يعود الوجود العسكري الأمريكي المباشر في منطقة الشرق الأوسط إلى حرب الخليج الثانية في 1991/1992، والتي قادت من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا دوليًا "لصد العدوان العراقي على الكويت وفق قولهم، لتحتفظ فيما بعد بعدد من القواعد العسكرية في المنطقة. هذه القواعد مثّلت ركائز للانتشار الأمريكي في منطقة الخليج خصوصًا، وفى الشرق الأوسط عمومًا، خاصة مع وجود منطقة القيادة المركزية في المحيط الهندي، وانتشار عدد من حاملات الطائرات الأمريكية في المحيط.
وبينما ينتشر أكثر من 200 ألف جندي أمريكي خارج بلادهم، يتمركز ما بين 60 إلى 70 ألف جندي في منطقة الشرق الأوسط، وذلك نتيجة لعدد القواعد العسكرية الكبير والمتواجدة في منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها قاعدة "العديد" في قطر.
قاعدة العديد
تبعد هذه القاعدة حوالي 30 كلم عن جنوب غرب العاصمة القطرية "الدوحة". وتعتبر أهم قاعدة عسكرية أمريكية في منطقة الخليج الفارسي، إضافة إلى كونها أكبر قاعدة جوية خارج الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تضم أطول مدرج ومهبط طائرات في الخليج بطول يصل لنحو 12 ألف قدم والذي يستوعب 120 طائرة تقريبًا.
وبعد أحداث 11 أيلول 2001، طلبت المملكة السعودية من الأمريكان مغادرة البلاد خوفًا من حدوث أي عامل مشابه في المملكة، ما دفعهم إلى البحث عن قاعدة بديلة فعملوا بالاتفاق مع قطر على تأسيس قاعدة "العديد" عام 1991 بتكلفة ما يقارب مليار دولار، وتم بدء العمل بها سريًا من قبل أمريكا في العام 2001 وذلك في الحرب على أفغانستان، وفي العام 2013 تم تجديد اتفاق التعاون بين البلدين لمدة عشر سنوات جديدة أي حتى عام 2023.
وتضم القاعدة حوالي 10 آلاف جندي أمريكي، كما تمثل أهمية بالغة في إطار استراتيجية الانتشار العسكري الأمريكي في الخارج، كونها مقر القيادة الوسطى الأمريكية، ومقر مركز القوات الجوية المشتركة، ومقر قيادة العمليات الخاصة الأمريكية الوسطى، فضلًا عن كونها مركزًا مشتركًا للعمليات الجوية والفضائية والجناح 379 مشاة.
إضافة إلى ذلك تضم قاعدة العديد قاذفات B1، قاذفات بعيدة المدى مثل B52، طائرات استطلاع وطائرات التموين بالوقود في الجو الى جانب وحدات دعم واسناد ومخازن أسلحة وذخيرة.
أهمية قاعدة العديد
في عهد الرئيس دونالد ترامب، توترت الأوضاع بين قطر وأمريكا ما طرح إمكانية انتقال القاعدة إلى دولة عربية أخرى، وجاء ذلك بعد وقوف الرئيس الأمريكي السابق في صف السعودية والإمارات ضد قطر والذي غرد على حسابه على تويتر -بتغريدة صبت الزيت على النار- "خلال رحلتي الأخيرة في الشرق الأوسط قلت إنه لا يمكن أن يستمر تمويل الايدولوجية المتطرفة، وأشار القادة إلى قطر". ليسارع البنتاغون ويعمل على تهدئة الأوضاع من خلال الإشادة بـ "التزام قطر المستمر بالأمن القومي".
وتأتي أهمية قاعدة العديد كونها توفر مزايا استراتيجية للولايات المتحدة من بينها "السماح للقوات الجوية الاميركية بهبوط قاذفات بي-52 التي تستخدم في الغارات الجوية على سوريا"، إضافة الى الظروف التي توفرها للجيش الأميركي والتي لا يمكن له أن يحصل عليها في أي مكان آخر في دول الخليج.
هذا فيما يخص أمريكا، أما بالنسبة للقطر فتظهر أهمية هذه القاعدة بما أشار اليه المستشار السابق للجيش القطري اندرياس كريغ إلى أن "الاميركيين يستطيعون توفير شيء لقطر لا يمكن لأحد آخر توفيره" في معرض حديثه عن الأمن الذي توفره القاعدة لقطر من خصومها في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن من بين الذين عملوا في القاعدة منذ افتتاحها العلني في الـ 2005، وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس والذي شغل منصب قائد القيادة الأمريكية المركزية.
الكاتب: غرفة التحرير