اعتاد العالم على مختلف أنواع الانتهاكات والعنصرية والازدواجية التي يمارسها العالم الغربي بحق الشعوب، خاصة الإسلامية منها، بعد تاريخ من الحروب الصليبية التي أسست لحقد شمولي أعمى، غذّته الظروف التي سمحت للدول الغربية بترسيخ هيمنتها لمدى عقود. إلا ان "الاستباحة" التي تمارسها السويد، في استغلال "الاسلاموفوبيا" كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية ودولية، فاق التوقعات، بعد أن أصبح حرق القرآن الكريم، "طقساً" يكفله القانون.
أقدم سلوان موميكا -وهو متطرف من أصول عراقية- على احراق نسخة من القرآن أمام السفارة العراقية في ستوكهولم، على الرغم من التحذيرات والتنديدات الدولية التي سبقت هذه الجريمة والتي وصلت إلى حد احراق السفارة السويدية في العراق وطرد السفير.
تزعم السلطات السويدية بأن لا علم لها بنوايا موميكا، على الرغم من أنه قد أقدم على ارتكاب هذه الجريمة الشهر الماضي.
الواقع، انه لا يمكن سلخ هذه الجريمة عن امتدادها بظاهرة الاسلاموفوبيا التي تظهر، وبشكل ممنهج، في السلوك الاجتماعي والخطاب الإعلامي والثقافي والأكاديمي في الدول الغربية، والتي تنتج استهدافاً متكرراً لمقدسات المسلمين وتعتدي على القرآن والحجاب والمساجد، إضافة للقيم والمعتقدات.
وإذا ما أردنا تفسير الدوافع والأسباب الكامنة وراء هذه الكراهية، يأتي تاريخ السويد بنصب العداء للإسلام، ثم ظاهرة "الاسلاموفوبيا"، في المقدمة. إذ تغذي هذه الظاهرة مؤسسات فاعلة، ذات ثقل مالي وسياسي ومتطرفون وجدوا في صعود قوى اليمين في السنوات الأخيرة، بيئة خصبة، مثل حزب "ديمقراطيو السويد"، الحزب المناهض للهجرة والمهاجم للمهاجرين من أصول مسلمة، والذي حل في المركز الثاني في الانتخابات السويدية الأخيرة.
اللافت، ان "غيرة" السويد على ضمان "حرية الرأي والتعبير"، والتي توفر المساحة لارتكاب مثل هذه الجرائم، لا تشمل التعرض للمثليين مثلا، او الاقدام على حرق العلم الخاص بهم، "ستعتبر بمثابة جريمة كراهية فئة اجتماعية عانت من الاضطهاد لعقود طويلة، وبالتالي حرق علم المثلية يحمل في طياته جريمة كراهية ولا يمكن منح تصريح تظاهر لفعل ذلك"، على حد تعبير الكاتب السويدي "إيفيد لارسون".
لا ينحصر الاعتداء الصريح على المسلمين بحرق القرآن. بل ان الامعان في انتهاك حقوق المسلمين وابتزازهم وصل إلى حد اختطاف أطفالهم، بذريعة القلق على مستقبلهم اذا ما تربوا عند عائلة مسلمة.
وفقاً لقانون "رعاية الشباب"، الذي صدر عام 1990، والذي يمنح العاملين في مؤسسة الشؤون الاجتماعية سلطةَ إبعاد الأطفال قسراً عن ذويهم، تقوم مؤسسة السوسيال بخطف الأطفال المسلمين من المستشفيات ودور الحضانة والمدراس، وإعطاؤهم لأسر أخرى غير مسلمة، بل وإعطاؤهم لزوجين مثليين جنسياً يرغبون بالتبني.
وتقول الطبيبة السويدية ويستربرغ، ان "سحب الأطفال من أمهاتهم عمل تجاري كبير جدا في السويد". مشيرة إلى ان "دور الحضانة تحصل على الكثير من المال من مؤسسات الخدمات الاجتماعية. موضحة: "عندما تتبنى طفلًا في منزلك، فستحصل شهرياً على 25 ألف كرونا سويدية (نحو 2520 دولاراً أميركياً)، كما لا يتوجب عليك أن تدفع أي ضرائب عن هذا المبلغ".
وأضافت أن "الكثير من الأشخاص المرضى وغير المؤهلين نفسياً أو جسدياً، يتبنون طفلين أو 3، ليجمعوا دخلًا ماديًا لا يملكه سوى عدد قليل جدًا من الأشخاص في السويد".
لا يأتي سماح السويد بارتكاب هذه الجرائم على أراضيها صدفة. وبعيداً عن شعارات حرية الرأي، توظف ستوكهولم هذه الحوادث لإيصال رسائل سياسية وكبح جماح الهجرة أيضاً. ويأتي في هذا الاطار، حرق القرآن اما السفارة التركية منذ أشهر، بعد عرقلة الأخيرة لانضمام السويد إلى حلف الناتو.