الإثنين 15 آذار , 2021 07:15

أدوات وأهداف الحرب الناعمة

الحرب الناعمة
أشار قائد الثورة الإسلاميّة، الامام السيد علي الخامنئي، الى أنّه من أهمّ استراتيجيّات العدوّ ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة هي استراتيجيّة الحرب الناعمة. واستخدم السيد الخامنئي هذا المطلح للمرة الأولى في لقاء مع طلاب الجامعات في العام 2009. فماذا تعرف عن الحرب الناعمة؟

تُعرّف الحرب الناعمة في مقابل الحرب الصلبة، وتشمل كافّة الإجراءات والتدابير النفسيّة، الدعائيّة، الإعلاميّة والثقافيّة التي تستهدف مجتمعًا وجماعةً ما، وتقوم بجرّ الخصم إلى حالة انفعالٍ أو هزيمة دون اللجوء إلى الإشتباك العسكريّ أو استخدام العنف.

ومن التعاريف الرائجة أيضاً: "الحرب الناعمة عبارة عن مجموعة من التحوّلات المؤدّية إلى تغيّراتٍ في الهويّة الثقافيّة والنماذج السلوكيّة المقبولة من قِبل النظام السياسيّ".

وقد أشار قائد الثورة الإسلاميّة، الامام السيد علي الخامنئي، الى أنّه من أهمّ استراتيجيّات العدوّ ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة هي استراتيجيّة الحرب الناعمة. واستخدم السيد الخامنئي هذا المطلح للمرة الأولى في لقاء مع طلاب الجامعات في العام 2009.

وقد عرّفها الامام الخامنئي خلال خطبه وكلماته على النحو الاتي:
- الحرب الناعمة، هي غزوٌ ثقافيّ، بل هي إغارة وإبادة ثقافيّة عامّة.
-هي حرب الإرادات والعزائم، السياسات والآراء.
-الحرب الناعمة يعني إيجاد الترديد والشكّ في قلوب وأذهان الناس.
-الحرب الناعمة يعني الحرب بواسطة الأدوات الثقافيّة والمتطوّرة المعاصرة.
-الحرب الناعمة، يعني الحرب عن طريق الاختراق، الكذب ونشر الشائعات.
-الحرب الناعمة يعني الهجوم على الحدود الإيمانيّة، العقائديّة والثقافيّة.
-هي حربٌ لإحباط الناس من النضال.

وأشار مكتب نشر آثار السيد الخامنئي الى تعريف للحرب الناعمة وهو "الحرب الناعمة، يعني الحرب بواسطة الأدوات الثقافيّة". 

وبالعودة الى نشأة هذا المصطلح، ففي العام 1990 نشرت مجلة «فورن أفيرز» foreign affairs الأميركية مقالأ للمنظر الاميركي جوزيف ناي استخدم فيه مصطلح "قوة الاستتباع غير القهرية co-optive power " ثم طوّره لاحقاً فأصبح القوة الناعمة. 

عرّف ناي القوة الناعمة "أنها القدرة على الجذب لا عن طريق الإرغام والقهر والتهديد العسكري والضغط الإقتصادي، ولا عن طريق دفع الرشاوى وتقديم الأموال لشراء التأييد والموالاة، كما كان يجري في الاستراتيجيات التقليدية الأميركية، بل عن طريق الجاذبية، وجعل الآخرين يريدون ما تريد".

 وأشار ناي الى مصطلح القوة الناعمة في كتابه «مقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيّرة للقوة الأميركية» الصادر عام 1990. ثم طوّره في كتاب آخر عام 2004 بعنوان «القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية".

ويرفض ناي "مقولة إنّ أفول الولايات المتحدة الأميركية أمر لا مفرّ منه، لأنّ جاذبية الولايات المتحدة الأميركية أصبحت أقوى من أيّ وقت مضى بسبب تكنولوجيا المعلومات".

ميشال فوكوياما Michel Foucault أيضاً عرّف القوة الناعمة قائلاً أنها "إجبار وإلزام غير مباشرين وسجال عقلي وقيمي يهدف إلى التأثير على الرأي العام في داخل الدولة وخارجها".

بدوره، كارل فريدريك Carl Friedrich Gauss يقول في تعريف القوة الناعمة إنّ «القوة هي في إنشاء علاقة تبعية بين طرفين يستطيع من خلاله الطرف الأول أن يجعل الطـرف الثاني يفعل ما يريد أيّ التصرف بطريقة تضيف إلى مصالح مالك القوة". فيما قال روبرت دال إنّ القوة هي: "القدرة على حمل الآخرين على القيام بما لم يرغبوا في فعله".

وأشار الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني جينتاو عام 2007 عن حاجة الصين إلى زيادة قوتها الناعمة. فيما اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عام 2013 أنّ روسيا بدأت "بالسيطرة على أدوات القوة الناعمة في وقت متأخرٍ كثيراً عن شركائها الذين اخترعوا تلك الأدوات". 

من جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت غيتس أمام اعضاء الكونغرس عام 2007 ، الحاجة إلى تعزيز القوة الناعمة الأميركية عن طريق "زيادة الإنفاق على الأدوات المدنية من الأمن القومي بالدبلوماسية، والاتصالات الاستراتيجية، وتقديم المساعدة الأجنبية، وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية".

وفي سياق الحرب الناعمة التي تمارسها الادارة الاميركية ضد محور المقاومة، أكد «معهد واشنطن» على موقعه الإلكتروني أنّ الولايات المتحدة الأميركية «أنفقت مبالغ كبيرة لتعزيز قدرة الحكومة اللبنانية، حيث خصّصت أكثر من 600 مليون دولار كمساعدة أمنية و500 مليون دولار إضافية لبرامج المساعدة المدنية منذ عام 2006 . 

وأعلن السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان كشف أمام الكونغرس"أنّ حكومته أنفقت 500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله".

يقول المستشار في برامج الأمن الدولية سيث جونز (Seth G. Jones) في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "إنّ إيران انخرطت في حرب ناعمة مع الولايات المتحدة، وتستخدم وسائل رسمية وغير رسمية للتأثير على السكان في جميع أنحاء العالم، وقد وسعت حملتها الإعلامية باستخدام البث الإذاعي والمراكز الثقافية والجامعات والمؤسسات الخيرية في جمهورية إيران الإسلامية".

ومن أهم أدوات الحرب الناعمة الحرب الإلكترونيّة، القنوات التلفزيونيّة والإذاعيّة، المواقع الخبرية والاعلامية، شبكة الفضاء الإفتراضيّ، وموارد أخرى كذلك.

مصادر:
-ناي، جوزيف، القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية، العليكان، ترجمة محمد توفيق البجيرمي.  
-علي ، محمد الحاج حسن، الحرب الناعمة الأسس النظرية والتطبيقية، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية العتبة العباسية المقدسة.
-مطر، حسام، ما بعد القتال، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت. 
-شارب، جين، من الديكتاتورية الى الديموقراطية إطار تصوري للتحرر، مؤسسة ألبيرت أينشتاين، ترجمة خالد عمر.


الكاتب:

د. محمد شمص

-إعلامي وباحث سياسي.

- استاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية.

-دكتوراه في الفلسفة وعلم الكلام.

- مدير موقع الخنادق الالكتروني. 

[email protected]




روزنامة المحور