الإثنين 11 أيلول , 2023 12:19

لعبة أمريكية مزدوجة في دير الزور

ابراهيم الهفل شيخ عشيرة العكيدات في سوريا

في الماضي القريب، عندما اكتسب الحوار بين أنقرة ودمشق زخمًا قبل الانتخابات التركية، كان التركيز السوري على وحدة أراضي سوريا. دار النقاش حول إزالة منظمة حزب العمال الكردستاني - وبالتالي الولايات المتحدة - من شرق الفرات. واقترحت أنقرة: "أنتم تنظفون شرق الفرات، وسنعتني بالغرب". ردت الولايات المتحدة على هذا الاتفاق بخطوة مختلفة. زار كبار القادة الأمريكيين معسكرات الإرهابيين في سوريا. وتم التوصل إلى اتفاقات بشأن العبور بين شمال العراق وشمال سوريا. وعرضت الإدارة الأمريكية على أنقرة اتفاقًا لعبت فيه على وتر عدم الانسحاب التركي من سوريا الذي تريده أنقرة ويرفضه الأسد، والحفاظ على نفوذها هناك، كانت الولايات المتحدة تهدف إلى السيطرة على شمال سوريا والعراق، وإقامة وجود دائم في المنطقة، وقطع الخط اللوجستي بين طهران ودمشق.

 ثارت القبائل العربية في دير الزور، التي كانت تعمل تحت رعاية قوات سوريا الديمقراطية بدعم من الولايات المتحدة، ضد قيادتها الكردية. وبينما أعلنت الولايات المتحدة دعمها لقسد، امتنعت عن التدخل هذه المرة، واقتصرت على دور الوسيط، لأنها لا تريد أن تخسر العشائر العربية. في حين يعمل الجانب الأمريكي وقسد في تحركاتهم على أساس أن محور دمشق-طهران هو من حرّض القبائل العربية. في المقابل، تدعم أنقرة العشائر العربية من خلال الجيش الوطني المكوّن بغالبيته العظمى من العرب الذين انتفضوا ضدّ قسد. ووصف الرئيس أردوغان الانتفاضة بأنها "نضال كريم من أجل الشرف". وقال وزير الخارجية التركي حقّان فيدان إن "الاشتباكات في دير الزور ليست سوى البداية".

لا يزال الوضع الأمني في دير الزور قلقًاً على الرغم من وقف الاشتباكات، خصوصًا أن أبناء العشائر شعروا بالانكسار نتيجة خسارتهم أمام قسد مع وجود أعداد كبيرة من المقاتلين الذين ألقوا السلاح حاليًا، إلا أنهم يشعرون بالانتقام والثأر بسبب العدد الكبير من القتلى بين أبناء العشائر. في كل قرية من قرى ريف دير الزور، إذ يعتبر هؤلاء أنّ "البيانات لا تردّ أي حق". وعن سبب وجود قتلى عرب في صفوف "قسد"، لفتت وسائل إعلام قريبة من المسلحين، الى أن "أكثر من 70 %من المقاتلين بصفوف قسد من العرب بسبب تجنيدهم الإجباري، أو من خلال شراء الذمم".

بدورها قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون سوريا إيثان غولدريتش والميجور جنرال جويل بي فويل، الذي يرأس قوات التحالف، التقيا بزعماء القبائل العربية و "قادة قسد" واتفقا على "معالجة المظالم المحلية" و "وقف تصعيد العنف في أقرب وقت ممكن وتجنب وقوع إصابات". وأكدت مصادر ميدانية لوكالة يونيوز، أن واشنطن أرسلت قبل يومين، عربات عسكرية أمريكية قامت بالكشف عن الطريق الرابط بين قرى ريف دير الزور الشمالي والتي شهدت اشتباكات بين قسد ومسلحين موالين لعشائر عربية، دون معرفة الغرض الرئيس لوجود هذه القوات.

يعد الرئيس الامريكي جو بايدن - والذي يحتاج |إلى إنجاز بأسرع وقت ممكن - صاحب مشروع التقسيم في العراق وسوريا، فهو يعتبر أن من مصلحة الولايات المتحدة أن تكون هذه الدول فيدرالية وليس دولاً مركزية، ويصرّ على إعادة الانتشار في شرق الفرات السوري، امتدادًاً لما فعله ترامب حينما أعاد التموضع وتجميع القوات الامريكية في هذه المنطقة تحت ذرائع دعم قسد والعشائر والاقليات الاخرى. وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أكد أن الاحتلال الأميركي يمارس لعبة مزدوجة من خلال دعم تركيا وقسد، لافتًا إلى أن السياسات الأميركية المتناقضة ظاهرياً أصبحت مكشوفة لدى الجميع وهدفها الرئيسي هو إضعاف الدولة السورية.

إلى ذلك، الأكيد أنّ للسويداء وما يحصل داخلها من احتجاجات وعدم استقرار، خاصية في المشروع الأمريكي الإسرائيلي، بالإضافة إلى فكرة فتح قواعد امريكية جديدة في المنطقة بحجة فض الاشتباكات الدائرة حاليًا، لكنّ الهدف الاساس هو قطع طريق البوكمال بحسب مصادر امنية وسياسية عدة.


الكاتب:

زينب عقيل

- ماستر بحثي في علوم الإعلام والاتصال.

- دبلوم صحافة.

- دبلوم علوم اجتماعية. 




روزنامة المحور