لم يكد يمر أسبوعين على زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الى فلسطين المحتلّة، حيث عقد مؤتمراً صحفياً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيت لحم، وحينها طالب عباس بجملة من الأمور من بينها انهاء احتلال "أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967" – بزعم الطرفان مبدأ "حل الدولتين"- حتى جاء رد بايدن على طلبات عباس بالقول "هذه أشياء تحتاج إلى السيد المسيح، صانع المعجزات كي يحققها"، ليواصل كيان الاحتلال تنفيذ مشاريع استيطانية جديدة تقضم مساحات من القدس والضفة الغربية المحتلّة.
في القدس
كشف موقع "تايمز أوف إسرائيل" العبري أن "هيئة تابعة لبلدية القدس، دفعت الاثنين الماضي بخطة مثيرة للجدل لإنشاء حي يهودي جديد" يمتد على جانبي الخط الأخضر ويربط بين المستوطنات اليهودية في شرق القدس وهي "جفعات همتوس" و"هار حوما". وفق المخطط يهدف الاحتلال لبناء 14 ألف وحدة استيطانية سكنية في منطقة تعرف باسم "القناة السفلى". الخطير في الحي أنه يقطع التواصل الجغرافي بين مناطق فلسطينية في القدس وأهمها أحياء "بيت صفافا" و"صور باهر"، كما يمنع التواصل الفلسطيني بين القدس المحتلة وبيت لحم.
ولفت الموقع الى أن هذا المخطط "يضر بحل الدولتين" موضحاً أن "الحكومة الإسرائيلية تعتبر مناطق القدس على جانبي الخط الأخضر جزءا من عاصمتها الموحدة، وتستخدم الجماعات القومية (الجماعات اليهودية ومنها المتطرفة) تلك السياسة للضغط من أجل بناء أحياء يهودية في شرق القدس التي ضمتها إسرائيل، من أجل إحباط إقامة دولة فلسطينية".
يزداد ضغط الجماعات المتطرفة المعروفة باسم "جماعات الهيكل" التي تشارك في سياسات حكومة الاحتلال ويتنامى تأثيرها داخل "الكنيست". فقد كشفت هذه الجماعات عن مخطط استيطاني تهويدي جديد لـ "توسيع باب المغاربة" ما يسمح باقتحام أوسع للمستوطنين عبر "ساحة البراق" بأعداد أكبر. وتسعى الجماعات المتطرفة لإزالة التلة الترابية والجسر الخشبي الذي يصل باب المغاربة من وسط "ساحة البراق" وبناء جسر آخر ثابت وواسع يتناسب مع زيادة أعداد المستوطنين المقتحمين، ومزخرف بالنقوش العبرية و"التوراتية". بالإضافة الى ذلك، تطالب "الجماعات" بزيادة ساعات الاقتحام من 4 ساعات صباحاً الى 10 ساعات يومياً وتضاف اليها ساعة أيضاً أيام "المناسبات".
يعرّض المخطط الذي نتج عن اجتماع بين مسؤولين في حكومة الاحتلال والأجهزة الأمنية وممثلين عن بلدية الاحتلال في القدس المحتلّة، جزءً من المسجد لخطر الهدم ويستهدف الآثار العربية والإسلامية وخاصة أن "باب المغاربة" يعود تاريخه الى العهدين الايوبي والمملوكي.
كذلك في "سلوان" (القدس) تخطط جمعية استيطانية لإقامة "معبد ومركز زوّار تراثي وسياحي" حول "يهود اليمن"، وتوصّلت حكومة الاحتلال لـ "اتفاق" مع جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية وممثلي اليهود اليمنيين للبدء بالتنفيذ. خصص مبلغ 5.4 مليون شيكل لتأسيس "المركز" ستدفع الحكومة 3 مليون منها وتبقى مليون ونصف على عاتق الجمعية الاستيطانية وداعميها. اللافت في هذا "المعبد" الجديد أنه يروّج لروايات تلمودية مضلّلة حسب ما تشير الأوساط الفلسطينية.
لا يخلُ "المركز" الاستيطاني من أبعاد أمنية لدى الاحتلال، فحسب المخطط، يتألف من 3 طوابق: الأول يحتوي على كنيس يهودي، والثاني يكون محطة للزوّار، فيما الثالث يشكّل نقطة للمراقبة الأمنية للاحتلال اذ يطل "المركز" على المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى والبلدة القديمة.
تعود فكرة المخطط، الذي سيسيطر على مساحة 5 دونمات و200 متر مربع من "حي الوسطى" في "حي بطن الهوى" في سلوان الى محاولات الاحتلال قبل 12 عاماً حين استولت جمعية استيطانية على منزل فلسطيني في البلدة بزعم أن الأرض تعود ملكيتها الى يهود من اليمن منذ العام 1881.
في الضفة الغربية
أمّا في رام الله، مركز السلطة الفلسطينية، يوسّع الاحتلال من مشاريعه وبؤره الاستيطانية على مساحة 258 دونماً من أراضي المدينة التي كانت مغلقة سابقاً أمام الفلسطينيين "لأغراض عسكرية" حسب الادعاءات الإسرائيلية. وصادق الاحتلال على توسيع مستوطنة "ميفوحورون" عبر إنشاء كتلة استيطانية على شكل هلال تلفّ المستوطنة من جهاتها الثلاث وتجرف أراضٍ زراعية فلسطينية. كما ذكرت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الأسبوع الماضي أن الاحتلال صادق على بناء 114 وحدة استيطانية جديدة على مساحة تقارب الـ 150 دونماً شرق رام الله.
ولفتت الهيئة الى أن إنشاء كتل استيطانية كبيرة يعدّ تنفيذاً صامتاً لمقررات "صفقة القرن" (التي أعترف من خلالها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان)، وهذا ما يتناقض مع "حل الدولتين" المزعوم من الإدارة الأمريكية الديموقراطية ومن السلطة الفلسطينية.
الكاتب: مروة ناصر