الأحد 18 شباط , 2024 07:41

ثلاثة مسارات يديرها نتنياهو...كيف يتكيّف معها؟

بنيامين نتنياهو

ثلاثة مسارات تواجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الحفاظ على القاعدة الشعبية، إدارة الصراعات الداخلية، احتواء الموقف الأميركي. يحاول نتنياهو التكييف مع هذه المسارات وإدارتها، فهو يعلم أن المزاج الشعبي ليس في صالحه بحسب استطلاعات الرأي الدورية، والتي تشير أيضاً إلى تدهور نسب حصول اليمين المتطرّف على الأكثرية لتشكيل حكومة في أي انتخابات مقبلة، مما يزيد من حدّة التنافس الداخلي على منصب رئاسة الوزراء. يسعى نتنياهو إلى توظيف هذه الصراعات لصالحه، أو بالحد الأدنى منع تأثير هذه التوترات الداخلية على مستقبله السياسي. في حين يحاول احتواء الضغط الأميركي ليحافظ على شرعيته السياسية. سنتحدّث في هذا المقال عن هذه المسارات الثلاثة وكيفية تعامل نتنياهو معها.

الحفاظ على القاعدة الشعبية

 تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية الى الآن أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يعد المرغوب في إدارة البلاد وتظهر نتائج الاستطلاعات أنّ المزاج العام يتجه نحو بيني غانتس. في حين أن الورقة التي يناور عليها اليوم بنيامين نتنياهو بالدرجة الأولى، هي صفقة الاسرى، لكي يعاود اكتساب الزخم الشعبي له، وإذ يرى في الصفقة أنها المفتاح الأول لاستمراريته في الحياة السياسية، وفيما تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية للإفراج عن الاسرى يخوض رئيس الوزراء الإسرائيلي لعبة توازن دقيق بين أمرين: الاول الإفراج عن الاسرى والثاني كسر حركة حماس وعدم إعطائها الأفضلية في هذه الصفقة.

يحاول نتنياهو تضليل الرَّأي العام الإسرائيلي، وإطالة أمد العدوان، للتهرب من استحقاقات مرحلة ما بعد العدوان والتنصل من تحمل مسؤولية نتائج فشل الحرب، بالإضافة الى المحافظة على وجوده السياسي والتهرب من المساءلة والمحاكمة وهذا ما تؤكده مواقف نتنياهو من الصفقة، حيث يظهر متناقضا عبر الوعود الكاذبة ومأزق الداخل، اذ يعتبر أنه لن يوافق على أي صفقة مع "حماس" بأي ثمن.. ويعد أهالي الاسرى في الوقت نفسه أنه ماضٍ في بذل الجهود لتحرير الاسرى.

إدارة الصراعات الداخلية

فيما يتصاعد غضب الرأي العام بشأن الأسرى، يحرص نتنياهو على إبقاء حلفائه من اليمين المتطرف إلى جانبه، رغم تهديداتهم بالانسحاب، وتعيش الحكومة أوضاعاً صعبة خاصة أنّ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يهدد الحكومة، في حين هدد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير أن الاتفاق يعد صفقة متهورة ستؤدى إلى تفكيك الحكومة في حين قال زعيم المعارضة يائير لابيد أن حزبه "يش عتيد" من يسار الوسط سيدخل إلى الحكومة لإنقاذ الائتلاف وصفقة الاسرى إذا انسحب بن غفير، تتكشف هذه الانقسامات العميقة بشكل دوري في المستوى السياسي لدى الكيان، كما يبرز هنا كيف يسير رئيس الحكومة، بين توجهين الأول المتمثل في حكومة اليمين المتطرف، والثاني المتمثل في المعارضة، ولكل من منهما اعتبارات معينة على الرغم من الاتفاق حول النتائج المطلوبة لهذه الحرب الا أنّ الخلاف يقع بـ "كيفية إدارة هذه الخلافات".

يمارس نتنياهو لعبة توازن دقيقة في تعاطيه مع المستوى السياسي، إذ يقوم بتوظيف الصراعات والتوترات الداخلية لصالحه، عبر تقديم تنازلات تراعي كل الأطراف، لكن منضبطة وفق مصالحه الخاصة.

احتواء الموقف الأميركي

يحاول بنيامين نتنياهو احتواء الضغط الأميركي، بالاستفادة من كسب الوقت في تحقيق الأهداف الأميركية-الإسرائيلية المشتركة في القضاء على حركة حماس، أو تقويض قدراتها بالحد الأدنى، فيلجأ للمناورة ما بين الحل السياسي الذي يطمح إليه الأميركي والحل العسكري الذي يعمل عليه. وفي حين يكثر الحديث عن خلافات بين رئيس الحكومة والإدارة الأميركية، الا أنّ الخلافات ليست جوهرية انما على كيفية سير العملية، واليات تطبيقها، بحيث أن الضغط الأميركي يركز على اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية. في حين يستثمر نتنياهو هذا المسار السياسي في استكمال العمل العسكري ومحاولة الخروج بإنجاز داخلي وخارجي.

يعيش كيان الاحتلال تخبّط في المستوى السياسي وفي اتخاذ القرارات، ويعاني من الصراعات الحاصلة بين الأطراف، وعلى رأس الهرم يأتي نتنياهو المدرك التام لهذه الصراعات محاولاً المراوغة والتماهي مع الجميع، لكن يبقى عدم تفكك مجلس الحرب في ظل بدايات عملية رفح تحدٍّ خطير يهدد تماسك السلطة السياسية والعسكرية. من هنا تأتي التساؤلات حول كيفية تفاعل المسارات الثلاثة بالتوازي مع عملية رفح حين يتم البدء في تنفيذها، وكيف ستؤثر على اليوم التالي للحرب وعلى مستقبل نتنياهو السياسي؟


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور