على الرغم من الضربات التي تدعي "إسرائيل" أنها وجهتها لحزب الله وحماس في حرب 2023- 2024 إلا أنها لا تزال تعتبرهما تهديداً أساسياً، وإن كان بدرجة مختلفة عما كانت عليه قبل الحرب، ومن جهة أخرى يشكل النفوذ والحضور القوي للعامل اليمني، إضافة إلى العامل العراقي، المتمثل بالحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية في العراق، تحدياً جدياً لإسرائيل والولايات المتحدة، ويؤثر ذلك على نظرتهما الحالية والمستقبلية لمحور المقاومة الذي سيبقى رغم ادعائهما بتفككه تهديداً وتحدياً جدياً.
كيف ترى إسرائيل التهديد؟
يبدو أن إسرائيل تنظر إلى مستقبل محور المقاومة حتى المستقبل المنظور بحذر شديد. فبعد الضربات التي وجهتها إسرائيل للمحور في غزة ولبنان، واغتيال قيادات بارزة، ورحيل نظام الأسد، لا زالت ترى أن المحور لا زال قادراً على تضميد جراحه واستعادة فعاليته بسرعة قياسية وهو بهذه الديناميكية والمرونة في إعادة بناء القدرات مازال يشكل تهديداً وازناً، وأن إيران لن تترك أي وسيلة لإعادة بنائه أفضل مما كان. وهذا ما سبب تغير نظرة إسرائيل للأوضاع في المنطقة وجعلها شديدة الحذر في التعامل مع المعطيات التالية:
- فشل استراتيجية التفكيك: يبدو أن استراتيجية إسرائيل لتفكيك وحدة الساحات لم تنجح بالكامل في سيناريو 2024، حيث استمرت بعض الجبهات في العمل، مثل اليمن، والعراق وظهرت تهديدات واعدة جديدة، كالأردن.
- التصعيد الإيراني: تصاعد التحديات الإيرانية المباشرة في الحرب كردة فعل دفاعية على الاعتداءات الاسرائيلية على السيادة الايرانية (القنصلية الايرانية في دمشق – أغتيال الشهيد اسماعيل هنية في إيران) وقد تجلت التحديات الإيرانية في 14-4-2024 و1-10-2024 من خلال الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار، ما دفع إسرائيل لإعادة النظر في حساباتها مع إيران بعدما كان كيان العدو يعتبر التهديدات الإيرانية خلال سنوات خلت تهديدات لفظية.
- الوضع الداخلي: أدت الحرب والخسائر البشرية إلى تصاعد التوترات الداخلية في إسرائيل، مما يؤثر جدياً على نظرة الحكومة الصهيونية للأوضاع في المنطقة وسياساتها الخارجية.
- تجاوز تأثير فقدان الحليف السوري: كان النظام السابق حليفًا لإيران وحزب الله، وكان رحيله بمثابة ضربة لمحور المقاومة. أثبتت الوقائع قدرة محور المقاومة على التكيف مع الأزمات وإعادة صياغة نفسه وفق مرونة ذاتية صاغها مؤسسو المحور وعلى رأسهم الحاج قاسم سليماني، هذا التكيف المرن واللامبالي بأخطر تغيير يمكن ان يواجهه المحور ككل في المشهد الإقليمي سيدفع إسرائيل لإعادة التفكير في استراتيجيتها في المنطق،ة التي كانت تعتمد على التأثير القاتل من خلال التفكيك المتسلسل والمعتمد على ضرب ما تعتبره عناصر قوة وثقل المحور.
- تزايد التهديدات: مع تزايد قوة حزب الله بعد تجربة 23-9-2024 حتى 27-11-2024، ربما شعرت إسرائيل ببقاء التهديدات على حدود فلسطين الشمالية، ما قد يدفعها لزيادة تركيزها على هذه الجبهة.
- تغير ديناميات المنطقة: أدت الأحداث الإقليمية، مثل النهاية الافتراضية للحرب الأهلية السورية وسقوط النظام السابق وصعود جماعات أخرى إلى الحكم، إلى تغيير ديناميات المنطقة بشكل عام، هذا التغيير قد يكون دفع إسرائيل لإعادة تقييم تهديدات محور المقاومة بالاستناد إلى النقاط الستة التي اسلفناها وتحديد أولوياتها الأمنية.
باختصار ما زالت اسرائيل ترى في مستقبل محور المقاومة تهديداً جدياً، وتستعد لهذا الاحتمال من خلال تطوير استراتيجيات جديدة تُركز على مواجهة إيران باعتبارها ركن المحور الوازن.
تأثير العامل التركي على أولويات إسرائيل وأمريكا تجاه محور المقاومة
من المحتمل أن يكون للتنازع التركي الإسرائيلي المتوقع في سوريا بعد زوال نظام الأسد واحتضان تركيا للحكم الجديد تأثير على نظرة إسرائيل الجديدة لمحور المقاومة. إذ قد يُؤدي هذا التنازع إلى تقديم أولويات وتغيير حسابات إسرائيل الاستراتيجية وتقييمها للتهديدات في المنطقة، وذلك من خلال عدة سيناريوهات محتملة:
- تحويل التركيز: قد يُؤدي التنازع مع تركيا إلى تحويل تركيز إسرائيل وجزء من مواردها مؤقتاً من مواجهة محور المقاومة إلى التعامل مع التهديد التركي في سوريا.
- إعادة تقييم التهديدات: قد يُجبر التنازع إسرائيل على إعادة تقييم التهديدات في المنطقة، خاصةً إذا قامت تركيا بدعم جماعات مُعادية لإسرائيل في سوريا.
- تعقيد العلاقات الإقليمية: قد يُعقّد التنازع التركي الإسرائيلي العلاقات الإقليمية، خاصةً مع الدول العربية التي لها علاقات مع كل من تركيا وإسرائيل.
- تأثير على التعاون مع الولايات المتحدة: قد يُؤثر التنازع على التعاون الأمني والاستخباراتي بين إسرائيل والولايات المتحدة، خاصةً إذا اختلفت مواقفهما تجاه تركيا أو سوريا.
الكاتب: غرفة التحرير