الإثنين 22 تموز , 2024 02:24

الضربات اليمنيّة.. تغييرٌ لمعادلات الحرب

استهداف يافا بطائرة مسيّرة يمنية

على خطى عملية الهدهد التي نفذتها المقاومة الإسلامية في لبنان الشهر الفائت، مسيّرة يمنية أطلقتها حركة أنصار الله لتقطع مسافة تتجاوز 2000 كيلومتر عابرة سيناء والبحر الأبيض المتوسط قاصدة يافا المحتلة فجر يوم الجمعة الفائت، مضللة أنظمة الرصد والتتبع وأنظمة الكشف التابعة لجيش الإحتلال محققة بذلك قتيل وعشرات الجرحى وسط المدينة، ليست هذه العملية الأولى للمقاومات الإسلامية في المنطقة ولكن هي الأولى من نوعها من حيث التصنيع المحلي والتطوير المستمر لهذا النوع من الاسلحة وتزويدها بأنظمة حديثة للتشويش والتسلل، ومن ناحية المكان حيث بيّن الجيش اليمني أن منطقة يافا المحتلة منطقة غير آمنة، وأن الأستهداف سكيون بزخم عالي خلال الأيام المقبلة، وأضاف الإعلام الحربي اليمني بأن الجيش على استعداد تام لأيٍ من المتغيّرات ضمن خطوات تصعيدية لن يتم التراجع عنها.

لا تقل أهمية عملية الهدهد عن عملية يافا بأي شيء يذكر إلا ان الأولى كانت للرصد والثانية للإستهداف، حيث وفّرت الطائرات المسيرة التي أطلقها حزب الله بنك معلومات كافٍ عن كافة الأمور المهمة في "إسرائيل"، كالمناصب المدنية والعسكرية والبحرية وحركات ومواقع الطيران العسكري وكل ما يمكن استهدافه من مرافق إقتصادية وحيوية ومراكز للطاقة، ولعل أبرز ما جاءت به المسيّرة "هدهد" من مشاهد فيديو هو مبنى قيادة وحدة الغواصات ومراكب سفينة ساعر4.5 المخصصة للدعم اللوجستي، والميناء البحري والقاعدة العسكرية الجوية وخزانات النفط والمنشآت البتروكيميائية ومجمع الصناعات العسكرية التابع لشركة رفائيل، والمجمعات التي تضج بالسكان والمجمعات التجارية ومصانع للقبة الحديدية ومصانع لمقلاع داود، التي ستكون تحت مرمى صواريخ المقاومة الدقيقة إذا أخطأ العدو الصهيوني تقدير الموقف للقدرة المعلوماتية الدقيقة للمقاومة، ولعل هذه العملية حملت العديد من الرسائل النفسية لدى الداخل الإسرائيلي ولحكومة نتنياهو المتصلة باتأثيراتها الردعية والتي ستصب نتائجها في صالح المقاومة في قطاع غزة.

أعلنت هيئة البث الإسرائيلي فجر يوم الجمعة مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين إثر سقوط المسيرة وسط تل أبيب وعلى بعد أمتار قليلة من سفارة الولايات المتحدة، ويعتبر هذا الإعلان الأول التي تقر فيها تل أبيب بتعرضها لضربة جوية بمسيّرة قادمة من اليمن منذ بدء الجيش اليمني عملياته ضد أهداف داخل الكيان وسفن مرتبطة بها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، وتنطوي هذه الإستهدافات على العديد من من الرسائل الإستراتيجية وتتمثل في:

- إظهار ضعف منظومات الدفاع لجيش الإحتلال الإسرائيلي الذي لم يتمكن من كشف المسيرة اليمنية (يافا) والتي وصلت إلى عمق الكيان وإصابة هدفها بدقة.

- تكريس معادلة الاختراق الجوي اليمني لإسرائيل مقابل الاختراق الجوي لجيش الاحتلال لأجواء لليمن.

- إثبات القدرات العسكرية المتطورة للجيش والمقاومة اليمنية وعملية التطوير المستمرة بما يتناسب مع متطلبات المعركة، دون أن يكون بإمكان الكيان الصهيوني رصد أو إسقاط أو منع أدوات الاستطلاع من رصد أهدافها وإجراء عمليات المسح الشامل لكافة الأهداف التي تستهدفها المقاومة.

- رسالة ردع إلى حكومة القتل وسفك الدماء الإسرائيلية إذا قررت التوسع في الحرب والتمادي في قتل المدنيين في قطاع غزة والجنوب اللبناني وقصف المدن اليمنية الآمنة.

-التأكيد على أن الجيش اليمني أصبح لديه صورة شاملة وواسعة للأهداف التي تشمل المراكز الحيوية والإستراتيجية والعسكرية.

-تعزيز فقدان الثقة بين الجمهور الإسرائيلي وجيش الإحتلال بهدف تحويل هذا الجمهور إلى عامل ضغط على حكومة نتنياهو، لردعها عن التمادي في أي مغامرة حربية واسعة تجاه اليمن أو لبنان او قطاع غزة.

-انهيار مضمون التفاخر بالقدرات الصهيونية على خوض حرب على عدة جبهات قد ولى إلى غير رجعة، فقوة محور المقاومة تزداد يوماً بعد يوم قوةً وصلابةً ومناعةً لتفرض بذلك معادلات جديدة في مختلف ساحات المعارك، فاليوم ما نشاهده من تآكلٍ لقدرة الردع الصهيونية وإنهيار الجهوزية العسكرية واللوجستية والإمكانيات التسليحية لدى جيش الإحتلال الإسرائيلي، وعجزه عن قدرات المقاومة المتصاعدة على كافة المستويات هو بحدّ ذاته هزيمة مدّوية لأقوى أنظمة العالم، التي ستخلّف هذه الهزيمة حالة نهوض جديدة لحركات المقاومة في عالمنا العربي الذي سيشكل نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، ومحاولات المقاومة الحثيثة لإسقاط مناخات اليأس والاحباط التي كانت سائدة في السابق في الصراع مع العدو الصهيوني، ونزع الخوف من عقول جماهير المقاومة وبث بدلًا عنه الثقة والمأل بقدرة المقاومة على هزيمة جيش الإحتلال وتحرير الأرض دون قيد ولا شرط.


المصدر: صحفي من سوريا

الكاتب: خليل عبد الحميد




روزنامة المحور