تترقب الأنظار ما آلت إليه جهود الوساطة للتوصل إلى اتفاق هدنة "قابلة للتمديد" والتي ستسعى مختلف الدول أن تؤسس لوقف إطلاق نار. وعلى الرغم من مماطلة كيان الاحتلال و "خلافات اللحظة الأخيرة"، لا ضجيج يعلو فوق الإنجاز الذي حققته المقاومة الفلسطينية بفرض الهدنة بشروط مدروسة، تحقق خلالها جزء من أهداف يوم 7 أكتوبر المجيد، بإطلاق سراح عدد من الأسرى، وهو الأمر الذي وصفته صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية: "حيلة السنوار تؤتي ثمارها بينما يكرر القادة الإسرائيليون الأخطاء".
مع بدء العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، أعلن رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو عن هدفين من الحرب: "تصفية حماس وتدمير قدراتها العسكرية وإنهاء وجودها والقيام بكل ما يمكن لإعادة المختطفين". مؤكداً على أن "كل عناصر حماس سيموتون فوق الأرض وتحت الأرض، داخل غزة وخارجها". لكن ما جرى لم يكن كما أرادت الرياح الإسرائيلية لها أن تكون. حيث عاد نتنياهو ليحدّث الوسطاء في الجلسات المغلقة عن رغبته "بهذه الصفقة".
بدأ المسؤولون الإسرائيليون يتنازلون عن أهدافهم "غير القابلة للتحقق" بحسب ما ترجمته العمليات الميدانية للمقاومة الفلسطينية. وبينما كانوا يتوعدون حتى الأمس القريب بالقضاء على حماس، اضطروا اليوم للموافقة على 6 ساعات يومياً دون تحليق الطيران المسير فوق القطاع.
ووفقاً للمعلومات الواردة عن اتفاق الهدنة، ستفرج المقاومة عن 50 امرأة وطفلاً مقابل 150 من النساء والأطفال أسيراً في السجون الإسرائيلية. على أن تتم زيادة أعداد المفرج عنهم في مراحل لاحقة من تطبيق الاتفاق. كما ستسمح الهدنة بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية.
وفي تقييم لاتفاق الهدنة، اعتبر مسؤولون أميركيون أنه "لا نصر لإسرائيل مع بقاء حوالي 200 رهينة في قبضة حماس". مشيرين إلى أنه "سيكون من غير المألوف الاحتفال بأي انتصار بعد أن قتلت حماس 1500 شخص في7 أكتوبر".
في حين يرى البعض أن هناك محاذير أخرى تترصدها الإدارة الأميركية. وبحسب تقارير نقلتها وسائل إعلام غربية، فإن الولايات المتحدة "تشعر بالقلق إزاء احتمال أن يكشف الصحفيون عن مدى الدمار الإسرائيلي في غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت المتفق عليه، وفقا لمسؤول كبير في تقرير يلقي مزيدا من الضوء على حماية واشنطن لإسرائيل وروايتها". ويأتي اعتراف السلطات في واشنطن بهذه المخاوف في وقت يشيد فيه الكثيرون بحقيقة أنه على الرغم من أن إسرائيل قد تتمتع بالتفوق العسكري والتقني في غزوها الحالي لغزة، إلا أنها تخسر حرب المعلومات وتفشل في الحفاظ على الدعم على جبهة العلاقات العامة والرأي العام، حتى داخل الغرب.
على الرغم من الارتياح النسبي الذي ستشعر به عائلات الأسرى الإسرائيليين مع تنفيذ بنود الهدنة، تقع حكومة الاحتلال في مأزق كبير. فهي لم تستطع الوصول إليهم دون عقد هذا الاتفاق على الرغم من رفضها للتفاوض مع الحركة. إضافة إلى ذلك، فإن الانقسام الحاد الذي ترسخ بين الشارع الإسرائيلي من جهة والمستويين الأمني والعسكري من جهة أخرى سيترك أثره على المفاوضات التي من المتوقع أن تستمر.
وتنقل صحيفة يديعوت أحرنوت موقف الجبهة الداخلية من سلوك مسؤوليها معتبرة ان "نفس الحكومة المسؤولة عن أكبر فشل في تاريخ البلاد تدفع بالصفقة، التي تقول إنه ليس لديها خيار سوى قبولها". وتضيف "حتى لو كان أشخاص مثل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار، يقفون بالكامل وراء الصفقة، فليس من المؤكد أنه يمكن فصل مسؤوليتهم عن إحساسهم المبرر بالذنب".
الكاتب: غرفة التحرير