هز انفجار قوي ميناء جبل علي في دبي في الإمارات، مساء أمس، قيل ان "أسبابه لم تعرف بعد"، حيث أفاد سكان المنطقة والمناطق المجاورة للميناء باهتزاز منازلهم نتيجة قوة الانفجار. وفقًا للرواية الرسمية "انفجرت حاوية للشحن التجاري كانت على متن إحدى السفن الراسية على رصيف 14 في ميناء جبل علي في دبي، كانت حمولتها 130 حاوية ما تسبب بحريق كبير"، فيما أفادت فرق الدفاع المدني انها استطاعت السيطرة على الحريق الذي "لم يتسبب بوقوع ضحايا أو مصابين".
هذا الانفجار الذي أتى بتوقيت "مثير للجدل" ترتفع فيه وتيرة استهداف السفن في البحر الأحمر والتي غالبا ما تُسجل "ضد مجهول" من جهة، ومع ازدياد حدة الخلاف السعودي -الاماراتي من جهة أخرى طرح عدة أسئلة "مشروعة": ماذا لو كان استهداف الميناء عملًا امنيًا؟ وماذا لو كانت السعودية أو أطراف موالية لها وراء الحادث؟
تتفاوت المعلومات حول حجم الانفجار والاضرار التي خلّفها خاصة مع تمرّس دول الخليج في التعتيم الإعلامي وابعاد المعلومات "غير المرغوب فيها" عن النشر أو الوصول للصحفيين ووسائل الإعلام، حيث حاولت كلتا الدولتين طوال 30 سنة الماضية تقريبا ان تمايز نفسها عن غيرها من البلدان العربية من جهة استتباب الأمن والسيطرة على الثورات والتحركات للحفاظ على "هويتها الخليجية الجامعة".
بالمقابل فإن هناك عددا من الأطراف التي قد يخدم هذا الاستهداف مصالحها بطريقة أو بأخرى، خاصة مع تزايد الأحداث التي تشهدها المنطقة والتحولات الاستراتيجية من وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، وفوز السيد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية -الذي ينتمي إلى التيار المحافظ- واستمرار تقدم الجيش واللجان الشعبية في مأرب.
غير ان اللافت كان توقيت الانفجار الذي يأتي بالتزامن مع وصول الرياض وأبو ظبي إلى "طريق مسدود" على أكثر من صعيد كانت آخرها جلسة "أوبك" التي شهدت توترًا غير مسبوق في اللهجة بين الطرفين وعدم تنازل أي منهما للجانب الآخر مع إصرار الامارات على رغبتها في رفع خط الأساس النفطي الخاص بها ورفع انتاجها إلى 700 ألف برميل يوميا بشكل منفرد في ظل اتفاق روسي-سعودي على تمديد الاتفاق نهاية العام المقبل وزيادة الإنتاج 400 ألف برميل فقط اعتبارا من آب حتى كانون الأول.
تتطلع الامارات لزيادة استثماراتها النفطية ومشاريعها الاقتصادية ليس بين البلدين وحسب بل في المنطقة بشكل تراه "أكثر عدالة"، بعدما أمعنت السعودية خلال السنوات الماضية "باستنزاف" أبو ظبي سياسيا واقتصاديا من وجهة نظر الأخيرة. وضعت أبو ظبي الرياض في موقف محرج، خاصة في الأحداث التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة الماضية، خاصة في انسحابها من اليمن واستمرار دعمها للانتقالي إضافة لتسخير قدرتها في البلاد لتقديم الجزر اليمنية "هدايا حسن نيّة" لكيان الاحتلال الإسرائيلي. اليوم مع استهداف ميناء جبل علي الذي يعد من بين أكبر 10 موانئ للحاويات عالميًا لا يمكن لأحد من المتابعين استبعاد "الفرضية الأمنية" التي يجري العمل على استبعادها بشكل "مريب"، واعتبارها "رسالة" أمنية من احد الأطراف -التي تعلمه أبو ظبي جيدا- .
أهمية ميناء جبل علي
يُعد ميناء "جبل علي" أكبر ميناء في الشرق الأوسط، وقد حصل على جائزة أفضل ميناء في المنطقة لـ24 عاما متتالية، حيث تحوّل إلى بوابة العالم اللوجستية التي تربط الشرق بالغرب وهو الأكبر من جهة استيعاب خطوط الشحن الرئيسية بين سنغافورة وروتردام. حاز الميناء الذي تبلغ مساحته 47.1 كيلومتر مربع على المركز الأول إقليميًا والعاشر على صعيد العالم ضمن لائحة موانئ الحاويات بالنسبة لإنتاجية عام 2019.
يضم هذا الميناء أكبر حوض بحري مصنوع في العالم، وهو من أكثر الموانئ المتطورة تكنولوجيا في العالم، مع قدرة استيعابه للجيل الجديد من الناقلات النفطية الضخمة بسعة 20000 حاوية نمطية تقريبا و180 خطًا ملاحيا مرتبطة بـ150 ميناء حول العالم.
كما يحتوي على أحد أكبر مصانع الألومينيوم في الشرق الأوسط بالإضافة للعديد من المنشآت الضخمة الأخرى أهمها: محطة استقبال فضائي تابعة لشركات الاتصالات الإماراتية. كان لميناء جبل علي الذي تم تأسيسه عام 1979 -بناء على طلب الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم- دورًا كبيرًا في ارتقاء البلاد اقتصاديًا حتى بات باستطاعته استيعاب ما يزيد عن 22.4 مليون حاوية.
الكاتب: غرفة التحرير