الخميس 25 تموز , 2024 02:53

حرب المسيّرات.. تحليل وتقييم واستشراف

حرب المسيرات الإسرائيلية

شهدت معركة طوفان الأقصى، التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، تطوراً لافتاً في استخدام الطائرات المسيرة، ما أعطى بعداً جديداً للصراع وأثار تساؤلات حول مستقبل الحروب في المنطقة. ستتناول هذه الدراسة المرفقة أسفل الملخّص أدناه، تحليلاً معمقاً لحرب المسيرات في هذه المعركة، بدءاً من تقييم أداء كل من الجيش الإسرائيلي ومحور المقاومة، وصولاً إلى تقييم أهميتها وتأثيرها على الصراع الحالي، واستشراف دورها في حال توسعت الحرب إلى حرب إقليمية.

أولاً: تحليل وتقييم تكتيكات وأداء الجيش الإسرائيلي في مجال حرب المسيرات

استفاد الجيش الإسرائيلي من قدراته التكنولوجية المتقدمة في استخدام المسيّرات بعدة تكتيكات، محاولاً تحقيق أكبر قدر من الفعالية وتقليل المخاطر على قواته:

الاستطلاع والمراقبة: اعتمد الجيش الإسرائيلي على المسيّرات بشكل أساسي كعيون ساهرة، تُوفر له رؤية شاملة لساحة المعركة وتساعده على جمع معلومات استخباراتية حيوية.

- تحديد مواقع أهداف المقاومة: استخدمت المسيّرات لتحديد مواقع قادة المقاومة ومخابئ الأسلحة وورش التصنيع ومراكز القيادة والأنفاق.

- تقييم الأضرار: بعد تنفيذ الضربات الجوية، استخدمت المسيّرات لتقييم مدى دقة الضربات والأضرار التي لحقت بالأهداف.

- مراقبة تحركات المقاومة: راقبت المسيّرات تحركات قوات المقاومة، وساعدت في توقع هجماتها وتحديد نقاط ضعفها.

- التنسيق مع القوات البرية: وفرت المسيّرات معلومات حية للقوات البرية، مما ساعدها على تجنب الكمائن وتحديد أفضل الطرق للتقدم.

- تغطية المناطق الخطرة: سمحت المسيّرات للجيش الإسرائيلي بمراقبة المناطق الخطرة التي يصعب الوصول إليها بواسطة القوات البرية، مثل المناطق الحدودية والمناطق المأهولة بالسكان.

- أنواع المسيّرات المستخدمة: استخدم الجيش الإسرائيلي أنواعاً مختلفة من المسيرات، تتنوّع بين المسيّرات الصغيرة "الكوادكوبتر" إلى المسيّرات متوسطة الحجم مثل "هيرميس" إلى المسيّرات الكبيرة مثل "هارون".

- التكامل مع الاستخبارات البشرية: دمج المعلومات التي تجمعها المسيرات مع معلومات الاستخبارات البشرية للحصول على صورة كاملة لدقة أهداف المقاومة وأنشطتها.

الهجوم الدقيق: نفذت المسيّرات المسلحة غارات جوية دقيقة استهدفت مواقع عسكرية وبنية تحتية تابعة للمقاومة، محاولةً تقليل الخسائر في صفوف المدنيين.

- استهداف قادة المقاومة: استخدمت المسيّرات المسلحة لاغتيال قادة المقاومة، في محاولة للتأثير على معنويات المقاومة وقدرتها على القيادة والتنسيق.

- تدمير منصات إطلاق الصواريخ: استهدفت المسيّرات منصات إطلاق الصواريخ التابعة للمقاومة، في محاولة لاضعاف من قدرتها على قصف المدن الإسرائيلية.

- تدمير مخازن الأسلحة: دمرت المسيّرات مخازن الأسلحة والذخيرة التابعة للمقاومة، في محاولة للتأثير على قدرتها على مواصلة القتال.

- شل حركة المقاومة: استهدفت المسيّرات المركبات العسكرية التابعة للمقاومة، بهدف إعاقة حركتها وقدرتها على نقل المقاتلين والأسلحة.

- التقليل من الخسائر في صفوف المدنيين: حرص الجيش الإسرائيلي على استخدام المسيّرات المسلحة بشكل دقيق، لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين وتجنب الانتقادات الدولية.

- أنواع المسيّرات المستخدمة: استخدم الجيش الإسرائيلي أنواعاً مختلفة من المسيّرات المسلحة، مثل "هيرميس" و "هيرون" و "هاروب".

