الجمعة 06 كانون الاول , 2024 03:16

التضليل الأميركي والهجمات الإرهابية في سوريا

تلعب رسائل التضليل الأمريكية دورًا حاسمًا في تعزيز الاهداف الأمريكية والاسرائيلية في سوريا، وتشكيل السياق الذي تؤثر بها. وكعادتها تروّج وسائل الإعلامية والتصريحات الأمريكية الرسمية لمجموعة من الرسائل التضليلية التي تسعى من خلالها للنأي بالنفس عن ما يحصل في سوريا وتتهم سوريا وحلفائها (إيران وحزب الله وروسيا) بأنهم العامل الأساسي وراء صعود التحركات الإرهابية في المنطقة على الرغم أن هيئة تحرير الشام والتي كانت جبهة النصرة وانضمت إلى القاعدة منذ سنوات كانت مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.

لا بد من التذكير بما نشره موقع "ويكيليكس" منذ سنوات، إذ كشفت رسالة إلكترونية أرسلها جيك سوليفان عام 2012 وكان حينها مستشارًا سياسيًا لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في تلك الفترة، أن تنظيم القاعدة في سوريا يساعد ما وصف بـ"قوات المعارضة". وفي الوقت نفسه، تطرح الولايات المتحدة الأمريكية من جديد وتضغط لتطبيق قرار 2254، وتحفّز وجود المعارضة السورية مع تمييزها عن  المعارضة السورية المسلحة التي أصبحت تصفها وتؤكد على أنها إرهابية.

وفي هذه الورقة، الرسائل الأمريكية المضللة وتفنيدها لفهم الاستراتيجية الأمريكية الاسرائيلية في سوريا ولتوضيح المسار السياسي والعسكري التي تجهز له الولايات المتحدة من أجل تحقيق أهدافها.

الرسائل الأمريكية المضللة:

-قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان: "هيئة تحرير الشام  تصنفتها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية لذا، لدينا مخاوف حقيقية بشأن أهدافها". "في الوقت نفسه، بالطبع، لا نأسف بشأن حقيقة أن حكومة الأسد، بدعم من روسيا وإيران وحزب الله، تواجه أنواعًا معينة من الضغوط، لذا، فهو وضع معقد نراقبه عن كثب، ونظل على اتصال وثيق بالشركاء الإقليميين بشأنه".

-متمردون سوريون مصنفين بجماعات إرهابية يريدون استبدال حكومة الأسد بحكومة مستلهمة من المبادئ الإسلامية. (نيويورك تايمز – 2-12-2024)

-وفقًا لجيروم دريفون، محلل في مجموعة الأزمات الدولية: "لقد رأينا الآن نتيجة هذه الاحترافية المتزايدة على الأرض. كلما طال أمد وقف إطلاق النار، زادت فرصتهم لإعادة التنظيم، وهذا ما فعلوه بنجاح كبير".

-رغم أن تصريحات الجولاني العلنية تشير أحيانًا إلى أهداف أوسع نطاقًا (على سبيل المثال، "بهذه الروح... لن نصل إلى دمشق فحسب، بل إن القدس ستكون في انتظار وصولنا بإذن الله")، إلا أن الجماعة تركز يتمثل هدفها الأساسي في إقامة حكم إسلامي في سوريا من خلال "إسقاط النظام الإجرامي [الأسد] وطرد الميليشيات الإيرانية"(csis).

-العامل الحاسم الآخر في التقدم الجديد هو الوضع الجيوسياسي الأوسع والشعور بأن حلفاء الأسد مشتتون أو ضعفاء. فقد تم القضاء على حزب الله، وهو وكيل إيراني كان في السابق عنصراً حاسماً في قوات الأسد، بسبب العمليات الإسرائيلية في لبنان. وفي حين تظل روسيا لاعباً كبيراً ولن يتسامح بوتن مع الهزيمة في المنطقة، فإن قوات موسكو متورطة بلا شك في أوكرانيا (ذا غارديان – 2-12-2024)

-قالت دارين خليفة، الخبيرة في الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية، لصحيفة فاينانشال تايمز إن كل هذا الضعف والتشتت في حلفاء الأسد يمثل "فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر" للمتمردين.

-بيان السفارة الأمريكية في سوريا 3-12-2024: أود أن أشكر بشكل خاص السيد صلاح على جهوده وجهود الخوذ البيضاء لجذب انتباه العالم إلى الاستخدام المتكرر للأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري ضد شعبه.. انخرطت الحكومة السورية في حرب أهلية بدعم من إيران وروسيا وحزب الله. وقد انشغلت هذه الأطراف الثلاثة مؤخرًا بالصراعات في أماكن أخرى وأضعفتها ــ لذا فليس من المستغرب أن نرى أطرافًا في سوريا تحاول الاستفادة من ذلك على مدى الأيام القليلة الماضية ... رفض نظام الأسد المستمر للمشاركة في العملية السياسية المنصوص عليها في القرار 2254، واعتماده على روسيا وإيران، خلق الظروف المتكشفة.. سوف نواصل الدفاع عن الأفراد الأميركيين والمواقع العسكرية الأميركية وحمايتها بشكل كامل، وهو ما يظل ضروريا لضمان عدم تمكن داعش من الظهور مرة أخرى في سوريا... نحن نؤكد مجددا على دعوتنا لجميع الأطراف إلى الالتزام بمبادئ الحرية والكرامة والسلامة لجميع السوريين. ونحن نأمل أن تتمكن المعارضة السورية من لعب دور في ضمان هذه المبادئ... ويجب علينا أيضاً أن نجدد مطالبة هذا المجلس بعدم شن النظام لهجوم بالأسلحة الكيميائية، كما فعل أكثر من خمسين مرة على مدار هذا الصراع. ويجب علينا أن نستمر في محاسبة النظام وداعميه على هذه الأفعال الشنيعة.... لفترة طويلة للغاية، أعار نظام الأسد بلاده لحزب الله وغيره من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران بدلاً من الجلوس مع المعارضة. ودعمت روسيا تعنت الأسد، فعرقلت مراراً وتكراراً الأماكن التي يمكن أن تعقد فيها محادثات بوساطة الأمم المتحدة... مرة أخرى، ستدافع الولايات المتحدة عن الأفراد الأميركيين والمواقع العسكرية الأميركية في شمال شرق سوريا وتحميهم، وهو ما يظل ضروريا لضمان عدم عودة داعش إلى الظهور أبدا.

تفنيد الرسائل:

-التمهيد لعمل دبلوماسي أو عسكري من شأنه الدفع نحو انسحاب إيران وروسيا من سوريا واستبادلها بقوى اخرى  بحجّة منع التنظيمات الإرهابية من التمدد.

-تشكيل رأي عام محلي ودولي للضغط على سوريا وحلفاءها لتطبيق قرار 2254.

-تقويض الثقة بقرارات الرئيس بشار الاسد بحجة انه لم يستطيع الدفاع عن أراضيه من الهجمات الإرهابية بعد قتال دموي دام 11 سنة مع دعم روسي وإيراني.

-تبييض صفحة المعارضة السورية السياسية وتمييزها عن المعارضة المسلحة والتي سيستفاد منها في تطبيق قرار 2245.

-تبرير استباقي لدعم حجة النأي بالنفس لحادث إرهابي كبير قد يحصل في سوريا، والذي سيتهم به الرئيس بشار الأسد بعد تكرار التذكير والتنبيه باستخدام الرئيس للأسلحة الكيماوية.

-تعظيم خطر الهجمات المسلحة الإرهابية على سوريا من أجل التدخل واتخاذ خطوات سياسية وعسكرية تضّر بالنظام وحلفاءه، على الرغم من أن الجيش السوري يتصدى لهذه الهجمات بشكل طبيعي ودون الحاجة إلى الإسناد الغربي.

-تعطيل وتأجيل عملية إجلاء القوات الأمريكية من سوريا والعراق.

-تبرير الضربات العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة أو التي ستشنها لاحقًا داخل الاراضي السورية أو على مراكز الحلفاء في سوريا.

-التمهيد لعدم قبول وقف إطلق النار دون تطبيق القرارات والشروط الدولية.





روزنامة المحور