في ظل عجز الكيان عن تثبيت مواقع تمركز لقواته في قرى الحافة الأمامية، لجأ إلى خطوة عسكرية لافتة تمثّلت في سحب معظم قواته من المناطق الحدودية، وعاد إلى نقاط تبعد عدة مئات الأمتار داخل الأراضي الفلسطينية. فيما قامت المقاومة بتعقّب هذه القوات بالقصف الصاروخي والمدفعي وبالقذائف الموجّهة.
الجيش الإسرائيلي ينسحب من القرى الحدودية ونتنياهو يهرب من المطلة
بعد أسبوع من المعارك العنيفة، سحب جيش الاحتلال الإسرائيلي قوّاته، أمس، بشكل كامل، من الأحياء الجنوبية لبلدة الخيام، وتراجعت غالبية القوات إلى داخل الأراضي المحتلة، خلف السياج الحدودي. وفي عيتا الشعب، بعد مواجهات شهدتها أطراف البلدة، بين جيش الاحتلال والمقاومين، تراجعت القوات الإسرائيلية من الحارة الغربية، بعد تدمير منازلها بشكل شبه كامل، ورغم ذلك لم تتمكّن قوات العدو من الوصول إلى حيّ أبو لبن والأحياء الداخلية في البلدة. إلى ذلك، رُصدت تحشّدات لقوات العدو وآلياته في أطراف يارون ومارون الرأس، لناحية مستوطنة أفيفيم وموقع الحدب باتجاه بلدة عين إبل. حيث يبدو متوقّعاً أن تحاول قوات العدو التوغّل من عين إبل باتجاه حيّ المسلخ في أطراف بنت جبيل الغربية، إضافة إلى التوغل من اتجاه يارون ومارون الرأس، كما فعلت عند بداية التوغل البري.
ومع هروب قوات الاحتلال عن معظم القرى الحدودية، عادت المقاومة إلى استهدافها داخل المستوطنات والمواقع الحدودية، بالصواريخ الموجّهة. ويوم أمس، استهدف المقاومون دبّابة ميركافا عند بوابة المطلّة، بصاروخ موجّه، ما أدّى إلى احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح. كما استهدفوا بصاروخ موجّه جنوداً كانوا يحاولون استحداث غرفة قيادة في مستوطنة المطلّة. وكشف المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، أنه "قبل 20 دقيقة من زيارة نتنياهو للمطلة، انفجرت طائرة بدون طيار"، ما دفعه إلى تغيير وجهته. في حين ردّ مكتب نتنياهو، بالقول إن الأخير "لم يطلب إلغاء زيارته إلى المطلة بل العكس هو الصحيح، فرئيس الوزراء يسعى مراراً وتكراراً للوصول إلى عمق المنطقة، بينما تمنعه قوات الأمن".
كذلك، تابعت المقاومة استهداف تجمّعات ومواقع تحشّد قوات العدو، عند أطراف القرى الحدودية وعلى طول المستوطنات، إضافة الى مستوطنات وقواعد عسكرية في عمق الشمال المحتلّ. وتابعت المقاومة استهداف المستوطنات التي كانت أمرت بإخلائها، ومنها مستوطنتا كتسرين ونطوفا نيمرا.
وفي موازاة ذلك، كثّفت المقاومة استهدافها قواعد ومواقع عسكرية في العمق الإسرائيلي. حيث استهدفت، أمس، قاعدة زوفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا بصلية صاروخية. بالإضافة إلى استهداف قاعدة "بيت ليد" التابعة لقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي (تحوي معسكرات تدريب تابعة للواء ناحال ولواء المظليين)، شرقي مدينة نتانيا المُحتلّة، بصلية من الصواريخ النوعيّة، وقد أصابت أهدافها بدقّة. كذلك، شنّت المُقاومة هجوماً جوياً بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة "إلياكيم" (تحوي معسكرات تدريب تتبع لقيادة المنطقة الشماليّة في جيش العدو الإسرائيلي) جنوبي مدينة حيفا المُحتلّة، وأصابت أهدافها بدقّة. واستهدفت، للمرّة الأولى، قاعدة حيفا التقنيّة (وهي قاعدة تتبع لسلاح الجو الإسرائيلي، وتحوي كليّة تدريب لإعداد تقنيي سلاح الجو) في مدينة حيفا المُحتلّة، بصلية من الصواريخ النوعيّة.
يشير تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه "بعد شهر من المواجهة البرية، لم تنجح خمس فرق عسكرية إسرائيلية مع لواء احتياط في التقدم والتمركز في الجنوب اللبناني. والحديث يدور حول أكثر من خمسين ألف جندي، أي ثلاثة أضعاف الجنود الذين شاركوا في حرب تموز 2006. ورغم القوة النارية التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي واستعماله سلاح الجو، فقد فشل في احتلال ولو قرية واحدة في الجنوب اللبناني". وعزا الفشل الى "نجاعة التكتيك الميداني الذكي الذي ينتهجه حزب الله، ويقوم على تتبع مجريات الحرب على عدد من خطوط الدفاع التي تشمل خطوطاً ثابتة وأخرى متحركة ومجهزة بشتى أنواع القذائف التي تقنص المدرعات والدبابات والجنود الإسرائيليين بشكل دقيق. كما أن حزب الله يستخدم تقنية الاختفاء، حيث لا يرصد الجيش الإسرائيلي في الغالب مصادر النار التي تفاجئه، وتفشل خططه في التقدم حتى الآن، كما أن سلاح الجو الإسرائيلي لا ينفع مع قوات متخفية في مناطق صعبة جغرافياً، لذلك يلجأ إلى ضرب البنى التحتية والمدنيين".
وأشار إلى "أن فشل الجيش في التقدم ناجم عن صعوبة رسم خريطة دقيقة لتمركز قوات حزب الله، حيث يفاجأ عند كل تقدم بكثافة نارية رهيبة. وما يزيد من خطورة التقدم، المسيّرات الصغيرة التي لا يمكن مواجهتها".
وفي مقابلة أجرتها الصحيفة مع العقيد احتياط في الجيش الإسرائيلي جاك نيريا، وهو ضابط استخبارات من أصل لبناني عمل في ملفات لبنان منذ عام 1978 وكان مستشاراً لرئيس وزراء إسرائيل إسحق رابين، يلفت نيريا إلى أن مقاتلي حزب الله "يسمحون للجيش الإسرائيلي بالتقدم تمهيداً لمهاجمته وإيقاعه في كمائن، وهذا أسوأ سيناريو تتعرّض له القوات الإسرائيلية بما فيها قوات النخبة مثل غولاني وباقي قوات الكوماندوس".
وأضاف أن كلفة أيّ تقدم للجيش "وخاصة البشرية منها ستكون مرتفعة وربما أكثر من حصيلة قتلى الجيش الإسرائيلي طوال الحروب التي خاضها منذ أواخر الأربعينيّات حتى طوفان الأقصى. لذلك، سيدخل الجيش الإسرائيلي في مأزق حربي إذا ما تقدم وسيكون أمام سيناريو رهيب".
مركز "علما": مقتل 54 اسرائيليا بسبب هجمات حزب الله في تشرين الأول
أصدر مركز علما للدراسات تقريرا يلخص هجمات حزب الله ضد إسرائيل خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2024.
وقال المركز إنه في تشرين الاول 2024، بدأ الجيش الاسرائيلي عملية برية محدودة في جنوب لبنان على طول الحدود بهدف تحديد وتدمير البنية التحتية الهجومية لحزب الله ومنع قدرته على اختراق الحدود من قبل قوة رضوان والوحدات الاخرى.
وأشار المركز إلى زيادة كبيرة في عدد الهجمات "شهد شهر تشرين الاول زيادة ملحوظة في الهجمات التي نفذها حزب الله ضد إسرائيل، حيث تم تسجيل 1,158 هجوماً مقارنة بمتوسط شهري قدره 270 هجومًا حتى الآن... وتبنى حزب الله المسؤولية عن 694 من هذه الهجمات".
وأضاف المركز انه "منذ 8 تشرين الاول 2023، بدأ حزب الله في استهداف إسرائيل بمتوسط شهري بلغ 270 هجومًا، لكن في تشرين الاول 2024، بلغ عدد الهجمات أربعة أضعاف هذا المتوسط".
وفيما يتعلق بالضحايا والخسائر، قال المركز: "منذ بداية تشرين الاول 2024، قُتل 54 شخصاً نتيجة لهجمات حزب الله، منهم 40 جندياً إسرائيلياً و10 مدنيين إسرائيليين، بالإضافة إلى 4 عمال أجانب".
وفيما بخصّ "توسيع مدى النيران"، أشار المركز إلى أن "54% من الهجمات استهدفت المناطق القريبة من الحدود على مسافة تصل إلى 5 كيلومترات، بينما شهدت المناطق الأبعد (أكثر من 5 كيلومترات) 296 هجوماً في أكتوبر مقارنة بـ160 في أيلول/سبتمبر و45 في آب/أغسطس.
وقال المركز إن "هذا التوسع في نطاق وقوة الهجمات يأتي رداً على العمليات الهجومية التي ينفذها الجيش الاسرائيلي في لبنان".
وذكر المركز أن "السلاح الأساسي المستخدم من قبل حزب الله هو الصواريخ. وقد سُجلت على الأقل 2,291 عملية إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة اخترقت الحدود خلال شهر أكتوبر. بالإضافة إلى ذلك، هناك العشرات من الهجمات الصاروخية الأخرى التي لم تُحسب ضمن هذا العدد".
وأشار إلى أن الطائرات المسيرة تلعب دوراً رئيسياً في دعم رواية "صورة النصر" وتكتيك الاستنزاف الذي يعتمد عليه حزب الله، لافتاً إلى أن "طائرة مسيرة واحدة تخترق الأجواء يمكن أن تدخل مئات الآلاف من المستوطنين في الملاجئ وتستنزف منظومات الدفاع الجوي".
الكاتب: غرفة التحرير