الدفاع الجوي: استخدمت أنظمة مضادة للطائرات المسيرة لصد هجمات المسيرات التابعة للمقاومة، محاولةً منعها من تحقيق أهدافها.

- التشويش على إشارات التحكم: استخدمت أنظمة التشويش الإلكترونية للتأثير على إشارات التحكم للمسيرات، ما أدى إلى إسقاط بعضها أو إعاقة حركتها.

- استخدام أسلحة الليزر: تم تجربة أسلحة الليزر لإسقاط المسيّرات، حيث تُعدّ هذه الأسلحة أكثر دقة وفعالية من الأسلحة التقليدية.

- استخدام الصواريخ الاعتراضية: في بعض الحالات، تم استخدام الصواريخ الاعتراضية لإسقاط المسيّرات التي تشكل خطراً كبيراً، مثل المسيّرات المفخخة أو المسيّرات التي تحمل أسلحة كيميائية أو بيولوجية.

- تطوير أنظمة دفاع جوي متخصصة: يعمل الجيش الإسرائيلي على تطوير أنظمة دفاع جوي متخصصة في مواجهة المسيّرات، لتحسين قدرته على صد هجماتها وحماية أهدافه الحيوية.

- التعاون مع الدول الأخرى: يتعاون الجيش الإسرائيلي مع دول أخرى، مثل الولايات المتحدة، لتطوير تقنيات وتكتيكات جديدة لمواجهة تهديد المسيرات.

كشف الأنفاق: أثبتت المسيرات فعاليتها في اكتشاف واختراق أنفاق المقاومة، خاصة المسيّرات الصغيرة "الكوادكوبتر"، ما ساهم في تقليل خطر هذه الأنفاق على القوات البرية.

- المسيرات الصغيرة "الكوادكوبتر": تُعدّ المسيرات الصغيرة "الكوادكوبتر" مثالية لاختراق الأنفاق واستكشافها، بفضل حجمها الصغير وقدرتها على المناورة في المساحات الضيقة.

الحرب النفسية: استغلال المسيرات كأداة للحرب النفسية للتأثير على معنويات المقاومة والرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي.

- نشر صور ومقاطع فيديو لضربات المسيرات: للإيحاء وإظهار قوة الجيش الإسرائيلي ودقة ضرباته وإلحاق الخسائر بالمقاومة.

- استخدام المسيرات لإلقاء المنشورات: لنشر الدعاية والتأثير على الرأي العام الفلسطيني.

ثانياً: تحليل تكتيكات وأداء محور المقاومة في حرب المسيّرات

أ- التكتيكات: أظهرت معركة طوفان الأقصى قدرة محور المقاومة على التكيف وابتكار تكتيكات فعالة في استخدام المسيّرات، مستفيدة من مرونة هذه التكنولوجيا وسهولة الحصول عليها. ويمكن تفصيل هذه التكتيكات كما يلي:

الهجوم المفاجئ: استغلال عنصر المفاجأة لإحداث صدمة لدى الجانب الإسرائيلي وإثبات قدرة المقاومة على اختراق نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي.

- توقيت الهجمات: اختيار توقيتات غير متوقعة لشن الهجمات، مثل أوقات الليل أو خلال فترات الهدوء النسبية، لزيادة فرص نجاح المسيّرات في الوصول إلى أهدافها.

- مسارات طيران غير تقليدية: تجنب المسيّرات للطرق والمسارات التقليدية للطائرات الحربية، واتباع مسارات طيران منخفضة ومتعرجة للتهرب من أنظمة الرادار والدفاع الجوي.

- استهداف أهداف حساسة: تركيز الهجمات على أهداف حساسة داخل الكيان، مثل مواقع عسكرية ومراكز قيادة وموانئ ومطارات، لإحداث أقصى قدر من الضرر والتأثير على المعنويات.

الحرب النفسية: استخدام المسيّرات كأداة للحرب النفسية لإضعاف معنويات الجانب الإسرائيلي ونشر القلق بين المستوطنين والتأثير على الرأي العام الدولي.

- نشر صور ومقاطع فيديو للهجمات: إظهار قدرة المقاومة على خرق الأمن الإسرائيلي والوصول إلى أهداف داخل الكيان، وإثبات فاعلية المسيّرات كأداة قتالية.

- إلقاء المنشورات ورسائل التحذير: استخدام المسيّرات لإلقاء المنشورات التي تحمل رسائل تهدد الجانب الإسرائيلي أو تدعو المواطنين إلى مغادرة مناطق معينة.

- التأثير على وسائل الإعلام الدولية: نشر صور ومقاطع فيديو للهجمات عبر وسائل الإعلام الدولية لجذب الانتباه إلى قضية فلسطين والتأثير على الرأي العام العالمي.

استغلال التكلفة المنخفضة: استغلال المسيّرات كأداة قتالية فعالة ومنخفضة التكلفة مقارنة بالأسلحة التقليدية، ما يُعطي المقاومة ميزة في حرب الاستنزاف مع الجيش الإسرائيلي.

- تقليل تكاليف التصنيع والتشغيل: اعتماد المقاومة على تقنيات بسيطة ومتوفرة لصناعة وتشغيل المسيّرات، ما يُقلّل من التكاليف بصورة كبيرة مقارنة بتكاليف الطائرات الحربية والصواريخ الباهظة.

- إطالة أمد المقاومة: تمكين المقاومة من مواصلة القتال لفترة أطول ومواجهة الترسانة العسكرية الإسرائيلية الضخمة دون نفاد الموارد بسرعة.

استغلال التكنولوجيا التجارية: الاستفادة من سهولة الوصول إلى تقنيات المسيّرات التجارية وتعديلها لتناسب الاحتياجات العسكرية، ما يُعطي المقاومة مرونة كبيرة في تطوير قدراتها وتجاوز الحصارات. الصهيونية والدولية.

- الحصول على مسيّرات تجارية: شراء مسيّرات تجارية من أسواق مختلفة عبر شبكات التجارة الدولية أو تهريبها إلى قطاع غزة ولبنان والعراق واليمن.

- تعديل المسيّرات التجارية: تطوير المسيّرات التجارية وتعديلها لحمل أسلحة ومتفجرات وأجهزة استشعار متطورة.

- تطوير قدرات التصنيع المحلي: السعي إلى تطوير قدرات التصنيع المحلي للمسيّرات لتقليل الاعتماد على الاستيراد والتأثر بالحصار.

ادماجها في معركة الاسلحة المشتركة: دمج المسيّرات مع وسائل المقاومة القتالية الأخرى لتحقيق أقصى قدر من الفاعلية وإرباك الدفاعات الإسرائيلية.

- استخدام المسيّرات لتحديد الأهداف: استخدام المسيّرات للكشف عن مواقع الدبابات والآليات العسكرية وتحديد إحداثياتها بدقة لتوجيه الصواريخ المضادة للدروع وقذائف الهاون نحوها.

- شن هجمات متزامنة: شن هجمات متزامنة بالمسيّرات والصواريخ وقذائف الهاون لإرباك الدفاعات الإسرائيلية وزيادة فرص إصابة الأهداف.

الأداء:

- النجاح في ضوء الإمكانيات المحدودة: حققت المقاومة نجاحاً ملفتاً في استخدام المسيّرات في معركة طوفان الأقصى، وذلك رغم الإمكانيات المحدودة والحصار المفروض على قطاع غزة وعلى معظم دول محور المقاومة.

- التطور والتكيف: أظهرت المقاومة قدرة كبيرة على التطور والتكيف في استخدام المسيّرات، حيث طورت تكتيكات جديدة وحسنت من قدراتها التقنية خلال فترة قصيرة.

- إنتاج أسلحة فعالة بتكلفة منخفضة: أثبتت المقاومة قدرتها على إنتاج أسلحة فعالة باستخدام تقنيات متوفرة وبأسعار منخفضة، ما أعطاها ميزة كبيرة في مواجهة الجيش الإسرائيلي.

- الضغط على الكيان الاسرائيلي: نجحت المقاومة في استخدام المسيّرات لإحداث قلق وضغط على الجانب الإسرائيلي، سواء عبر استهداف المدنيين أو نشر صور ومقاطع فيديو للهجمات.

أثبت محور المقاومة في معركة طوفان الأقصى قدرته على التكيف والابتكار في استخدام المسيّرات كأداة قتالية فعالة. ومن المتوقع أن يستمر هذا التطور في المستقبل، ما سيُشكّل تحدياً كبيراً للكيان الإسرائيلي وسيُغيّر من موازين القوى في المنطقة.


المصدر: مركز دراسات غرب آسيا




روزنامة المحور