كشف مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون النقل ناصر الأسدي، أنه من المتوقع إنجاز أول خط للسكة الحديدية مع الجمهورية الإسلامية في إيران، خلال 18 شهراً تقريباً، بسبب قصر المسافة ما بين البصرة جنوبي العراق وشلمجة الإيرانية، والتي لا تتجاوز الـ 32 كيلومتراً.
وفيما يتعلق بانتشار الألغام في المنطقة الحدودية، والتي تعود إلى فترة حرب صدام على إيران (1980-1988)، فقد أوضح الأسدي بأن العمل جار لتطهير المنطقة، قبل بدء العمل بالإنشاءات. مشيراً إلى أن خط السكة الحديدية سيقلل من مخاطر وقوع حوادث السير في مواسم الزيارات الدينية، وسيسمح للعراق بالاستفادة ماليا من مبيعات تذاكر السفر.
هذا المشروع هو الذي قام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ونائب الرئيس الإيراني محمد مخبر بوضع حجر الأساس له، في الـ 2 من أيلول / سبتمبر الجاري. ويفترض بهذا المشروع بشكل رئيسي، أن يسهل نقل ملايين زوار العتبات المقدسة في العراق، القادمين من إيران ومن باكستان وأفغانستان والهند وغيرها من الدول الآسيوية.
محاولات للعرقلة
وقد عمدت بعض الأطراف داخل العراق – بتحريض أمريكي مباشر أو غير مباشر – الى إثارة البلبلة حول هذا المشروع، في سعي منها لمحاولة عرقلة البدء بتنفيذه، لما له من تأثيرات سلبية على الإدارة الأمريكية ومصالحها في المنطقة.
وانطلقت هذه الأطراف من ذريعة أن المشروع سيلحق أضراراً بالمصالح الوطنية والسيادة العراقية (وقد خصّوا بذلك مشروع ميناء الفاو الذي لطالما حُورب من الداخل العراقي بسبب تأثيره السلبي على العديد من الدول العربية المجاورة). إلا أن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي قام بالردّ على هؤلاء، كاشفاً بأن الحكومة لم تقدم على وضع حجر الأساس للمشروع إلا بعد إجرائها دراسة لجدواه الاقتصادية، وبعد أن لاحظت ضمان عدم مس مثل هذه المشاريع لسيادة البلد.
أهمية المشروع وتأثيراته على العراق
ومن خلال استعراض تأثيرات المشروع وفوائده الجمّة، يمكن حينها معرفة مدى أهميته بالنسبة للعراق والمنطقة. وأبرز التأثيرات هي:
_ بداية العمل الجدي من أجل تحقيق طموح الربط السككي بين البلدين، وهو ما تحاول أمريكا دائماً منعه، لأنه سيضر بمصالحها بشكل رئيسي، ولأنها تخاف من أن يتم استثماره لإنجاز الربط السككي مع سورياً لاحقاً، ومن ثمّ لبنان. وعندها لن تكون أمام جادة طهران بيروت فقط (التي لا تستطيع التأثير عليها)، بل ستكون عندها أمام خط سكك حديد، سيكون قادراً على نقل الأفراد وربما أيضاً البضائع، من إيران وصولاً الى لبنان وسواحل البحر الأبيض المتوسط. كما سيساهم هذا المشروع في دفع تحقيق مشروع طريق التنمية العراقي، وتطوير شبكة المواصلات الذي تأخر العمل على تحقيقه سنوات.
_ سيؤمن هذا المشروع خلق فرص عمل جديدة في العراق، وسيخلق أيضاً فرصاً استثمارية على الصعيد السياحي والتجاري، من خلال مشاريع إقامة أسواق وفنادق ومطاعم وغيرها من القطاعات المرتبطة بمجال السياحة والسفر. كما سيؤدي هذا المشروع الى قفزة كبيرة للغاية في زيادة المبادلات التجارية ما بين البلدين إلى حدود 30 مليار يورو.
_ هذا الخط سيساعد العراق وربما لاحقاً سوريا ولبنان، على يكونوا جزءاً أساسياً من مشروع الصين الاستراتيجي "حزام وطريق". كما سيتيح الامكانية لربطه مستقبلاً بمشروع ممر الشمال والجنوب بين روسيا والهند، وتأمين وصلة النقل مع منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط أيضاً.
وقد كشف وزير الطرق والتنمية العمرانية الإيراني مهرداد بذرباش منذ مدّة، عن وجود اتفاق مع الدولة السورية للربط السككي بين طهران ودمشق، مضيفا بأن بلاده تضع مهمة تشكيل تحالف ثلاثي بمشاركة إيران والعراق وسوريا على جدول أعمالها.