الخميس 09 تشرين ثاني , 2023 03:20

المقاومة يقظة في مفاوضات الهدنة: تكتيك إسرائيلي أميركي لإفراغ غزة!

كيان الاحتلال يستهدف مستشفيات غزة

كثرت خلال الساعات الماضية الأنباء عن قرب التوصل "لهدنة إنسانية" في قطاع غزة، على الرغم من الصعوبات التي تحيط بالمفاوضات الجارية بوساطة قطرية مصرية، وتأتي في مقدمتها التعنت الإسرائيلي في محاولة لاستغلال الكارثة الإنسانية في القطاع. وبما أن إدخال المعدات الطبية والوقود إلى المستشفيات يأتي في مقدمة البنود المطروحة على الطاولة، هناك عدد كبير من الملابسات حول النوايا الأميركية الإسرائيلية التي يختصرها إصرارهم على تفريغ المستشفيات الفلسطينية ونقل الجرحى إلى مستشفيات عائمة والاستجابة الفرنسية السريعة بإرسال حاملات طائرات لهذا الغرض، وهو ما يشي بأن المشروع الذي يُحضر قد يأخذ طابعاً استخباراتياً عسكرياً، خاصة وأن هذه المقترحات "الإنسانية" الغربية-الإسرائيلية تأتي بالتوازي مع استمرار استهداف المستشفيات والأطقم الطبية.   

ثمة من يعوّل على الهدنة باعتبارها أحد المداخل التي من الممكن أن تتحول إلى وقف إطلاق النار مع استمرار تمديدها كما جرت العادة. إلا ان المغاير هذه المرة، الرغبة الإسرائيلية الأميركية باعتبار الهدنة أحد تكتيكات الحرب. اذ أن الأهداف الأميركية المعلنة لا تزال قائمة. بالنسبة للجانب الإسرائيلي فالخلاف بات واضحاً بين المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي مبني على رغبة "القيادة العسكرية" بألا تكون الهدنة سبباً لتوقف العمليات العسكرية خاصة وان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يترصّد الفرصة المناسبة ليتمسّك بها ويجعلها تبصر النور والتي تقوم بأساسها على وقف الحرب.  

تُجمع مختلف الأطراف على ضرورة الاتفاق على الهدنة، لكن الخلاف قائم على طبيعة ما ستحققه في النهاية. من ناحية أخرى، فإن الشكوك التي تضعها المقاومة الفلسطينية حول الطروحات المُقدَّمة تجعلها أكثر حذراً في الموافقة على أي بند لم يأخذ بعين الاعتبار الخطوط الحمراء التي وضعتها، وأولها إجبار الجرحى على مغادرة القطاع لتلقي العلاج وبالتالي اجبارهم على النزوح.

يحتل بند الافراج عن الأسرى لدى المقاومة الأولوية لدى كل من واشنطن والكيان. وهو الأمر الذي أبدت حماس استعدادها للسير به منذ البداية وفق مسار محدد يقوم على إطلاق جميع الاسرى المدنيين والأجانب والبحث ايضاً في موضوع الاسرى مزدوجي الجنسية مقابل وادخال المساعدات وتحديداً الوقود ووقف إطلاق النار، لتحقيق الظروف المناسبة لنقل الاسرى وضمان حياتهم. أما الاسرى العسكريين فهذا مرهون بإطلاق كل الاسرى الفلسطينيين الـ 7500 وفي مقدمهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات "وجميع القادة، بحسب المعلومات الواردة.

كما تأخذ المستشفيات حيّزاً مهماً من النقاشات. وهذا ما يتعلق بطبيعة الهدنة، التي بدأ يصفها البعض على أنها "وقت مستقطع لطريق إنساني" لإدخال الوقود لأن لا إمكانية لذلك تحت القصف، على ألا تكون حاجز أمام استكمال العمليات العسكرية الإسرائيلية فور انتهائها.

خلال الأيام القليلة الماضية، رصدت تحركات غربية أميركية ترجمت خلال المفاوضات وبوصول عدد من المستشفيات العائمة إلى قبالة الشواطئ الفلسطينية المحتلة أو انشاء منطقة آمنة في رفح ليتم ترحيل الجرحى بعدها إلى سيناء ويقود هذه الرؤية السفير الأميركي ديفيد ساترفيلد الذين عينوه مبعوثاً خاصاً للقضايا الإنسانية. وتتلخص مخاوف المقاومة في القطاع من عدة أمور:

-الرغبة في إخلاء المستشفيات من الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات العائمة ثم قصفها وبالتالي تقليل عدد الضحايا. وقد كانت في مقدمة الواصلين حاملة طائرات فرنسية "تونير"، فيما أبدت إيطاليا استعدادها.

-استغلال الأزمة الطبية والصحية في القطاع، لاستقدام مستشفيات ميدانية، هي في الحقيقة مجموعات تجسس واستخبارات. وللمفارقة أن الامارات التي كانت قد تورطت بإرسال فريق طبي إلى القطاع عام 2014، الذي هرب بعدما اكتشفت المقاومة الفلسطينية مهمته الأساسية، تعود اليوم وتقترح خيار المستشفيات الميدانية وقد قامت بإرسال عدد من الطائرات، حطت في الأراضي المحتلة خلال اليومين الماضيين.

بالنسبة للمقاومة الفلسطينية، التي لا تزال تمسك بأوراق قوة تستطيع بها فرض خطوطها الحمراء، أكدت على رفضها نقل الجرحى إلى خارج قطاع غزة، خاصة وأنها تمتلك مستشفيات مؤهلة وكوادر طبية قادرة، وهي تعاني من نقص الوقود والمعدات.


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور