انتُخب نائب رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي خلفاً لرئيس الأركان الحالي أفيف كوخافي على أن يتسلّم مهمّته مطلع العام 2023. لكن اختياره جاء في فترة حساسة ومتوترة على مختلف الجبهات، فعند الجبهة الشمالية يرتفع احتمال تدحرج الأمور نحو تصعيد عسكري مع حزب الله على خلفية الغاز في البحر الأبيض المتوسّط. وفي الجبهة الجنوبية أثبت التصعيد الأخير مع الفصائل الفلسطينية تطوّر قدراتها وأدائها وجهوزيتها، وفي الضفة الغربية تتصاعد المقاومة الشعبية. أما في الجبهة الداخلية فتعود الأزمة السياسية الى الواجهة وتنعكس أيضاً على الجيش.
في مقاله في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية يستعرض يوآف زيتون (المراسل العسكري للصحيفة) هذه التحديات متسائلاً كيف سيعالجها هاليفي وهو "غير سياسي ابداً، ولا يتمتع بالكاريزما وطبيعته انطوائية"؟
المقال المترجم:
سيصبح رئيس الأركان، الذي يقتبس من كلمات الفلاسفة، الرئيس الثالث والعشرين لأركان جيش الدفاع الإسرائيلي. قبل 9 سنوات، عندما كان ضابطًا غير معروف نسبيًا في الجمهور الإسرائيلي، ظهر الجنرال هيرزي هاليفي على غلاف "نيويورك تايمز" الأمريكية، وكان قائد فرقة الجليل، وهو منصب يصلي فيه كل ضابط يقوده أن يمر بأمان، بعد صدمة صيف عام 2006 (حرب تموز مع حزب الله). وتوقعت الصحيفة الأمريكية في ذلك الوقت أن يكون هاليفي رئيس أركان، وبعد سنوات تحقق هذا التوقع. فقد أعلن وزير الدفاع بيني غانتس أنه اختار هاليفي، نائب رئيس الأركان حاليًا، خلفًا لرئيس الأركان المنتهية ولايته أفيف كوخافي.
يتسلّم هاليفي المنصب في إحدى أكثر الفترات توتراً على الجبهة الشمالية منذ حرب لبنان الثانية عندما هدد الأمين العام للتنظيم الشيعي (حزب الله) حسن نصر الله بمهاجمة إسرائيل في أعقاب الصراع مع لبنان على موارد الغاز في لبنان، ومؤخرا أرسلت طائرات بدون طيار معادية لمنصة غاز "كاريش".
في ساحة غزة، رغم الاستقرار النسبي في العام الماضي برعاية التنازلات الإسرائيلية للسكان المحليين، أثبت الشهر الماضي مدى هشاشة هذا الاستقرار خلال عملية "الفجر" ضد الجهاد الإسلامي. أما عند الحدود الشرقية مع الأردن، التي تم اختراقها ودون عوائق في عربة (الداخل المحتل)، هناك المزيد والمزيد من الأسلحة التي يتم تهريبها إلى إسرائيل والضفة الغربية. ومن سيناء، لا تتوقف محاولات تهريب المخدرات إلى إسرائيل، كل يوم تقريبًا، على الرغم من النجاح النسبي للجيش الإسرائيلي في كبح هذه الظاهرة. وفي الجولان المتفجر، يواجه الجيش الإسرائيلي محاولات متواصلة من قبل حزب الله والحرس الثوري الإيراني لإنشاء قاعدة أمامية ضد إسرائيل.
الى جانب كل هذا، سيكون هاليفي أحد الموقعين على الخطة الجديدة التي تصوغها القوات الجوية وقسم المخابرات لمهاجمة المنشآت النووية في إيران، وهو خيار يصبح أكثر واقعية مع مرور الأشهر والاتفاق المتجدد – الذي تعارضه إسرائيل بشدة - بين طهران والولايات المتحدة. مثل هذه الخطة، بالإضافة إلى أهمية نجاحها العملياتي، ستكلف جيش الدفاع الإسرائيلي مئات الملايين من الشواكل على أقل تقدير- حتى لو لم تؤتِ ثمارها - وسيتم تأمينها على حساب ميزانيات تشكيلات في الجيش.
يمكن أن نضيف إلى ذلك الظروف الافتتاحية السيئة التي سيقبل عليها هاليفي على غرار ظروف كوخافي: أزمة سياسية لا تنتهي ، مع حكومة جديدة - السيناريو الأكثر تفاؤلاً - ستبدأ ولايتها في فبراير ومارس. وبعد هذا الاستحقاق ستبدأ صياغة ميزانية الدولة والأمن. معنى ذلك أن هاليفي سيخسر السنة الأولى من ولايته فعلياً قبل أن يتمكن من صياغة خطة جديدة متعددة السنوات، حسب تصوره ونهجه. لكن التحدي الأكبر الذي سيواجهه هو حالة الانقسام المتفشية في المجتمع الإسرائيلي، فضلا عن أزمة شعبة القوى البشرية في الجيش، مع استمرار تخلي الجنود عن الوحدات القتالية.
هل سيعالج هاليفي الأمور مثل أسلافه؟ وقال أحد أصدقائه إنه "من الواضح لنا أنه إذا لم يرتكب أخطاء فسوف يذهب أبعد من ذلك"، إنه "غير سياسي ابداً، ولا يتمتع بالكاريزما وطبيعته انطوائية". وأضاف "هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها ضابط مرتبط بجذور الصهيونية الدينية إلى القمة حتى الآن".
المصدر: يديعوت أحرنوت
الكاتب: يوآف زيتون