الثلاثاء 31 كانون الاول , 2024 02:58

استهداف إيران لن يردع اليمن: نقاش حول تغيير الاستراتيجية الاسرائيلية

أعلنت صنعاء قبيل ساعات عن استهداف مطار بن غوريون ومحطة كهرباء جنوبي القدس المحتلة في إطار التصعيد المستمر الذي لم تجد له إسرائيل حلّاً بعد، رغم المؤازة الاميركية الغربية. فيما يشتد النقاش داخل الكيان حول الآليات المفترضة التي يمكن أن تقدم تحولاً دراماتيكياً في الحرب، كاستهداف إيران، والذي دعا إليه عدد من المسؤولين الاسرائيليين علانية، بينما يرى البعض الآخر، أن العلاقة بين الجهتين لم تقم يوماً على التبعية، ولم تجد بهذا الاقتراح منفعة حقيقية تبرر المخاطرة.

يرى مسؤولون مناهضون لمقترح الهجوم على إيران أن ذلك يتعارض مع المصالح الأميركية، كما يؤدي إلى تدهور الصراع في المنطقة التي تحتضن كل أسباب الغليان في الوقت الراهن، مقابل عدم ضمان أن يؤدي هذا الاستهداف إلى نتائج مرجوة كوقف صنعاء عملياتها في البحر الأحمر والعمق الاسرائيلي.

يقول الرائد احتياط داني سيترينوفيتش وهو كبير الباحثين في معهد آبا إيبان للدبلوماسية الدولية في إسرائيل، أن "الحوثيين تجاوزوا مرحلة في الحملة ضد إسرائيل ويحاولون الآن استنزاف سكانها بإطلاق الصواريخ كل ليلة تقريبًا باتجاه كتلة دان". ويوضح أنه "من وجهة نظر الحوثيين، حتى لو تم اعتراض هذه الإطلاقات، فإنهم -يقومون بالمهمة- لأنهم يضغطون على السكان الإسرائيليين: يتم تشغيل أجهزة الإنذار الليلية في مناطق واسعة من كتلة دان – حتى بعد عمليات الاعتراض الناجحة، خوفًا من سقوط شظايا من الاعتراض".

ويشير سيترينوفيتش إلى أنه "يجب التأكيد على أنه حتى لو كان من الأسهل على إسرائيل من الناحية العملياتية أن تعمل علانية في إيران، فمن المشكوك فيه للغاية أن يغير الهجوم على إيران حسابات الحوثيين بأي شكل من الأشكال فيما يتعلق بنشاطهم المستمر ضد إسرائيل. ففي نهاية المطاف، لا يمكن وصف العلاقة بين إيران والحوثيين بأنها علاقة راعي-عميل". ويوضح أن "إيران تساعد الحوثيين في بناء قوتهم العسكرية، بما في ذلك توريد الأسلحة الاستراتيجية، فإن الحوثيين صارمون في مسألة الاستقلال عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار ولا يأخذون بالضرورة في الاعتبار المصالح الإيرانية". ويمكن وضع امتناع طهران عن التأثير في القرار اليمني، أو الاستجابة للتهديدات الأميركية، حول فرض الحصار على الممرات المائية أمام السفن المتجهة إلى إسرائيل ضمن هذا الاطار، لما تعتبره إيران أمراً تقدّره القيادة اليمنية التي تبسط سيادتها على جغرافيتها في البر والبحر ولها الحق في ذلك. واللافت أن سيترينوفيتش يرى أنه من "الصعب بل يكاد يكون من المستحيل خلق معادلة ردع ضد الحوثيين، الذين ليس لديهم ما يخسرونه تقريباً".

في ظل ضيق الخيارات المطروحة على الطاولة أمام القرار السياسي الاسرائيلي، خاصة وأن البعد الجغرافي لليمن يفرض واقعاً صعباً، يرى بعض المحللين والمسؤولين ضرورة تغيير الاستراتيجية الاسرائيلية بهدف حصد نتائج أفضل. اذ ان استهداف الموانئ والمطار والبنى التحتية المدنية الأخرى، لم يغير شيئاً في الوضع القائم، ولم يؤثر على ترسانة صنعاء العسكرية. ويقترح أن تقوم الاستراتيجية الاسرائيلية الجديدة على عدد من الركائز:

-الاستمرار بالعمليات العسكرية ضد اليمن بمعزل عن العمليات اليمنية وتوقيتها، أي الخروج من سيناريو الضربة بالضربة

-زيادة الوجود الدائم في البحر الأحمر، وعلى ما يبدو أن هذا الأمر لا يتعلق فقط بالأنشطة العسكرية بل بالأمنية أيضاً، على اعتبار أن اليمن كان حتى الأمس القريب، خارج دائرة الضو لأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية

-تنويع الأهداف وعدم التركيز على البنى التحتية بهدف خلق شعور لدى القيادة اليمنية بأنها قد دخلت بالحرب فعلياً، كما أن هناك دعوات لاستهداف كبار المسؤولين، وهذا ما أدرج ضمن لائحة الأهداف منذ اليوم، لكن الافتقار لمعلومات أمنية دقيقة يحول دون التنفيذ

-الاستفادة من التنسيق الاستخباري مع السعودية والامارات ومصر بما أنهم قد امتنعوا عن الدخول في التحالف العسكري بشكل مباشر

-تدويل الأزمة مع صنعاء، وعدم حصرها بإسرائيل، وهذا ما يعطي دفعاً وتأييداً دولياً للكيان، بعد أن أثبت اليمن طيلة الفترة الماضية أن السفن الاسرائيلية وتلك المتعلقة بها هي فقط محط الاستهداف وبالتالي نزع المشروعية باستهدافه

باتت إسرائيل تدرك أن النهج المتبع ضد غزة ولبنان، القريبتان جغرافياً، لم ينجح مع صنعاء، ولكل ساحة تعقيداتها الخاصة. اذ أن قوة سلاح الجو التي كانت تستعرض بها طيلة الفترة الماضية، باتت خياراً مكلفاً، والتحديات كبيرة ومعقدة. في حين، أن هناك من يرى أن الصراع بين الجانبين (كيان الاحتلال وصنعاء) بعد القدرة الفعالة التي أثبتتها الأخيرة خلال الفترة الماضية، لن ينتهي بانتهاء الحرب مع غزة، بل ان إسرائيل باتت تتطلع إلى محاولة اسقاط الحكومة في صنعاء، في إعادة للسيناريو الذي بات يعرفه الجميع أن لعبة اسقاط الأنظمة التي ترفض التبعية للمشروع الاسرائيلي الأميركي في المنطقة والعالم.


الكاتب: غرفة التحرير



دول ومناطق


روزنامة المحور