صاغت الدبلوماسية السعودية بشكل دقيق مشروع عودتها إلى دورها السابق كقوة ناعمة إقليمية وازنة تسعى من خلالها إلى إعادة ترتيب أولوياتها وتنظيم مصالحها وفق مناخ السلم لا مناخ الحرب، والواضح أن القيادة السعودية قد رسمت استراتيجية من 3 دوائر: الأولى قريبة وتضم اليمن والسودان مع تقديم الملف اليمني على ما سواه، والاتجاه المتوقع أن تستمر اللقاءات السعودية مع حكومة صنعاء ويستمر التفاوض مع ابقاء على الهدنةريثما يتم انجاز صيغة ترضي الجميع. والثاني دائرة متوسطة تشمل دول الخليج العربية ومعظم الدول العربية وعلى رأسها العراق وسوريا لتخفيف ما تسميه النفوذ الإيراني. والثالثة هي الدائرة الواسعة التي يبدو أن السعودية ستتعاطى مع الدول المجاورة كزعيمة قطب تضع فيه إيران.
أصدر مركز دراسات غرب آسيا دراسة تحليل وضعية حول إطار التحول السعودي خلصت إلى أنّ السعودية ستضع الأولوية للعامل الاقتصادي في استعادة وبناء قوتها في المستقبل وطريقها إلى ذلك يبدأ بالصين والاتحاد الأوروبي وينتهي شرقًا.
المبررات
- الخوف من ردة فعل الجمهورية الإسلامية بعد المشاركة السعودية المكثفة في الحرب التركيبية على إيران والتدخل المباشر في الشؤون الداخلية الإيرانية دون تحقيق نتيجة.
- التخلي الأمريكي النسبي عن السعودية من ناحية حماية الأمنية والسياسية.
- تبدد قدرة السعودية على تأدية وظيفة الوكالة لصالح الأمريكي في المنطقة نتيجة الاستنزاف الاقتصادي والفشل السياسي والعسكري والأمني، وكذلك التغير الأيديولوجي والثقافي الجاري داخل السعودية.
- الصراع مع الولايات المتحدة على سوق النفط والغاز وتصادم المصالح الذي بدأ منذ عهد ترامب في هذا المجال.
- عدم وجود مشروع أمريكي فعال في منطقة غرب آسيا نتيجة الانكفاء العسكري وانتصار محور المقاومة في حروب سوريا والعراق واليمن والانشغال الأمريكي في شرق أوروبا وشرق آسيا، وتبدد الأمل بنجاح وانتصار التحالف الغربي-العربي في مواجهة محور المقاومة مستقبلاً.
- خروج دول المنطقة ككل من حالة التبعية المطلقة للولايات المتحدة الأمريكية وانخراطها في النظام الدولي المتعدد الأقطاب، ما يضعف النفوذ والهيمنة الأمريكية وبالتالي تراجع إمكانية الرهان على الأمريكي ومشاريعه.
- مراعاة التحول الداخلي الليبرالي بآثاره السياسية والنفسية والثقافية والاقتصادية بسياسة خارجية ملائمة.
الأهداف
- تخفيف المخاطر في المواجهة مع إيران بعد ظهور النتائج من التجارب المتكررة.
- تحسين النفوذ السعودي في دول المحور ومحاولة منع تشكل بنية صلبة في العلاقات البينية والداخلية للمحور.
- إعادة الانطلاق نحو القوة الاقتصادية والنفوذ الناعم واختراق الساحات التي كانت مغلقة خلال فترة النزاع الإقليمي.
- المحافظة على أمن ممرات توريد الطاقة وكذلك على بنية انتاج الطاقة التي تضررت بشكل كبير خلال حرب اليمن.
- الموازنة بين العلاقة مع الغرب والعلاقة مع الشرق لنيل أفضل المكتسبات الاقتصادية والأمنية وتحرر القرار السياسي.
السياسات
- تخفيف الاستنزاف في الميزانيات المتأتي من مصاريف المواجهة الإعلامية والأيديولوجية والاقتصادية مع محور المقاومة.
- ابتزاز الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تحسين العلاقات مع خصوم أمريكا الإقليميين ومنافسيها الدوليين.
- العمل لأجل المصالح السعودية المباشرة، وعدم تشبيكها بشكل بنيوي مع البرامج الأمريكية الأحادية الإتجاه.
- إدارة تنافس منضبط مع إيران في المنطقة، ومحاولة الدخول الى الساحة الإيرانية اقتصادياً والتشبيك لضبط النزاع.
- الانخراط في النظام الدولي التعددي للاستفادة من الفرص الاقتصادية والتوازن الأمني والتحرر النسبي من السيطرة الأحادية.
- الاستفادة من تأثيرات الحصار الأمريكي على بعض دول المحور لبناء نفوذ اقتصادي.
المصدر: مركز دراسات غرب آسيا