاءته في رفع جاهزية عناصره وتقليص الخطأ لحدوده الدنيا، تلك السمات التي ورثتها الجيوش منذ بدء زمن الأنوار ومن ثم الحداثة، هي بالضبط النقيض لما هو عليه يحي السنوار إلى جانب محمد الضيف. بإمكاننا اعتبار الرجلين نموذجاً للعمل "غير العقلاني" بمعايير وأدبيات الدولة الحديثة، مع أن العسكري لا يحبذ "اللاعقلانية" في العمل. لكن إن الحكم على عقلانيّة عمل ما أو سياسة ما بالنسبة إلى عقلانيّتها تتعلّق بنتيجة العمل لا بشكله. فكيف إن كان العمل شكّل مفصلاً تاريخياً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، يتطلب إنجاح هذا النوع من العمل جاهزية شعبية وقدرة تنظيمية عالية على ضبط الناس وتحويلهم من العمل المدني إلى العمل الميداني وبالعكس بنحو سريع. وبالمثل، يتطلب هذا العمل كفاءة عسكرية وأمنية عالية في تماهي عناصر الهجوم مع البيئة المدنية، بالإضافة إلى الاجتهاد في التشخيص وانضباط في الأداء.

 تواصل إسرائيل قصف المدنيين في قطاع غزة بلا هوادة، ولجأت إلى خيار ملاحقة قادة حماس وفي مقدمتهم السنوار، وهو تهديد اعتاده الرجل على كل حال. ورغم ذلك، سوف يكون على كيان الاحتلال معايرة ردها بدقة إذا ما أرادت استعادة أكثر من مئتي أسير الذين تحتفظ بهم حماس حتى اللحظة، لا سيما مع قيادي خرج هو نفسه من الأسر في صفقة سابقة، بالمناسبة كان مُعارِضا أصلًا لصيغة الاتفاق آنذاك رغم أنه منحه الحرية، فقد أصرَّ السنوار على إخراج جميع الأسرى مقابل الأسير الإسرائيلي، ولعل هذا يشي لنا بطبيعة الرجل ونهج الحركة تحت قيادته، ويُنبئ الحكومة في تل أبيب بصعوبة المهمة القادمة في مواجهة حماس مع شخص السنوار الذي "خدعنا ولن يستسلم" وفق المسؤولين الاسرائيليين.


الكاتب: غرفة التحرير


روزنامة المحور