الخميس 21 كانون الاول , 2023 02:18

أمريكا تتورط مجددا في المنطقة من بوابة إسرائيل

صورة بايدن ودول محور المقاومة في غرب آسيا

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان المؤقت مستجدات غير مسبوقة لناحية درجة التورط الأمريكي في الحرب، والمشاركة في إدارة صناعة القرار بشكل مباشر من داخل الكابينت، ضمن هذا المسار تظهر العديد من المخاطر التي تهدد الولايات المتحدة إن كان بسبب درجة الانخراط الحالي أو الدخول في حرب موسّعة أو شاملة. لا يقتصر على تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة. بل يعني تأثر استراتيجية "التحول شرقاً" أيضاً، الاستراتيجية التي انتهجتها الولايات المتحدة منذ عام 2010، باتجاه منطقة الإندو-باسيفيك لمواجهة المنافسة الصينية هناك. واليوم، الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة تعيد واشنطن "عملياً" من جديد إلى منطقة غرب آسيا، وستعرّض الولايات المتحدة إلى كارثة استراتيجية واقتصادية.

كيف أدارت الولايات المتحدة الحرب؟

- السيادة الأمريكية على حكومة الحرب: حرص بايدن على وجود مخطط واضح للمواجهة مع حماس، ولرد الفعل على العملية بما يتناسب مع "الهيبة" الاسرائيلية المفقودة.

- تقديم المصلحة الأمريكية مع استمرار التّصعيد في غزة: تتزايد المخاوف الأميركيّة من اتّساع جغرافيا الحرب الحاليّة التي قد تقود الولايات المتّحدة في نهاية المطاف إلى الانزلاق إليها. فهذه المرة الأولى التي تخوض بها الإدارة الأميركيّة حرباً متعدّدة الجبهات، أي ضد الصين في المحيط الهادئ وضد روسيا في أوروبا وضد "الإرهاب" في جميع أنحاء العالم، وهو ما يشكّل عليها ضغطاً اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً غير مسبوق.

- المساعدات الأمريكية للكيان المؤقت: انخراط واشنطن بالحرب يعني أن تتحمل حصة الأسد في القتال وفي غالبية تكاليفها، نظراً للضعف العسكري النسبي الذي يعاني منه شركاء أمريكا الإقليميين والغربيين.

- دعم الإدارة الأمريكية للسرديات الإسرائيلية: ظهر في خطاب بايدن الأول بعد عملية طوفان الأقصى عاملي "الأدلجة" أي إضفاء الأيديولوجيا على موقف معيّن، و"الوجدنة"، حيث سيطرت على خطاب بايدن نزعة وجدانية مستغربة ومستهجنة في الخطابات السياسية الدولية وذلك بهدف تحقيق "الإيحاء" المطلوب للعصف العاطفي الأممي لدعم كيان الاحتلال.

ما هي النتائج العامة الاستراتيجية على الولايات المتحدة؟

من شأن مثل هذه الحرب أن تؤدي إلى مستويات جديدة دراماتيكية من التزامات الولايات المتحدة وتشابكاتها في المنطقة في وقت لم تعد فيه منطقة غرب آسيا تمثّل مسرحاً أساسياً للمصالح الأميركية. في هذا الإطار، رصدناً النتائج التالية:

- حرب الولايات المتحدة ستكون على حساب مكانتها العالمية ومصالحها الإقليمية. فمن الناحية الجيواستراتيجية، سترتفع حدة المنافسة الأمريكية الصينية الروسية وسيزداد استثمار الفرص من قِبل روسيا والصين في السوق العالمي أو كقوى في الشؤون الإقليمية والعالمية، وفق أستاذ كلية الدراسات العالمية، البروفسور فؤاد أيزدي. وضمن هذا المسار، ستقوّض الحكومة الصينية نقاط ضعفها في المنافسة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وقد تتجاوزها.

- هدفت واشنطن مع الانسحاب من أفغانستان إلى تخفيف الأعباء والكلفة وحماية القوات، مع الحفاظ على نتائج مقبولة بالحد الأدنى. وعودة التدخل والانخراط في الحرب يعني عودة تهديد هذه المصالح التي سعت واشنطن إلى تجنّبها وتفاديها عبر الانكفاء العسكري النسبي من المنطقة، والتعرض مجدداً للضغوط السابقة من كلفة واستنزاف وتحوّل الرأي العام الأميركي، وجدال أولويات حاجة البيت الأبيض إلى تحويل الموارد والتركيز على أوروبا وآسيا لمكافحة المنافسة الروسية وتنامي النفوذ الصيني.

- الحرب ستضر بالتحالفات الأمريكية الأوروبية التي لا مصلحة لها بزعزعة الوضع الأمني ​​في العراق نتيجة التصعيد الأوسع بين الولايات المتحدة وإيران، بما يعرض القوات الأوروبية (الناتو) للخطر.

-  يؤثر التدخل الأمريكي على إمدادات أوروبا من الطاقة التي لا تعتمد المصادر النفطية من روسيا بعد الحرب الأوكرانية وإنما من منطقة غرب آسيا، على حد تعبير البروفسور أيزدي. كما سيؤثر ذلك سلباً على مجريات الحرب الأوكرانية نتيجة تأثر دعم حرب أوكرانيا وتمويلها.

حالياً، يعمل الأمريكي ضمن هامش منع التصعيد، آخذًا بعين الاعتبار أن محور المقاومة لا يريد المواجهة مع الجيش الأمريكي والجيوش الغربية إلا في حالة الضرورة وانعدام الخيارات، وبذلك هو يقوم بعمليات ردعية بالقدر الذي لا يؤدي إلى الحرب، ويضغط بطرق مختلفة مستفيدًا من حذر محور المقاومة من الوصول إلى المواجهة الشاملة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور