الثلاثاء 23 كانون الثاني , 2024 09:25

لماذا تستمر الحرب على غزة؟

نتنياهو واتخاذ القرار الحاسم

بعد مرور 108 أيام على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تصاعد الجدل الإسرائيلي بشأن استمرارها أو توقفها، وذلك بالأخذ بعين الاعتبار عدم تحقيق الأهداف المرسومة لها، وتخبّط جيش الاحتلال وقيادته السياسية في غزة، في سياق ذلك، قُتل 22 جندياً إسرائيلياً بخان يونس ليلة أمس، ووصفت الصحف العبرية الضربة القوية التي تلقاها الاحتلال ب"أصعب أيام الحرب". كما يتعرّض الكيان إلى ضغوطات سياسية داخلية وخارجية والتي تفاقمت مؤخراً، من خلال المواقف الأميركية والاحتجاجات الشعبية، يطرح في هذا الإطار، سؤالين: ماهي أبرز العوامل الداعية إلى استمرار الحرب؟ وفي المقابل ما هي العوامل التي تستدعي توقفها؟ سنستعرض هذه العوامل المؤثرة على عملية اتخاذ القرار الإسرائيلي والتي تؤرّق نتنياهو وحكومته بشكل يومي دون القدرة على اتخاذ قرار حاسم.

عوامل استمرار الحرب:

- مصالح نتنياهو: مرتبط بقدرته على تحقيق الإجماع السياسي والشعبي، ولا يزال يمتلك نسبة معقولة منه، لكن الجدير بالذكر، أن الخلافات السياسية داخل الحكومة وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة مثل حديث الصحف العبرية عن احتمالية التشابك بالأيدي، وتهديد وزير الحرب باستدعاء لواء غولاني ليقتحم مجلس الوزراء.

- الأمل في خان يونس: بحسب التجربة ليس لديهم وقت طويل ويتوقعون تحقيق إنجاز وصورة نصر هناك في أقرب وقت ممكن.

- إغلاق الحدود مع مصر: حاجة ومطلب ضروري استراتيجي بالنسبة للجميع بما يضمن المستقبل الأمني للكيان.

- قلق الكابينت من الفشل: إجماع سابق، وانقسام حالي حول أولوية تحرير الأسرى، ويمثّل غانتس وايزنكوت عامل ضغط أميركي مكافئ لضغط اليمين والمستوطنين ونتنياهو وغالانت، في هذا الإطار يتراشق أعضاء الكابينت مسؤوليات الإخفاقات والخسائر والتخبط بالقرارات وانسداد الأفق.

- ضغط اليمين الإسرائيلي: استمرار الحرب بحد ذاته مفيد نسبياً، ولو لم يتضمن احتلال غزة مع محاولة توريط للجيش في مسار الاحتلال الكامل.

- ضغط مستوطني الغلاف: حيث إنهم يريدون تحقيق درجة تامّة من الأمن، وإطلاق الصواريخ يعيدهم إلى النقطة صفر.

- حجم الخسائر لدى الجيش: يدفعه نحو استكمال الحرب بوتيرة مختلفة وسحب القوات من أزقة وأحياء القطاع.

عوامل وقف الحرب:

- الموقف الأميركي في تعجيل الحسم: يريد الأميركي من الاحتلال أن يحقق إنجاز في قطاع غزة ويغلق هامش المناورة للمقاومة في المنطقة، لكنه يرى أن هناك تأخيراً كبيراً في العملية. على الرغم من التنسيق الأميركي الإسرائيلي من خلال الغرفة المشتركة يتعرض الأميركي أيضاً لضغوط داخلية وخارجية تجعله بالتالي يستخدم نفوذه السياسي على الإسرائيلي، فالانتخابات الأميركية تقترب، وتأثير المجازر على شعبية بايدن يتزايد، لذا هو يريد تخفيف الضغط على المدنيين، والوصول إلى حل سياسي لصالح الاحتلال.

- خسائر الجيش: تراكم خسائر الجيش في الآليات والجنود يصل إلى حدود تهديد بانقلاب نتائج الحرب لصالح المقاومة، لناحية ميزان الخسائر البشرية تبعاً لدرجة التحمّل لدى المجتمع الإسرائيلي (يستند جيش الاحتلال على مرونة المجتمع الإسرائيلي)، ولذلك يسعى الجيش لتخفيف انغماسه في القطاع.

- ضغط النازحين: مع مرور الوقت يزداد اعتراض النازحين على تأخر القيادة السياسية في تحقيق مستوى الأمن الذي يرونه ضرورياً لعودتهم إلى الغلاف والجليل، وبالتالي يدفع ذلك باتجاهين، الأول ضرورة الحسم السريع غير المتوفر حالياً، وبالتالي البحث عن مخرج سياسي وتوازن ردع ومعالجة اجتماعية تنهي مسار تراكم الضغط.

- ضغط الاقتصاد: تراكم تكاليف الحرب وما تشكله من أزمات اقتصادية في مختلف القطاعات الاقتصادية وزيادة في الأسعار وتدهور الأسواق، بالإضافة إلى الحصار اليمني، مثلاً إغلاق باب المندب يشكّل زيادة بنسبة 50% في كلفة الشحن من آسيا إلى "إسرائيل".

- الانقسام الداخلي: خوف نتنياهو من إسقاطه وتفكيك الكابينت والذهاب إلى حكومة بديلة، قد يدفعه إلى إيجاد نقطة وسط بين الفريقين اليميني والأميركي، لكن حتى الآن فكرة تشكيل حكومة لا يقودها والتي قام زعماء حزب المعارضة باقتراحها لم تحظ بالقبول. في هذا السياق أجرت القناة 13 العبرية استطلاع رأي جديد حول الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة الإسرائيلية وكانت النتائج كالتالي: - بيني غانتس 48% مقابل نتنياهو 30% - غادي آيزنكوت 45% مقابل نتنياهو 32% - يائير لابيد 36% مقابل نتنياهو 41%. ومن الجدير بالذكر، أن يوم السبت الماضي شهد احتشاداً لآلاف الإسرائيليين في ميدان بوسط تل أبيب، للاحتجاج على حكومة نتانياهو وسوء إدارتها للحرب ومطالبين برحيل الحكومة "الآن".

لعبة الخيارات الصعبة أمام تفاقم في الأيام والأسابيع القادمة، تضع نتنياهو أمام معضلة اتخاذ قرار استمرار الحرب أو وقف الحرب، وبين هذين الخيارين يجد نفسه أمام مستقبل سياسي غامض، وضغوطات أميركية تبتغي الحسم السريع، في ظل وضع ميداني متدهور، وأصوات داخلية سياسية وشعبية معارِضة، وصورة نصر مشوّهة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور